خلع الحذاء على عتبة المنزل عادة شرقية يرفضها الغرب

تجنبك آلاف الجراثيم تفوق تلك الموجودة على مقاعد المراحيض العامة

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

فرضت جائحة كورونا على العالم اهتماماً متزايداً بعمليات التطهير والتعقيم لكل ما تلمسه أيدينا يومياً، وظهرت في الأسواق منتجات تعقيمية لا تعد ولا تحصى مخصصة للملابس والمنازل، ومعقمات للجسم والأيدي وصولاً إلى ضرورة خلع الحذاء قبل دخول المنزل.

سوسن مهنا

وعلى ما يبدو فإن خلع الأحذية في المناطق الريفية والجبلية بدأت عندما كانت الطرقات غير معبدة وكان الناس يتنقلون سيراً على الأقدام، مما يعرضهم للتراب والطين في الطرقات المؤدية إلى منازلهم خصوصاً أيام الشتاء، وهو ما كان يدفعهم إلى خلع الحذاء خارجاً كي لا ينقلوا الأوساخ والوحول إلى داخل البيوت.

استمرت تلك العادة في بعض القرى اللبنانية حتى يومنا هذا، ونلاحظ أن تلك العادة موجودة في تركيا مثلاً، ومن يتابع المسلسلات التركية يتنبه جيداً إلى أنه لا يهم إن كان البيت قصراً أو متواضعاً، فالكل يخلع حذاءه قبل الدخول.

أما في اليابان فخلع حذائك عند دخول المنازل وبعض المنشآت يعتبر جزءاً من الثقافة اليابانية، ولا تقتصر هذه العادة على المنزل، فعند القيام بزيارة أشخاص آخرين يجب خلع حذائك عند المدخل تماماً في مساحة تعرف باسم “جينكان”، وهي عبارة عن قاعة أو منطقة عند مدخل المنازل والمباني والمنشآت اليابانية الأخرى، ويمكن أن تكون صغيرة أو كبيرة وتحوي ممراً وشرفة وحتى غرفة، والغرض الرئيس من “جينكان” هو منع الأوساخ والغبار من دخول المنزل، وعادة ما يكون مبنياً بشكل غير مستو مع أرضية المنزل، وهي موجودة في المدارس والعيادات والمعابد والمكتبات كما في المستشفيات.

بكتيريا الأحذية

دراسات حديثة تظهر أن البكتيريا التي تلتصق بأسفل الحذاء تفوق تلك الموجودة على مقاعد المراحيض العامة، وربما تكون هذه الأبحاث هي ما دفع اليابانيين إلى اعتماد تقليد خلع الحذاء قبل الدخول إلى المنزل، على عكس الألمان والفرنسيين والأميركيين مثلاً، إذ نادراً ما يخلعون أحذيتهم لاعتقادهم بأن غسل الشارع بالماء المضاف إليه المطهرات في غالب الأحيان يعتبر كافياً لنظافة أحذيتهم وطهارتها، مما يجعلهم يدخلون إلى بيوتهم بتلك الأحذية.

ووفقاً لدراسة خاصة بعلم الأحياء الدقيقة أجرتها جامعة “هيوستن” الأميركية عام 2015، فقد ثبت أن 40 في المئة من الأحذية التي شملتها الدارسة تحوي بكتيريا “المطثية العسيرة”، وهي واحدة من بين أكثر مسببات الأمراض انتشاراً في المستشفيات.

وفي الواقع تعد “المطثية العسيرة” من أنواع البكتيريا المعوية غير الضارة، ولكن الخطر يكمن في أن بعض سلالات هذه البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، والإصابة بها يمكن أن تؤدي إلى حدوث اضطرابات في الفلورا المعوية (أحياء دقيقة في الجهاز الهضمي)، مما يؤدي بدوره إلى حدوث التهاب في الأمعاء يرافقه حالات إسهال شديدة بسببها.

ولكن ليست “المطثية العسيرة” البكتيريا الوحيدة الموجودة على نعالنا وحسب، بل هناك أعداد هائلة من البكتيريا التي تصل إلى منازلنا عبر أحذيتنا.

مواد سامة

وتبعاً لدراسة أجراها اختصاصي علم الإحياء الدقيقة في جامعة “أريزونا” الأميركية تشارلز جيربا، فقد تبين أن عدد الجراثيم يمكن أن يصل إلى 420 ألف جرثومة على أي حذاء جديد بعد أسبوعين من ارتدائه.

وبحسب موقع “فوكوس” الألماني فإن المثير للقلق هو ارتفاع عدد البكتيريا القولونية والمعروفة بـ “إي كولاي”.

وعلى رغم أن معظم أنواع هذه البكتيريا ليس ضارة غير أن هناك أنواعاً خطرة وتؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي والتهابات حادة في المجاري البولية.

ووفقاً لدراسة حديثة نقلتها شبكة “سي إن إن” فإن الحذاء الذي نمشي به في الخارج تعلق به جزيئات ضارة أو حتى جراثيم ومواد مسببة لأمراض خطرة مثل السرطان، كما نقلت الشبكة عن برنامج صحي يعرف بـ “داست بروغرام” أن الناس قلما يتنبهون إلى ما يلتصق بأسفل الحذاء فلا يعيرونه أي أهمية.

ويوضح الخبراء أن بعض الجزيئات التي تعلق بأسفل الحذاء ربما ترتبط بأمراض مقاومة للأدوية مثل جراثيم بالغة الخطورة تستعصي عن العلاج، وتكمن الخطورة أيضاً في المواد السامة التي تسبب السرطان، وهي موجودة في الأسفلت الذي تعبد به الشوارع، فضلاً عن المواد الكيماوية.

وفي بعض الأحيان تكون هذه المواد السامة المنتقلة عبر الحذاء من دون رائحة ولا لون، وهنا يصبح التنبه إليها أمراً صعباً ومتعذراً.

احذروا “الشتوية والرياضية”

الباحثة في جامعة الطب البيطري بفيينا داغمار شودر أزاحت الستار في دراسة لها عن أن التلوث أسفل الأحذية يأتي من مصادر عدة، بسبب السير على مخلفات الطيور والمياه الملوثة، لكن نتائج الأبحاث التي قامت بها ذكرت أن المراحيض العامة هي المصدر الرئيس لانتقال الجراثيم لأسفل الأحذية، فمياه الصرف الصحي هي المكان المفضل لانتشار الكائنات الدقيقة، على حد قولها.

ووفقاً لنتائج الاختبار الذي قامت به على 224 مرحاضاً، تبين أن 45 منها ملوث ببكتيريا “ليستريا”، وهي بكتيريا لاهوائية تستطيع العيش من دون أوكسجين وتسبب مرض الدوار.

ووجدت الدارسة أن أحذية الأشخاص الذين زاروا هذه المراحيض هي الأكثر تلوثاً بـ “ليستريا”، مشيرة إلى أن الأحذية التي كانت فيها حواف النعال أعمق كانت نسبة البكتيريا العالقة فيها أعلى، مما يعني أن الأحذية الشتوية والرياضية هي الأكثر جذباً للبكتيريا.

ودفعت نتائج هذه الدراسة الباحثة النمسوية إلى توجيه توصية مهمة للمحافظة على الصحة، وهي “عدم دخول غرف المعيشة والطعام بأحذيتنا، والأفضل هو خلع الحذاء عند عتبة المنزل”.

ماذا عن الضيوف؟

خبراء السلوك والآداب والقواعد (إتيكيت) يعطون الحق لصاحب المنزل أن يطلب من الضيوف خلع أحذيتهم عند باب المنزل وتوفير بديل نظيف يرتدونه أثناء فترة زيارتهم، مع الحرص على ترك تلك الأحذية فوق قطعة سجاد مطاطية أو منشفة مناسبة مغمورة بالكلور المخفف، أو رشها برذاذ الكحول لقتل الميكروبات.

ويقترح بعضهم وضع لوحة بسيطة تطلب من الضيف خلع الحذاء قبل دخول المنزل بطريقة لطيفة بعيداً من طلب ذلك مباشرة. وتقول خبيرة الـ “إتيكيت” ميكا ماير إنه “يجب على الضيف ممارسة عادات وثقافة المكان الذي يوجد فيه دائماً، ومن المقبول تماماً أن تطلب من الضيوف خلع أحذيتهم، ولكن إذا طلبت من ضيف أن يخلع حذاءه فيجب عليك إخباره مسبقاً أو تقديم زوج من الأحذية المنزلية لارتدائه.

Back to top button