أي تأثير لتمرد فاغنر على الهجوم الأوكراني المضاد؟
النشرة الدولية –
الحرة –
رصد تحليل مطول نشرته وكالة أسوشيتد برس، الجمعة، أبرز تطورات الهجوم الأوكراني المضاد على الجيش الروسي لاستعادة الأراضي المحتلة، في وقت استبعد خبراء أن ينعكس تمرد فاغنر الفاشل على سير المعارك.
وتلخص استعادة أوكرانيا لقرية نسكوتشني الصغيرة في منطقة دونيتسك الشرقية في 10 يونيو الاستراتيجية الافتتاحية لهجوم مضاد كبير تم إطلاقه في وقت سابق من هذا الشهر. وتعتمد الفصائل الأوكرانية الصغيرة على عنصر المفاجأة، وعندما تنجح، فإنها تحقق مكاسب إضافية في ميدان المعركة.
وقال سيرغي زيربيلو (41 عاما)، وهو نائب قائد الكتيبة التي استعادت نسكوتشني، “كان لدينا بعض السيناريوهات. في النهاية، أعتقد أننا اخترنا الأفضل. أن تأتي بهدوء وبشكل غير متوقع”.
وعبر خط المواجهة الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر، تحاول القوات الأوكرانية إنهاك العدو وإعادة تشكيل خطوط المعركة لخلق ظروف أكثر ملاءمة لتقدم حاسم باتجاه الشرق. يمكن أن تتمثل إحدى الاستراتيجيات في محاولة تقسيم القوات الروسية إلى قسمين، بحيث يتم عزل شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو بشكل غير قانوني في عام 2014، عن بقية الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
وتلقت القوات الأوكرانية دفعة معنوية الأسبوع الماضي بسبب التمرد المسلح في روسيا الذي شكل أكبر تهديد لسلطة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، منذ أكثر من عقدين. ومع ذلك، فإن تأثير التمرد الذي قام به مرتزقة مجموعة فاغنر تحت قيادة، يفغيني بريغوجين، على مسار الحرب لا يزال غير معروف.
ويعتبر التمرد الداخلي مصدر إلهاء كبير للزعماء العسكريين والسياسيين لروسيا، لكن خبراء يقولون إن التأثير على ساحة المعركة يبدو ضئيلا حتى الآن.
وعلى مدى الأيام الأربعة الماضية، كثفت أوكرانيا عملياتها حول مدينة باخموت، التي سيطرت عليها قوات فاغنر بعد أشهر من القتال العنيف ثم سلمتها للجنود الروس، الذين ما زالوا يفقدون بعض الأراضي في جناحهم الجنوبي.
ومع ذلك، على طول خط المواجهة، ظلت قوة الجيش الروسي دون تغيير منذ التمرد.
وليس من الواضح أين ستحاول أوكرانيا توجيه ضربة قاضية، لكن أي نجاح سيعتمد على الألوية المشكلة حديثا والمجهزة بدعم غربي، والتي لم يتم نشرها بعد. في الوقت الحالي، تعمل القوات الروسية من مواقع محصنة بشدة، وتفوقها الجوي النسبي يساهم في إبطاء تقدم أوكرانيا.
ويقول خبراء عسكريون إنه من الصعب التكهن بمن لديه التفوق في أرض المعركة، القوات الروسية لديها الجنود والذخيرة، في حين أن القوات الأوكرانية مجهزة بأسلحة حديثة وذكية في ساحة المعركة.
لكن مع اقتراب فصل الخريف الموحل بعد أربعة أشهر فقط، يقول بعض القادة الأوكرانيين إنهم يتسابقون مع الزمن.
وتقول روسيا إن أوكرانيا تكبدت خسائر فادحة منذ بدء الهجوم المضاد، 259 دبابة و790 عربة مدرعة، بحسب بوتين، الذي لم يتسن التحقق من مزاعمه بشكل مستقل.
وتجري معارك طاحنة في مناطق قتال متعددة، وفقا لأسوشيتد برس.
وأدى الانهيار الكارثي لسد نوفا كاخوفكا الشهر الماضي في منطقة خيرسون الجنوبية إلى تغيير الجغرافيا على طول نهر دنيبر، مما منح الأوكرانيين مزيدا من حرية الحركة هناك. ويزعم مدونون عسكريون روس أن مجموعة صغيرة من المقاتلين الأوكرانيين تحقق مكاسب في المنطقة، على الرغم من أن المسؤولين الأوكرانيين لم يؤكدوا هذه التقارير.
وعبر السهول الزراعية في منطقة زابوريجيا الجنوبية الشرقية، تنتشر القوات الأوكرانية المدعومة بالدبابات والمدفعية والطائرات المسيرة لمهاجمة المواقع الروسية.
وستوجه القوات الأوكرانية ضربة قاسية للقوات الروسية إذا تمكنت من استعادة الوصول إلى بحر آزوف من هذا الاتجاه، مما يؤدي فعليا إلى قطع الجسر البري لموسكو المؤدي إلى شبه جزيرة القرم. ومن السابق لأوانه تحديد ما إذا كان هذا هدفا واقعيا.
ولا تزال القوات الأوكرانية على بعد عدة كيلومترات من خطوط الدفاع الروسية الرئيسية. ومع توغلهم في عمق الأراضي المحتلة، سيتعين على المقاتلين مواجهة الدفاعات الروسية المنظمة في قطر يبلغ 10 كيلومترات في بعض المناطق، بما في ذلك حقول الألغام والخنادق المضادة للدبابات والعوائق الأخرى.
ومع كل تقدم، قد تصبح القوات الأوكرانية أكثر عرضة للهجمات الجوية الروسية، وفقا للتحليل.
مكاسب ميدانية
وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكراني، هانا ماليار، الاثنين الماضي، إن أوكرانيا استعادت مزيدا من الأراضي من القوات الروسية على خط الجبهة الجنوبي لكن الوضع في ساحة المعركة لم يتغير سوى بقدر ضئيل على مدى الأسبوع المنصرم.
وأضافت أن القوات الأوكرانية حررت حوالي 130 كيلومترا مربعا في الجنوب منذ بدء الهجوم الأوكراني المضاد.
وأوضحت ماليار للإذاعة الرسمية “لم تطرأ تغييرات كبيرة على الوضع في الجنوب خلال الأسبوع الماضي”.
وتابعت أن الجزء الشرقي من الجبهة، الذي يشمل اتجاهات ليمان وباخموت وأفدييفكا ومارينكا، شهد نحو 250 اشتباكا خلال الأسبوع الماضي. وأكدت أن “قتالا عنيفا لا يزال يتواصل هناك”.
وذكرت أن أوكرانيا بدأت عمليات هجومية مضادة في شرق البلاد واستعادت مسافة تتراوح من كيلومتر إلى كيلومترين في كل منطقة من المناطق التي شهدت هذه العمليات، ومن بينها باخموت.
ونقلت وكالة “إنترفاكس” عن ماليار قولها إن القوات الأوكرانية حررت بلدة ريفنوبيل في مقاطعة فولنوفاخا بمنطقة دونيتسك.
وكتبت نائبة الوزير على تليغرام “استعادت قوات الدفاع البلدة، ريفنوبيل تحت سيطرتنا. نحن نتحرك أبعد من ذلك”.
وتقع ريفنوبيل على بعد 100 كيلومتر جنوب غرب دونيتسك، في منطقة تشن فيها القوات الأوكرانية هجوما، وحيث استعادت قرى عدة بعد قرابة أسبوعين من القتال، وفقا لفرانس برس.
وكانت روسيا اعترفت بالقتال في المنطقة في 16 يونيو، بعد أسبوعين من شن هجوم كييف المضاد بهدف استعادة جميع الأراضي التي احتلتها موسكو.
وبدعم من المساعدات العسكرية الغربية، استعاد الجيش الأوكراني في هذه المرحلة حوالى 10 مواقع، معظمها على الجبهة الجنوبية حيث يحاول اختراق الدفاعات الروسية، ولا تزال الخطوط الرئيسية تبعد عدة كيلومترات.
ونقلت فرانس برس عن محللين عسكريين قولهم إن الجيش الأوكراني يشن هجوما منذ عدة أسابيع في ثلاثة اتجاهات رئيسية: جنوب أوريخيف باتجاه توكماك في منطقة زابوريجيا، وفي محيط ريفنوبيل ليس بعيدا عن فوغليدار، وأيضا على الجبهة الشرقية في محيط باخموت.
وفي مقابلة بُثّت، الأربعاء الماضي، على شبكة “بي بي سي”، اعترف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، بأنّ التقدم المحرز في هذا الهجوم الكبير كان في ذلك الوقت “أبطأ مما هو مرغوب فيه”.
ويأتي الإعلان عن استعادة ريفنوبيل بعد يومين على تمرد مسلح قادته مجموعة “فاغنر” المسلحة، انتهى السبت الماضي.
ونقلت رويترز عن القيادة العسكرية في شرق أوكرانيا قولها، الأحد، إن كييف تقدمت من 600 متر إلى ألف متر عن اليوم السابق بالقرب من باخموت وهي المدينة التي استولى عليها مقاتلو مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في مايو، بعد أشهر من القتال.
ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة التقارير بشكل مستقل.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية، الاثنين، نقلا عن القوات المسلحة الروسية أن القوات الأوكرانية لا تشن عمليات هجومية على أرتيوموفسك، وهو الاسم الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية، الذي تستخدمه روسيا للإشارة إلى باخموت.
وقال مسؤول أميركي لأسوشيتد برس إن الهجوم المضاد يسير بوتيرة “صعبة” للأوكرانيين، وإنه على عكس بعض المعارك السابقة في الحرب، والتي أظهرت فيها القوات الروسية مقاومة قليلة أو حتى فرت من ساحة المعركة، تواجه القوات الأوكرانية حاليا مقاومة شديدة.
تقدم أوكراني
وفي المقابل، قالت نائبة وزير الدفاع الأوكراني، هانا ماليار، الجمعة، إن القوات الأوكرانية تتقدم في جميع اتجاهات الهجوم المضاد الذي يستهدف القوات الروسية المحتلة.
ومنذ بدء الهجوم المضاد هذا الشهر، قالت أوكرانيا إنها استعادت السيطرة على مجموعات من القرى في الجنوب الشرقي رغم أن روسيا لا تزال تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في الشرق والجنوب والجنوب الشرقي.
وصرحت ماليار للتلفزيون الأوكراني “إذا تحدثنا عن خطوط المواجهة كلها، في الشرق والجنوب، فإننا نأخذ بزمام المبادرة الاستراتيجية ونتقدم في جميع الاتجاهات”.
ولم يتسن لرويترز التحقق من الوضع في ساحة المعركة. ولم تعترف روسيا، التي بدأت غزوها الشامل في فبراير 2022، بالمكاسب الأوكرانية وقالت إن الجيش الأوكراني يتكبد خسائر فادحة.
وأشارت ماليار إلى أن القوات الأوكرانية تتحرك “بثقة” حول مدينة باخموت الشرقية المدمرة، والتي تسيطر عليها القوات الروسية، وأن القتال الرئيسي يدور حول المدينة.
وأضافت أن قوات كييف في الجنوب تحقق بعض النجاح.
وقالت “في الجنوب، نتحرك بنجاح متفاوت، هناك أيام نسيطر فيها على مسافة تزيد على كيلومتر، وأحيانا أقل من كيلومتر، وأحيانا تصل إلى كيلومترين”.
وأشارت إلى أن جدوى الهجوم المضاد يجب تقييمه في ضوء “الكثير من المهام العسكرية المختلفة” وليس فقط من خلال التقدم وتحرير المناطق.
وأردفت “لذلك، يجري تنفيذ كل هذه المهام، والجيش وحده هو القادر على تقييم ذلك بشكل صحيح ودقيق، ووفقا لتقديره، فإن كل شيء يسير وفقا للخطة”.
ويقول الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن الهجوم المضاد يسير بوتيرة أبطأ من المطلوب، لكن كييف لن تندفع في تسريع العمليات.
وتحدث المسؤولون الأوكرانيون أيضا عن أن “الجزء الرئيسي” للهجوم المضاد لم يبدأ بعد، وأن كييف لم ترسل بعد قواتها الاحتياطية الرئيسية للقتال.