آلاف الفلسطينيين يغادرون مخيم جنين وإسرائيل تستعد للمرحلة الثانية
النشرة الدولية –
يستعد الجيش الإسرائيلي للبدء بالمرحلة الثانية من العملية العسكرية التي بدأها في جنين في وقت مبكر، الإثنين، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن مصادر أن نحو ألف جندي سيبدأون المرحلة الثانية من عملية جنين خلال الساعات المقبلة.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد قالت إن قوات من النخبة في الجيش تشارك في الهجوم على مدينة جنين ومخيمها.
من جانبه، أفاد مسؤول فلسطيني بأن نحو ثلاثة آلاف من سكان مخيم جنين غادروا منازلهم منذ بدأ الجيش الاسرائيلي، الإثنين، عملية كبيرة في المنطقة الواقعة بشمال الضفة الغربية.
وصرح نائب محافظ جنين كمال أبو الرب لوكالة الصحافة الفرنسية بأن “نحو ثلاثة آلاف شخص غادروا المخيم حتى الآن”، مضيفاً أنه يجري اتخاذ الترتيبات لإيوائهم في مدارس وملاجئ أخرى في مدينة جنين.
وقال إن نحو 18 ألف فلسطيني يقيمون في المخيم. وأكدت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) جولييت توما أن سكاناً غادروا المخيم.
الأوسع منذ 20 عاماً
وقتل الجيش الإسرائيلي، أمس الإثنين، 10 فلسطينيين في الضفة الغربية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، تسعة منهم في مخيم جنين، حيث ينفذ عملية هي الأوسع منذ نحو 20 عاماً، وتخللها قصف جوي بطائرات مسيرة.
وتشن إسرائيل العملية الواسعة التي أعلنت عنها في وقت مبكر، الإثنين، بعد أسبوعين من عملية كبيرة أخرى استهدفت مخيم جنين وتخللها قصف بالطيران المروحي للمرة الأولى منذ سنوات.
وبينت هويات القتلى التسعة في مخيم جنين أن ثلاثة منهم لا تتعدى أعمارهم 17 سنة، والبقية ما بين 18 و23 سنة، من ضمنهم قتيل في مدينة البيرة أصيب خلال تظاهرة تضامناً مع جنين.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان “قواتنا دخلت عش الإرهابيين في جنين. وهي تدمر مراكز القيادة وتصادر كمية كبيرة من الأسلحة”.
بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن القوات الإسرائيلية تضرب “بقوة كبيرة” منطقة جنين.
مسرح للمواجهات
وصارت مدينة جنين ومخيم اللاجئين المجاور لها مسرحاً للمواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية التي كثفت في الأشهر الماضية عملياتها في شمال الضفة الغربية مع تزايد العمليات المسلحة التي تستهدف إسرائيليين ومعها هجمات يشنها مستوطنون على فلسطينيين وأملاكهم ومزروعاتهم.
وقال مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين محمود السعدي إن الهجوم الإسرائيلي يتم من الجو والبر. وأضاف “قصفت منازل ومواقع عدة. الدخان يتصاعد من كل مكان”.
“نعمل ضد أهداف محددة”
وبدأ الجيش الإسرائيلي منذ فجر الإثنين بقصف أهداف في مخيم جنين. وقال المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت للصحافيين “نعمل ضد أهداف محددة”، معتبراً أن “الضربات الجوية في قلب المخيم فاجأت” المسلحين الفلسطينيين.
وقال الناطق العسكري “نحن نركز على البنية التحتية داخل المخيم، (العملية) يمكن أن تستمر ساعات، ويمكن أياماً. بمجرد أن نحقق ما نحتاج إلى تحقيقه، سنخرج من هناك”.
وذكر الجيش في وقت سابق أن قواته قصفت “مركز عمليات مشتركة” يشكل مركز قيادة “كتيبة جنين” التي كان شبان من انتماءات مختلفة أعلنوا تشكيلها في 2021 بهدف “مقاومة الاحتلال”.
وقال إن العملية استهدفت موقعاً “للمراقبة والاستطلاع”، فضلاً عن منشأة لتخزين الأسلحة ومخبأ لمن زعم أنهم مسلحون نفذوا هجمات على أهداف إسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة. وذكر بيان للجيش أن “جندياً أصيب بجروح طفيفة بشظايا قنبلة يدوية للجيش الإسرائيلي خلال عملية جنين وتم نقله إلى المستشفى”.
مشاركة “عرين الأسود”
وقالت كتائب القسام التابعة لحركة “حماس” في مخيم جنين في بيان إن مجموعة عناصرها من جميع الفصائل الفلسطينية تواجه الجيش الإسرائيلي في “أزقة مخيم جنين محدثين فيهم الإصابات المباشرة”.
من جهتها، أكدت “سرايا القدس” التابعة لـ”الجهاد الاسلامي” أنه رداً على العملية الإسرائيلية وضمن “معركة بأس جنين” نفذت مجموعة عناصرها عدداً من “الضربات النوعية في صفوف قوات وآليات الاحتلال”.
وأعلنت مجموعة “عرين الأسود” من نابلس القريبة أن مجموعة من عناصرها تشارك في القتال داخل مخيم جنين.
معركة غير متكافئة
ووصف عضو إقليم حركة “فتح” في محافظة جنين محمود حواشين الأوضاع في مخيم جنين بأنها “كارثية”. وقال وهو يتفقد الجرحى في مستشفى ابن سينا “هذه معركة غير متكافئة بين قوات عسكرية هائلة وبين شعب أعزل لا يملك سوى إرادته”.
وتابع حواشين، وهو من مخيم جنين، “باغت الجيش سكان جنين بمسيراته واستهدف البنية التحتية من ماء وكهرباء وسيارات”. وأضاف أن معظم الذين قتلوا من المدنيين. وقال “لسنا عشاق دم، نحن عشاق الحرية”.
وفي 19 يونيو (حزيران) الماضي قتل الجيش الإسرائيلي سبعة أشخاص في عملية في جنين التي قصفتها مروحياته لأول مرة منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005).
وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل
وحملت أطراف فلسطينية، الإثنين، إسرائيل مسؤولية التصعيد الجديد. وأعلنت السلطة الفلسطينية في بيان عقب اجتماع طارئ ترأسه الرئيس محمود عباس “وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي”. وأضاف البيان أن مخرجات اجتماعات العقبة وشرم الشيخ “لم يعد لها جدوى، ولم تعد قائمة”، وذلك “في ظل عدم الالتزام الإسرائيلي” بها.
وأكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن “ما تقوم به حكومة الاحتلال في جنين ومخيمها جريمة حرب جديدة في حق شعبنا الأعزل”.
وطالبت الخارجية الفلسطينية “بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان فوراً”، داعية المحكمة الجنائية الدولية إلى “الخروج عن صمتها والبدء بمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين”.
وأعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن “إدانتها الشديدة للجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها ضد المواطنين المدنيين العزل والطواقم الطبية والمراكز الصحية وتدمير البنية التحتية وهدم البيوت والمساجد”.
ودعت “مجلس الأمن الدولي إلى تحمل المسؤولية وإنفاذ قراراته ذات الصلة ووضع حد لهذا الإرهاب الإسرائيلي المتواصل وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني”.
وبالمثل، “دانت وزارة الخارجية الأردنية التصعيد الإسرائيلي، وآخره العدوان على مدينة جنين. ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
كما دانت الإمارات “بشدة الاعتداءات التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلية”، وشددت خارجيتها في بيان على “ضرورة الوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني”.
من جهتها، أعلنت جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ، الثلاثاء.
واشنطن: ندعم أمن إسرائيل
أما الولايات المتحدة فقالت وزارة الخارجية إن من الضروري اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية لمنع إزهاق أرواح المدنيين بعد أن ضربت القوات الإسرائيلية مدينة جنين.
وقال متحدث باسم الوزارة “من الضروري اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية لمنع إزهاق أرواح المدنيين”.
وأكد التصريحات السابقة للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض التي قال فيها “ندعم أمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن شعبها في مواجهة حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي) الفلسطينيتين وجماعات إرهابية أخرى”.
احترام القانون الدولي
وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الأمين العام يشعر بقلق عميق إزاء التطورات الجارية في مدينة جنين.
وأضاف نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق في بيان أن غوتيريش “يؤكد أن جميع العمليات العسكرية يجب أن تتم في ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني”.
وارتفعت حصيلة قتلى الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية منذ مطلع يناير (كانون الثاني) وحتى الثلاثاء إلى ما لا يقل عن 185 فلسطينياً، و25 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي. وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصر من الجانب الفلسطيني. أما في الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون.
ويعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2.9 مليون فلسطيني، إضافة إلى نصف مليون يهودي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ عام 1967.