قوات فاغنز Wagner.. السم على مأدبة بوتين!
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

 

ضبابية الوضع الأمنى والسياسى فى روسيا، أحدثت خلخلة صادمة للاستقرار والتعاون الدولى، وفى مسارات الأمن والسلم العالمى، برغم الأحداث والحروب والأزمة الاقتصادية العالمية والتضخم، وهى مؤشرات بانت دوليًا وأمنيًا واقتصاديًا بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية.

الضباب عم العالم مع دخول قوات «شركة فاغنز العسكرية الخاصة» إلى ‎مدينة روستوف و‎مدينة فورونيج فى حدود روسيا، بعد إعلان العصيان المسلح لقائدها ومؤسسها يفجينى بريجوجين.

 

.. وحتى إعداد هذا التحليل، هناك امتداد مختلف من تضارب المعلومات بعد ظهور قائد مجموعة- الشركة- ‎فاجنر يعلن فى رسالة صوتية إعادة مقاتليه إلى قواعدهم «حقنًا للدماء».

 

.. شريط الأنباء المنصات التواصلية،، نقلت أنه بالاتفاق مع الرئيس الروسى فلاديمير ‎بوتين (..) قام رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بإجراء محادثات مع بريجوجين الذى قبِل اقتراح لوكاشينكو بوقف حركة التمرد فى روسيا واتخاذ مزيد من الخطوات لتهدئة التوترات،التى وصفها مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية بأن محاولة التمرد العسكرى هى أفظع جريمة ولا تبررها أى ميزات سابقة.

*

 

يرى المحلل السياسى أن مرور 24 ساعة من التوتر الأمنى والسياسى الجيوسياسى، جعل نقطة التحول فى دول العالم، تعيد دراسة ما يحدث داخل روسيا، تحديدًا الكرملين ومؤسسات الجيش الروسى التى تخوض منذ 16 شهرًا حرب مصيرية فى العمق الأوكرانى، وهذا يفسر مواقف الدول القريبة من الحرب، الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف الناتو ودول أوراسيا، فيما كان الاعلام الغربى يسيطر على بث عشرات التقارير، منها أن (CNN)، قالت فى الساعات الأخيرة إن فاجنر تقوم بتنفيذ أوامر رئيس الشركة، الذى نشر تسجيلًا صوتيًا جديدًا، السبت، يزعم أنه حوّل تحركات قواته من قافلة عسكرية نحو موسكو، إلى العودة نحو: «الاتجاه الآخر نحو معسكراتنا الميدانية، وفقًا للخطة».

.. وعلى أرض الواقع، مازالت ضبابية المواقف مسيطرة.

 

* رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكى يلغى زيارته إلى ‎إسرائيل.

 

.. أن ينشغل المجتمع الدولى، والدول الكبرى بالحدث الروسى، فهذا من طبيعة ما بعد الحرب الباردة بين قطبى العالم روسيا وأمريكا، لهذا كان إلغاء رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكى زيارته إلى ‎الكيان الإسرائيلى الصهيونى، بسبب الأحداث الجارية فى ‎روسيا، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عبرية، فى ذات الوقت، كشف عن أن وزارة الخارجية الروسية حذرت الدول «الغربية» من أى تلميح إلى احتمال استخدام الوضع الروسى لتحقيق أهدافها المعادية للروس، وأن ‎روسيا ستواصل مسارها السيادى لضمان أمنها وحماية قيمها وإنشاء نظام عالمى عادل متعدد الأقطاب.

 

* فى مسار الأحداث..

إشارات تنبيهات أبرزت الكيفية التى تعامل بها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فهو نظر بجدية وخوف إلى مدى طرق تعامل الكرملين مع التهديد، تم تشديد الأمن فى موسكو وفى روستوف أون دون، التى تضم المقرات العسكرية الروسية للمنطقة الجنوبية وتشرف أيضًا على القتال فى أوكرانيا.

 

.. جاء ذلك، مع مخاوف أن تكون نتيجة المواجهة لا تزال غير واضحة، أو تستمر ضبابية المواقف، أو فشل مفاوضات بيلاروسيا مع فاجنر، فمن المرجح أن تزيد من إعاقة جهود موسكو الحربية حيث كانت قوات كييف تحقق نجاحات فى الدفاعات الروسية فى المراحل الأولى من الهجوم المضاد، فى وقت حرج من مسارات الحرب، فماذا إذا نجح بريجوجين، يمكن أن يكون له- مثل هذا الاحتمال- تداعيات على الرئيس فلاديمير بوتين وقدرته على الحفاظ على جبهة داخلية موحدة.

 

.. ومن المسارات التى أعلنت من طرف فاجنر، زعم بريجوجين فى وقت مبكر من السبت أن قواته عبرت الحدود إلى روسيا من أوكرانيا ووصلت إلى روستوف، ولم تواجه أى مقاومة من المجندين الشباب عند نقاط التفتيش وأن قواته «لا تقاتل الأطفال».

.. وفى تحليل ذلك، فإن رئيس قوات فاجنر، قدم للعالم، وللداخل الروسى، سلسلة من التسجيلات المرئية والصوتية الغاضبة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعى فى وقت متأخر من يوم الحدث المثير: «لكننا سنقضى على أى شخص يقف فى طريقنا». «نحن نمضى قدمًا وسنمضى حتى النهاية».

 

فاجنر، بطريقة دراماتيكية، ادعت أن رئيس الأركان العامة فى الجيش الروسى الجنرال فاليرى جيراسيموف سارع بطائرات حربية لضرب قوافل فاجنر، التى كانت تسير بجانب المركبات العادية. وقال بريجوجين أيضا إن قواته أسقطت مروحية عسكرية روسية أطلقت النار على قافلة مدنية، دون أى إعلان يوضح ذلك من الأطراف كافة.

 

فى خلفية الأحداث، كشف بريجوجين، أن معسكرات فاجنر الميدانية فى أوكرانيا تعرضت للقصف بالصواريخ والمروحيات الحربية ونيران المدفعية بناء على أوامر من جيراسيموف عقب اجتماع مع وزير الدفاع سيرجى شويجو قررا فيه تدمير فاجنر.

 

. وعمليًا، كانت ت قوات فاجنر، قامت وفق بيانات عسكرية سابقة بدورها المحدد كقوة مرتزقة تعمل مع الجيش الروسى (…) فى الحرب الروسية فى أوكرانيا، ونجحت فى الاستيلاء على مدينة باخموت التى شهدت أكثر المعارك دموية وأطولها. لكن بريجوجين انتقد بشكل متزايد القادة العسكريين فى روسيا، متهما إياهم بعدم الكفاءة وتجويع قواته من الأسلحة والذخيرة، وهى تزيد على 25 ألف جندى تحت إمرته، وأنها بحسب رئيس فاجنر ستعاقب شويجو فى تمرد مسلح وحث الجيش على عدم إبداء المقاومة: «هذا ليس انقلابًا عسكريًا، بل مسيرة عدالة».

 

 

* تكتيكات الموجة البشرية تضعف معنويات الجيش الروسى فى أوكرانيا

 

 

 

فى دراسات سابقة بحث المجلس الأطلسى عن ما سمى «تكتيكات الموجة البشرية تضعف معنويات الجيش الروسى فى أوكرانيا»، ونبهت مجالس الأطلسى إلى أنه «ليس سرا أن الغزو الروسى لأوكرانيا لم يسر حسب الخطة. ومع ذلك، مع دخول الصراع عامه الثانى، لا يزال فلاديمير بوتين يأمل فى كسر المقاومة الأوكرانية فى حرب استنزاف طويلة».

 

.. وفى الخلفية السياسية، تابع المجلس الأطلسى القول: «قد يكون قول هذا أسهل من فعله. بينما تتمتع روسيا بمزايا ديموغرافية وصناعية واقتصادية كبيرة مقارنة بأوكرانيا، تظل هناك أسئلة حول قدرة الجيش الروسى الذى كان يتباهى به ذات مرة على تحقيق أهداف الكرملين. بشكل حاسم، أدى الاعتماد الواضح على تكتيكات الموجة البشرية خلال الهجوم الروسى الأخير فى فصل الشتاء إلى خسائر فادحة تهدد بتقويض الروح المعنوية فى صفوف جيش بوتين الغازى».

 

.. بالتالى، يقول المجلس الأطلسى إنه يُعتقد أن أكبر خسائر لروسيا فى الأشهر الأخيرة حدثت فى معارك للسيطرة على بلدات استراتيجية فى شرق أوكرانيا مثل باخموت وفوهليدار، حيث زعمت أوكرانيا أنها قتلت أو جرحت عشرات الآلاف من الجنود الروس. فى حين أن هذه الأرقام غير مؤكدة، إلا أنها مدعومة بمقاطع فيديو واسعة النطاق فى ساحة المعركة، ويبدو أن الكثير منها يظهر أن القوات الروسية تشارك فى هجمات أمامية متهورة على مواقع دفاعية راسخة.

 

.. ونبه إلى ما تعكسه «تكتيكات الموجة البشرية المعروضة فى شرق أوكرانيا الخيارات العسكرية الضيقة لروسيا بعد عام من النكسات المحرجة فى ساحة المعركة. دخل الجيش الروسى الحرب الحالية بسمعة الجيش الثانى فى العالم، لكنه كان أداؤه ضعيفًا بشكل ملحوظ فى أوكرانيا. مع تدمير العديد من أكثر وحداته خبرة وأفواج النخبة، يأمل بوتين الآن فى استنزاف موارد أوكرانيا والصمود أكثر من داعمى البلاد الغربيين من خلال الاعتماد على أعداد متفوقة. فى الأشهر الأخيرة من عام 2022، عزز قوته الغزوية بـ 300 ألف جندى إضافى عبر أول تعبئة روسية منذ الحرب العالمية الثانية»، وهنا تكمن مخاوف روسيا والعالم من حركة فاجنر.

 

.. يمكن توضيح ذلك، عبر ذاكرة متجددة تقول إنه فى الحرب الحالية ضد أوكرانيا «قد يرى الكرملين تكتيكات الموجة البشرية كوسيلة فعالة للتغلب على المقاومة الأوكرانية المصممة. فهو يسمح لروسيا بإرهاق عدد القوات الأوكرانية الأقل عدديًا ولكن المتشددة، ويمكن تنفيذها باستخدام مزيج من القوات التى تم استبدالها بسهولة بما فى ذلك الجنود الذين تم حشدهم مؤخرًا والمدانين السابقين الذين يخدمون فى شركة فاجنر العسكرية الخاصة».

 

* فاغنر ما زالت سرية

 

 

فى أسابيع سابقة على تمرد فاجنر، ذكر أنها شركة عسكرية تحاول صياغة أفراد من اللاعبين كطيارين بدون طيار، وزعم منشور على Telegram فى 19 يونيو من منفذ Verstka الإخبارى الروسى المعارض أن Wagner Group تشجع اللاعبين على التقدم للعمل كطيارين لمركبات جوية بدون طيار فى الحرب ضد أوكرانيا. أفادت وسائل الإعلام بأنه لم تكن هناك حاجة إلى خبرة عسكرية سابقة للتقدم لهذا المنصب. ظهرت منشورات من Wagner على فكونتاكتى فى نفس اليوم، ودعت اللاعبين ذوى الخبرة فى «التلاعب بعصا التحكم فى أجهزة محاكاة الطيران» للتسجيل.

وأن الحملة تهدف إلى تجنيد جنود لقيادة «مروحيات وآلات أكثر خطورة». فى هذا السياق بالذات، «المروحيات» (коптеры) هى إشارة إلى الطائرات التجارية بدون طيار التى يتم بيعها للجمهور والتى تم استخدامها على نطاق واسع فى الحرب ضد أوكرانيا، إذ وجد تحقيق فى 19 مايو نشره مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد أن الشركات المصنعة الصينية استمرت، حسبما ورد، فى تزويد القوات المسلحة الروسية بطائرات بدون طيار من طراز DJI من خلال أطراف ثالثة فى كازاخستان.

 

* الطباخ.. والسم على طاولة المحارب.

 

 

.. يفجينى بريجوجين، أوليغارش روسى معروف بلقب «طباخ بوتين»، صاحب مطاعم وشركة تقديم الطعام الخاصة بالرئاسة الروسية، استضافت حرفيًا وجبات عشاء حضرها بوتين وغيره من قادة العالم، وهو طباخ السم الذى إذ أوجد مجموعة فاجنر فى عام 2014، وهى مجموعة عسكرية مرتزقة خاصة تعمل بالسر، ومن خلال سنوات من الأدوار المسمومة انتشر عملاء فاجنر فى أوكرانيا وليبيا والسودان وموزامبيق ومالى وسوريا، وأفغانستان ودول أخرى فى غرب إفريقيا وداخل بحار العالم.

.. ومن المدى، وسط هذه الضبابية أن نعرج على تحقيق لـCNN، كشفت فيه أن فاجنر تقوم بتجنيد القتلة وتجار المخدرات من السجون.

.. فى المؤشر الدولى، والسياسى، ما زال القلق يغمم حسابات العاصمة موسكو، بينما ينتظر العالم حقائق حركة فاجنر وما ينتج عنها.

.. وفى آخر الأخبار المثيرة، قال الكرملين، السبت، إن رئيس الشركة العسكرية «الروسية الخاصة» فاغنر سينتقل إلى بيلاروسيا المجاورة فى إطار اتفاق لنزع فتيل التوترات المتمردة، وسيتم إغلاق القضية الجنائية المرفوعة ضده.

بالتالى، قد يكون هذا التصريح دعامة للتوتر المتجدد من سرية الحدث.

زر الذهاب إلى الأعلى