النشرة الدولية –
النهار العربي –
يسود تخوف كبير في السودان من انتشار التصفيات العرقية واندلاع حرب قبلية بعد تداول مقاطع فيديو تظهر قتل والي ولاية غرب دارفور خميس أبكر والتمثيل بجثته، وسط هتافات عنصرية تهلل لمقتله وتصفه بـ”العبد”.
وبينما امتنع تنظيم التحالف السوداني الذي كان يقوده الوالي أبكر عن توجيه الاتهام إلى جهة معينة، مشيراً في بيان إلى ميليشيات لم يحدد هويتها، واعداً بإجراء تحقيق، تبادل طرفا الحرب الجارية الاتهامات بشأن اغتيال الوالي الذي تشهد ولايته أوضاعاً إنسانية صعبة إثر النزاع الذي اندلع في 15 نيسان (أبريل) بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و”قوات الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأصدر عدد من الأحزاب والتنظيمات السودانية بيانات نددت فيها بمقتل الوالي، وأشارت إلى أن الحادث سيؤدي إلى تعميق الهوة بين المكونات القبلية المتعايشة في إقليم دارفور.
وبحسب مراقبين، فإن ما تشهده ولاية غرب دارفور وعاصمتها الجنينة صار حرباً عرقية بين المكون العربي بكل قبائله والمكونات غير العربية، ومن المرجح أن هذا الأمر قابل للتمدد والانتشار في ولايات أخرى، لأنها تحتوي على التركيبة السكانية المتناحرة ذاتها في مدينة الجنينة الآن، ويمكن أن تشتعل بعود الثقاب نفسه الذي فجر الأوضاع فيها، وهو ما يعني انحدار الصراع إلى مستوى عميق من العنصرية والجهوية قد لا تملك الجهات المتصارعة (الجيش والدعم السريع) السيطرة عليه مستقبلاً، حتى ولو تم وقف الحرب المندلعة بينهما لأسباب سياسية.
جانب من الخراب في مدينة الجنينة في إقليم دارفو
حسابات الثأر والانتقام
وأكد الكاتب والمحلل الصحافي النور عادل أن “مقتل والي غرب دارفور الجنرال خميس أبكر المنحدر من قبيلة المساليت، يفتح الباب واسعاً ويصب الزيت على النار في وضع مشتعل أصلاً”.
وقال لـ”النهار العربي” إن “الجهة المنفذة للإعدام بهذه البشاعة أياً كانت فهي لا تدرك فداحة ما ارتكبت، فالأمر لن يقتصر على أهله وقبيلته التي لا بد من أن تحاول الثأر له، بل الأمر سيكون بمثابة تحول خطير في الصراع وإدخاله مرحلة تصفية الخصوم السياسيين والرؤساء وتعدي كل الخطوط الحمر في العمل العسكري الجاري الآن”.
وأضاف: “مقتل الوالي ومئات المواطنين في غضون يومين سيفتح الباب أكثر لاحتمال إعلان فشل النظام في السودان، ما يجعله دولة بلا حكومة، الأمر الذي لا بد من أن يؤدي إلى تدخل عسكري أممي أو أميركي يتبعه آخر روسي لحماية مصالح كل الأطراف الخارجية”.
وحذر عادل من مغبة ما حدث قائلاً: “لا أعتقد أن اغتيال الوالي سيمر عادياً في الحرب الدائرة الآن، والأمر قابل للتطور والاشتعال وإدخال جهات قبلية عديدة في هذا الصراع، حيث تنتشر معظم هذه القبائل والمكونات الإثنية في مختلف ولايات السودان، ومن الواضح أن العنوان المقبل للصراع: ليس هناك أحد آمن”.
ويخشى مراقبون من أن ما يحدث في الجنينة من تصفيات عرقية، قد يصيب حتى الكتل العسكرية المتناحرة في الخرطوم ومدن أخرى بالانقسام وفق أجندة عرقية، إذ إن الانتماء القبلي في السودان يعد أقوى بوضوح من الانتماء إلى مؤسسات الدولة المختلفة، وهو ما سيقود في نهاية المطاف الى إشعال حرب قبلية شاملة لا تفرق بين مدينة وأخرى، يتم الاصطفاف فيها خلف رايات القبيلة فقط، من دون الالتفات لأي شعارات سياسية أو تنظيمية أخرى.