“واشنطن بوست”: المملكة العربية السعودية ودول الخليج بدأوا إعادة تشكيل العالم
النشرة الدولية –
لبنان 24 – ترجمة رنا قرعة –
“إن فوجئت بالاستيلاء الفعلي للمملكة العربية السعودية على لعبة الغولف الاحترافية، فاستعد للعديد من الإعلانات المماثلة في الأشهر والسنوات المقبلة”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، التي كتبت” إن صعود المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، يعيد تشكيل الشرق الأوسط بالفعل، ولكن سيكون لهذه الخطوة أيضًا عواقب وخيمة في كل أنحاء العالم. اختبار سريع: ما هو الاقتصاد الكبير الأسرع نموًا في العالم العام الماضي؟ إذا اعتقدت أن الهند أو الصين هو الجواب، أو أي من النمور الآسيوية، فأنت مخطئ. الجواب هو المملكة العربية السعودية، التي سجلت نمواً بنسبة 8.7 في المائة. وسجلت الكويت والإمارات العربية المتحدة نموا كبيرا أيضا”.
وتابعت الصحيفة، “ما الذي يفسر هذا الازدهار؟ على الرغم مما يأمله الكثيرون، لا يزال العالم يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري. وأدت الحرب الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا إلى تقليص أهمية موسكو في أسواق النفط والغاز العالمية. بالإضافة إلى ذلك، تخضع دولتان من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، إيران وفنزويلا، للعقوبات ولديهما بنية تحتية نفطية قديمة ومتدهورة. وتنتج الولايات المتحدة الكثير من النفط والغاز لكنها لا تزال تستورد كميات كبيرة. نتيجة لذلك، يعتمد العالم الآن على عدد قليل من البلدان في الخليج الفارسي للحصول على إمدادات ثابتة من النفط والغاز”.
وأضافت الصحيفة، “من المرجح أن تستمر هذه الظروف خلال العقد المقبل، وإذا حدث ذلك، فسيشهد الخليج أكبر تدفقات للثروة في التاريخ. وبحسب ما ورد، فقد جمعت صناديق الثروة السيادية الأربعة الرئيسية لهذه البلدان ما يقرب من 3 تريليونات دولار من الأصول، بزيادة قدرها 42 في المائة على مدى العامين الماضيين. وتتوقع المملكة العربية السعودية أن يصل حجم أداتها الاستثمارية الرئيسية، صندوق الاستثمارات العامة، إلى أكثر من 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، مما يجعلها الأكبر في العالم. وفي المستقبل المنظور، ستكون هذه أهم تجمعات رأس المال على هذا الكوكب”.
وتابعت الصحيفة، “إن العواقب الاقتصادية لهذه الثروة تحيط بنا في كل مكان. فقد اشترت المملكة العربية السعودية، في الواقع، شركة الغولف المحترفة، وفي كانون الثاني، ذكرت بلومبرغ أن المملكة سعت لشراء امتياز سباقات الفورمولا 1 بأكثر من 20 مليار دولار. وربما أغرى مبلغ الـ200 مليون دولار سنوياً نجم كرة القدم الأكثر شهرة في العالم، كريستيانو رونالدو، باللعب مع أحد الفرق السعودية. وتقوم الأخيرة باستثمارات ضخمة في صناعة الألعاب عبر الإنترنت، على أمل أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال. حتى الفرق الرياضية المرموقة والفنادق الفاخرة في أوروبا والعلامات التجارية يديرها خليجيون. وكما قال أحد وزراء الخليج لكاتب المقال: “لقد عززنا البنية التحتية في بلادنا. وما نحصل عليه الآن هو استثمار نقدي”.”
وبحسب الصحيفة، “وساهمت هذه الزيادة في الثروة بتشكيل الشرق الأوسط. إن اللاعبين المهيمنين في المنطقة – مصر، العراق، سوريا – ولأسباب مختلفة، غير قادرين على لعب أدوار قيادية. والخليج هو مسرح العمل. وقد حققت المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، تحولًا استراتيجيًا ضخمًا في سياستها الخارجية. وشهد حكم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تطوراً منذ توليه زمام الأمور في المملكة. فقد أصلح العلاقات مع قطر والأردن، وأعاد العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وسعى للتوصل إلى اتفاق سلام في اليمن”.
وتابعت الصحيفة، “تعمل دول الخليج كلها على تعميق علاقاتها مع الصين، التي تعد الآن أكبر زبون في المنطقة. ففي عام 2001، كانت تجارة المملكة العربية السعودية مع المملكة الوسطى تزيد قليلاً عن 4 مليارات دولار، أي حوالي عُشر تجارتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. أما في عام 2021، فبلغت حوالي 87 مليار دولار، أي أكثر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين. وتنمو العلاقات الاقتصادية بسرعة، حتى أن صحيفة “واشنطن بوست” أفادت بأن الصين استأنفت بناء منشأة عسكرية في الإمارات العربية المتحدة”.
وأضافت الصحيفة، “إن السعودية والخليج لا يسعيان للطلاق مع الولايات المتحدة، لا بل يريدون علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين وعلاقات أمنية وثيقة مع الولايات المتحدة. كما ويريدون أن يكونوا قادرين على التعامل بحرية مع كافة الدول، بما في ذلك روسيا. فإذا كنت تريد أن ترى إلى أين ذهب الروس هربًا من العقوبات الغربية، فقم بزيارة دبي، حيث ستسمع اللهجة الروسية أكثر من العربية في بعض الفنادق. كما وأن للمملكة ودول الخليج علاقات متنامية مع الهند، وبدأوا ببناء روابط جديدة مع إسرائيل”.
وختمت الصحيفة، “ترغب معظم الدول في اتباع سياسة تتيح لها العمل بشكل مستقل واختيار الأصدقاء في الغرب والشرق بما يتناسب مع اهتماماتها. وإذا استمر ولي العهد في المسار الذي يسير فيه الآن، فمن المرجح أن تكون المملكة العربية السعودية قادرة على إدارة هذا التوازن”.