جنة السياح جحيم الساسة
بقلم: د. محمد ناهض القويز
النشرة الدولية –
الرياض السعودية –
لو أردنا أن نتعمق في الوضع اللبناني لأمكن أن نصل إلى نتيجة مؤلمة ؛ فالخلاف اللبناني وما ينتظر لبنان من مستقبل مأسوي يمكن أن نرجعهما إلى حقيقة أن اللبنانيين يعتبرون لبنانيتهم قفازاً وطائفيتهم لباساً.
بغض النظر عن مستوى وعي الفرد اللبناني وإبداعه في شتى صنوف الإبداع الفني والعملي إلا أنه يرى نفسه من خلال طائفته وحزبه أولا ثم لبنانيته عاشرا. ولهذا فبرغم مستوى التحضر الظاهر إلا أن الفرقاء اللبنانيين لا يختلفون عن قبائل بروندي، أو كينيا المتقاتلة. وهذا دليل تخلف سياسي كبير لايشفع له برلمان فارغ ولا برلمانيون معطَّلون ومعطِّلون.
يخطئ من يظن أن لبنان انقسم إلى قسمين: موالاة ومعارضة. فالموالاة متعارضة والمعارضة ليست بأحسن حال. وبرغم اتفاق كل فريق على نقاط عامة إلا أنهم أجلوا الخلاف التفصيلي إلى حين. ولن أتفاجأ أن يتقاتل الحلفاء إذا ما بدأت الحرب الأهلية لاقدر الله.
القوى الدولية والإقليمية أدركت هذا الخلاف وراحت تلعب من خلال الأحزاب والطوائف لعبتها. إسرائيل وأمريكا أهم اللاعبين يقابلهما على الطرف الآخر سوريا وإيران. واستطاع كل معسكر من اللاعبين أن يصور للبنانيين أن مصلحتهم معه وتتحقق من خلال الخطوات المتفق عليها. المؤلم أن تلك القوى هي من يرسم مستقبل لبنان الذي يناسبهم، يساعدهم في ذلك أبناء لبنان، شيعتهم وسنتهم ومسيحييهم ودروزهم.
الحالة السياسية اللبنانية الوطنية بلغت من العقم حد تبني أبناء الآخرين.
اعتقد البعض أن إزالة لحود من الرئاسة خطوة ضرورية ستقود إلى انفراج الأزمة السياسية، بينما تشبث آخرون بلحود. مرت فترة مغادرة لحود كلحظة حرجة أوشكت أن تشعل فتيل الحرب الأهلية. تنفست الموالاة الصعداء بعد مغادرته، ولكنها ورثت فراغا دستوريا أفضى إلى حالة فوضى وخراب سياسي واقتصادي واجتماعي.
القرارات اللبنانية المصيرية تناقش في عواصم أخرى. أما القوى السياسية اللبنانية فتؤدي الدور على المسرح السوري أو الأمريكي. وهي ضالعة في تحويل جنة السياح إلى جحيم المواطنين.