خيمتان لـ”حزب الله” بعد الخط الأزرق تهددان بإشعال نزاع مع إسرائيل
تل أبيب تلوح باستخدام القوة في حال لم تفلح الشكاوى التي قدمتها لدى الأمم المتحدة
النشرة الدولية –
اندبندنت عربية –
تصاعدت حدة التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان بعد أن حذرت إسرائيل في “رسالة دبلوماسية” من خلال الأمم المتحدة، من أنها ستستخدم القوة العسكرية لإخلاء موقعين، قالت إن “حزب الله” أقامهما داخل “الأراضي الإسرائيلية”، في إشارة إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وكشفت تقارير صحافية إسرائيلية أن “حزب الله” أقام موقعين عسكريين في كفرشوبا، وتعهد الجيش الإسرائيلي بإزالة الخيم هناك عبر الدبلوماسية أو بالقوة.
وقالت “قناة 14″ الإسرائيلية، إنه توجد خيم لـ”الحزب” في الأراضي الإسرائيلية وهي معروفة لجهاز الأمن منذ أكثر من شهر، “ورغم الجهود السياسية حتى الآن، لم تُخلَ الخيام والانتهاك السيادي مستمر”. ويستعد المسؤولون في إسرائيل، لاحتمال طردهم بالقوة، وفقاً للقناة. كذلك نقلت هيئة البث الإسرائيلية “مكان”، في 21 يونيو (حزيران) الجاري، أن قوة تابعة لـ”حزب الله” دخلت “أراضي سيادية لدولة إسرائيل”، وأقامت فيها موقعاً عسكرياً مسلحاً. وأضافت أنه كُشف عن الموضوع خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أثناء مشاركة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في اجتماع الأسبوع الماضي. وعقّب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قائلاً إن “الموضوع معلوم لنا وتجري معالجته مع جميع الجهات ذات العلاقة”. وأشار إلى أن “نصب خيمتين لحزب الله فوق الخط الأزرق في منطقة مزارع جبل دوف، (في الجانب الإسرائيلي من الخط الأزرق)، قبل حوالى أسبوعين لا تشكلان تهديداً، لكنهما ستزالان إما دبلوماسياً أو بالقوة في نهاية المطاف”، مضيفاً أن “جيش الدفاع الإسرائيلي لا يسعى لتصعيد الموقف”. وقال أعضاء من الكنيست خلال الاجتماع، إن “حزب الله أقام خيمتين في الأراضي الإسرائيلية ويوجد فيهما مسلحون”. وأشاروا إلى أن هذه الواقعة “غير العادية والخطرة” جرت بعد تجاوز قوة من “الحزب” الخط الأزرق عند مزارع شبعا، وأن الحزب قام بتشغيل موقع هناك من خلال عدد من مسلحيه (ما بين ثلاثة وثمانية مسلحين) الذين تمركزوا فيه مقابل الجنود الإسرائيليين. والخط الأزرق هو الخط الذي رسمته الأمم المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000. ووضعت الأمم المتحدة “الخط الأزرق” على الحدود لتأكيد الانسحاب، بينما يتحفظ لبنان على بعض المناطق التي يمر بها هذا الخط في ظل استمرار احتلال إسرائيل لبعض الأراضي اللبنانية. ووجهت الحكومة الإسرائيلية، أمس الخميس، تحذيراً جديداً إلى الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله. وقال وزير النقل والمواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس في تصريح صحافي، إن “أي خطأ من حزب الله سيتلقى نصر الله ضربة لن تقارن بحرب لبنان الثانية”. واعتبر الوزير الإسرائيلي أن “حزب الله” مردوع ولديه نحو 150 ألف صاروخ لا يستخدمها”، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن “إسرائيل لا تطمح للحرب”.
“حزب الله” يحذر تل أبيب
وكانت إسرائيل قد أودعت شكوى لدى الأمم المتحدة، جاء فيها أنه ما لم يخل “حزب الله” الموقعين فإن “الجيش الإسرائيلي” سيبادر بنفسه إلى إخلائهما “بالقوة”، وذلك بعد أسبوعين من وساطات قامت بها عواصم أوروبية على تواصل مع الحزب في لبنان، أرادت من ورائها توسيع انتشار قوات “اليونيفيل” إلى هذه المنطقة التي تقع خارج نطاق عمل القوات الدولية، وإقناع “الحزب” بإخلاء الموقعين حيث نصب الخيمتين، ومنع الأهالي من الوصول إلى هذه المناطق، وفقاً للإعلام المقرب من “الحزب”.
وبدوره أكد “حزب الله” أن “هذه الأراضي لبنانية تحتلها إسرائيل، وأن للبنان الحق في الوصول إليها، سواء عبر مؤسساته الرسمية أو من خلال الأهالي الذين يعتاشون من العمل في الحقول الزراعية أو في رعاية الماشية”. ورفض الحزب عملية الإخلاء رفضاً تاماً، بل وعمل على تعزيز الموقعين أخيراً. ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن الصحافي الإسرائيلي روعي كايس قوله، إن “حزب الله أبلغ جميع الوسطاء الذين تواصلوا في شأن الخيمتين المقامتين على الحدود، أن هذه الأراضي لبنانية تحتلها إسرائيل، وللبنان الحق في الوصول إليها”. وأكدت مصادر متابعة أن “حزب الله” أبلغ الأمم المتحدة بأن أي محاولة إسرائيلية لإزالة الخيم ستجابه برد وتصعيد مما قد يؤدي إلى صِدام. وكان الحزب قد حذر تل أبيب على لسان أمينه العام، الذي قال إن “على إسرائيل ألا تخطئ التقدير وألا ترتكب أي خطأ في أي بلد في المنطقة، لأن ذلك قد يؤدي إلى حرب كبرى ويفجر المنطقة”. وأضاف نصر الله، أن “إسرائيل هي من يجب أن يخشى اندلاع حرب كبرى في المنطقة”.
الحدود الجنوبية غير هادئة
وشهدت الحدود الجنوبية في الفترة الأخيرة عدداً من الاختراقات، وتكراراً لأحداث تسبب التوتر بين الجانبين، وعادة ما ينتهي بسرعة بوساطة من “اليونيفيل”. وفي مارس (آذار) الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أن لبنانياً دخل إلى إسرائيل ووضع عبوة ناسفة عند مفترق “مجيدو” (شمال)، مضيفاً أن قواته تمكنت من قتله لاحقاً، وعثرت بحوزته على حزام ناسف، واصفاً الحدث بـ”الأمني الخطير”. وأفادت مصادر عسكرية في تل أبيب خلال الشهر نفسه، بأن عناصر وحدة “رضوان” التابعة لـ”حزب الله”، شيدوا خلال الشهور الستة الفائتة 30 برج مراقبة عالية على الحدود بين البلدين، مما اضطر الجيش الإسرائيلي إلى اتخاذ إجراءات عدة بعضها سرية وبعضها علنية لمواجهتها.
وقالت هذه المصادر، إن كل برج يرتفع لعلو 18 متراً، ويداوم فيه عناصر الحزب على مدار 24 ساعة، ومن خلاله يطلون على الحدود الممتدة على مسافة 140 كيلومتراً من رأس الناقورة غرباً وحتى جبل الشيخ في الشرق. وترتفع الأبراج بأكثر من مرتين من الجدار الإسرائيلي على الحدود. وتعترف إسرائيل بأن أبراج “حزب الله” أقيمت رداً على بناء الجيش الإسرائيلي جداراً محصناً من الأسمنت المسلح على طول الحدود. وتدأب الحكومة الإسرائيلية على تقديم الشكاوى إلى الأمم المتحدة متهمة الجانب اللبناني بخرق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي نص على منع الحزب من العمل في منطقة السياج الحدودي. بدوره يشكو لبنان باستمرار من خرق إسرائيل لمجاله الجوي ومياهه الإقليمية، ويطالب الأمم المتحدة بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات. وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في مارس (آذار) الماضي، أن مواطنين إسرائيليين شكوا من مضايقات عدة يتعرضون لها من قبل عناصر “حزب الله”. ونقلت الصحيفة عن رئيس بلدية كريات شمونة، ديفيد أزلاي، قوله إن “حزب الله يشعر بأن إسرائيل باتت في حالة ضعف جراء التظاهرات الاحتجاجية، لذلك يتمادى في استفزازاته”، مضيفاً “فقط في صباح اليوم، فرغت شاحنة حمولة كبيرة من زبل البقر برائحته الكريهة الخانقة، على الحدود تماماً. نحن نشعر بأننا في حرب بيولوجية معهم”. وشهدت تلك الحدود في بداية أبريل (نيسان) الماضي، إطلاق صواريخ من بلدة القليلة في صور (جنوب)، قرب مخيمين للاجئين الفلسطينيين. ومن ثم، وتزامناً مع الذكرى الـ23 لخروج الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، أجرى الحزب مناورة عسكرية بالذخيرة الحية. وشهدت المنطقة تظاهرات من قبل الأهالي وإزالة شريط حدودي وضعته إسرائيل قرب بلدة كفرشوبا، مما دفع بالجيش الإسرائيلي إلى إطلاق قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين كانوا يتصدون لتجريف أراض عند الحدود. وعمدت جرافة عسكرية إسرائيلية إلى دفن لبناني تحت التراب، أثناء محاولته منعها من تجريف أرضه. وأظهر فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مواطناً لبنانياً يتصدى بجسده للجرافة الإسرائيلية، لكن عناصر من قوات “اليونيفيل” تمكنت من إنقاذه في اللحظة الأخيرة. وقام الجيش اللبناني بعد ذلك بتنفيذ انتشار لمواجهة أي تصعيد محتمل. وفي بداية الأسبوع قال أحد الرعاة من أبناء منطقة العرقوب، إنه فوجئ برسالة تحذير من ثلاث صفحات، موضوعة في “عبوة مياه” بلاستيك، مربوطة بقرني رأس ماعز، جاء فيها بلغة عربية “مكسرة”، “لا تقتربوا من حدود إسرائيل… الذي يقترب سيندم… أعذر من أنذر”، أرسلها جنود من داخل الحدود الإسرائيلية.
التجديد لعمل “اليونيفيل”
وينتظر لبنان استحقاقاً دولياً جديداً يتعلق بالتجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، حيث تنتهي مهلة عملها بعد حوالى 40 يوماً، فيما يسعى لبنان إلى رفع طلب رسمي للأمم المتحدة بضرورة تجديد عملها. لكن قُدمت اعتراضات لبنانية أساسية على تمديد مهلة عمل هذه القوات السنة الماضية، بسبب إدخال فقرة تسهم في توسيع هامش عملها وتتيح لها التحرك من دون أي تنسيق مع الجيش اللبناني ومن دون الحصول على إذن. واعترض “حزب الله” حينها على نص القرار، وبرزت تساؤلات حول الجهة اللبنانية التي طالبت بهذا الأمر، في ظل عدم تبنيه من أي طرف في لبنان، فيما تبين لاحقاً أن جهات دولية هي التي أدرجت التعديل بعد ضغوط مكثفة مارسها الجانب الأميركي على المجتمع الدولي، إذ يرى أن قوات “اليونيفيل” لا تقوم بمهماتها كما يجب وأن “الحزب” يواصل نشاطه العسكري ضمن نطاق عمل القرار 1701 أي جنوب نهر الليطاني.