هل تقبل القيادة السياسية في حماس بالتهدئة مع إسرائيل مقابل عائدات الغاز؟
النشرة الدولية –
أثار إعلان إسرائيل، الأحد الماضي، رغبتها في تطوير حقل للغاز قبالة ساحل غزة قلقا إضافيا لدى حماس التي تعرف أن فرص حصولها على جزء من عائدات هذا الحقل ضعيفة إذا ما سلكت طريق التصعيد مع إسرائيل.
مصادر فلسطينية قالت إن حماس في وضع معقد، فهي تجد في الحصول على عائدات الغاز فرصة لا تقدر بثمن لتدعيم حكمها في قطاع غزة، وفي نفس الوقت يمكنها أن تستفيد من البرود بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لعرض نفسها كبديل مستقبلي. لكن سلوك هذا الطريق يبدو صعبا وتكاليفه كبيرة على حركة ما تزال ترفع شعارات المقاومة.
وأشارت المصادر إلى أن القيادة السياسية في حماس، التي تعمل على إظهار نفسها كتيار معتدل، يمكن أن ترشح خيار التهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل، وهي التهدئة التي تم الحديث عنها بكثرة على هامش الاجتماع الأخير للفصائل الفلسطينية في القاهرة.
وخلال الأشهر الأخيرة، سعت حماس للنأي بنفسها عن التصعيد بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل، وهو موقف فهم إسرائيليا على أنه رغبة في التهدئة. وتريد حماس أن تستفيد من تقاربها مع مصر لتقديم نفسها لإسرائيل والولايات المتحدة كمرشح بديل للسلطة الفلسطينية التي تعيش حالة كبيرة من الضعف داخليا وخارجيا.
وستجد القيادة السياسية لحركة حماس نفسها في مواجهة مع بعض قياديي الخارج، والقيادة الميدانية لكتائب القسام التي لديها قنوات مفتوحة مع إيران وحزب الله. وإذا ما حاول تيار التهدئة التفاهم مع إسرائيل ولو عبر الوسطاء، فإن ذلك قد يقود إلى انقسامات.
لكن براغماتية الحركة ورغبتها في جلب المال لإطالة حكمها في غزة قد تجعلانها تسرع خطواتها من أجل بناء تفاهمات تمهد لاستفادتها من عائدات حقل الغاز الذي يقدر احتياطيه بما يعادل 28.3 مليار متر مكعب.
وأعطت إسرائيل موافقتها المبدئية على تطوير حقل غاز قبالة قطاع غزة الأحد الماضي، لكنها قالت إن الأمر سيتطلب تنسيقا أمنيا مع السلطة الفلسطينية ومصر.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو “في إطار الجهود القائمة بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية، ومع التركيز على التنمية الاقتصادية الفلسطينية والحفاظ على الاستقرار الأمني الإقليمي، تقرر تطوير حقل غزة مارين للغاز قبالة غزة”.
كما بين أن تنفيذ المشروع سيخضع للتنسيق بين الأجهزة الأمنية والحوار المباشر مع مصر، وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، واستكمال عمل طاقم وزاري بقيادة مجلس الأمن القومي من أجل “الحفاظ على المصالح الأمنية والدبلوماسية لإسرائيل”.
وعلى الرغم من إعلان الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني التوافق على البدء في المشروع، إلا أنه لم تُعلن أيّ جهة أن حماس ستكون طرفا في ذلك التفاهم، كما لم تعلن الحركة رسميا موقفها من المشروع.
لكن نقلا عن مسؤول سياسي لم تسمّه، قالت القناة “الـ13” الإسرائيلية إن “الحكومة تعتزم حجب عائدات حقل الغاز عن غزة، طالما لم يحدث أيّ تقدم في ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس”.
ويقع حقل غاز مارين على بعد 36 كيلومترا غرب غزة في مياه البحر المتوسط، وتم تطويره عام 2000 من طرف شركة الغاز البريطانية “بريتيش غاز”، ثم تخارجت منه لصالح شركة “رويال داتش شل”، قبل أن تغادر الأخيرة أيضا في 2018.
صمت حماس على إعلان إسرائيل التهيؤ للشروع في العمل بالحقل فيه إشارة إلى أنها إما تريد التهدئة لتسهيل حصولها على جزء من العائدات أو أن هناك ترتيبات غير معلنة تدعم مسار التهدئة
وقال المحلل السياسي حسام الدجني إن “حماس من الممكن أن تتعاطى بإيجابية مع استخراج الغاز بشرط وجود عائد من هذا الحقل لغزة دون عراقيل إسرائيلية‟، معربا عن اعتقاده بأن طرح الملف يأتي وسط أزمة مالية تمر بها السلطة الفلسطينية.
واعتقد الدجني بوجود رغبة لدى حماس باستفادة غزة من الغاز عبر ثلاثة مشاريع هي “ملف الكهرباء ودعم الفئات الفقيرة والتنمية المستدامة”، في ظل أوضاع صعبة يعيشها السكان جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ صيف 2007.
ويرى مراقبون أن صمت حماس على إعلان إسرائيل التهيؤ للشروع في العمل بالحقل فيه إشارة إلى أنها إما تريد التهدئة لتسهيل حصولها على جزء من العائدات أو أن لديها تنسيقا مع الأطراف المتدخلة وأن هناك ترتيبات غير معلنة تدعم مسار التهدئة.
وقال المحلل السياسي مصطفى إبراهيم للأناضول إن غياب موقف رسمي من حماس حتى الآن يوحي بأن “المصريين بحثوا الموضوع معها”.
ورأى أن زيارة اشتية إلى القاهرة، نهاية مايو الماضي، وما تلاها من زيارة حماس ووفد من لجنة متابعة عمل الحكومة في غزة، هدفت جميعا إلى “إيجاد مساحة للتعاون الاقتصادي بين غزة والضفة في ظل ما تعانيه السلطة من أزمة مالية”.