الأسئلة الـ19
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
قدّمت وزارة الشؤون، الجهة التي تراقب أنشطة الجمعيات الخيرية، 19 سؤالاً لمجالس إدارات هذه الجمعيات والمبرات، تتعلق جميعها بما تتبعه من إجراءات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (!!).
كما طلبت معرفة مشروعاتها وطرق جمع وتفريغ ما تتلقاه من أموال التبرعات، في سعي الوزارة، أو بالأحرى لرغبة جهات خارجية، دولية، تقف غالباً أميركا وراءها، لمجابهة جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضرورة التوسع في استخدام الأنظمة الآلية، التي تحدّ، قدر المستطاع، من التدخل البشري.
تبين من الأسئلة أنها تعتمد أساساً على معرفة الإجراءات المعتمدة بشأن مكافحة جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والصلاحيات المالية لمختلف الدرجات الوظيفية في الجمعية، وسابق المخالفات الداخلية للموظفين، والأنشطة والمشروعات المرخصة في الداخل أو الخارج، إضافة إلى عدد أجهزة الـ«كي.نت» المستخدمة في الجمعية، وأجهزة التبرعات الإلكترونية، وكيفية تفريغ الأموال، سواء عبر شركة أو موظف مفوض من الجمعية. وأكدت أن هذه الإجراءات تأتي في إطار جهود الجهات الحكومية الخاصة بالاستعداد لعملية المراجعة الدولية، التي تنتظر الكويت في نوفمبر المقبل، من منظمة مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف)، لتقييم تجربتها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
كما تتضمن استمارة تقييم الجهة الخيرية المشهرة أسئلة ليس فقط عن تمويل الإرهاب، بل وأيضاً عن مدى وجود هياكل تنظيمية معتمدة للجمعيات والمبرات، ولوائح مالية وإدارية منظمة للعمل، ودليل واضح لحوكمة الأداء، إضافة إلى مدى وجود دليل أو لائحة واضحة للسلطات والصلاحيات المالية لمختلف الدرجات الوظيفية بالجمعية أو المبرة، وعدد الاجتماعات الشهرية لمجالس إداراتها، ومدى توافر نسخ ورقية مطبوعة عن هذه المحاضر، وطرق جمع التبرعات ونقل الأموال، وحدود صلاحيات أي عضو في مجلس إدارة الجمعية أو المبرة في أية وظائف إشرافية بالدولة، وعدد الحسابات البنكية المعتمدة للجمعية، والسلطات والصلاحيات المالية لموظفيها.
من خلال الإجابة عن الأسئلة، وتدقيق ميزان المراجعة الشهري أو ربع السنوي للجمعية أو المبرة، ووجود إدارة للتدقيق الداخلي، يمكن معرفة عما إذا كانت لدى الجمعية مخاطر خاصة تستحق الالتفات إليها!
***
ما لا تعرفه الجهات الدولية، أو تعرفه، أن «كل» هذه الجمعيات الخيرية والمبرات، باستثناء أربع أو خمس من أصل 50، هي هياكل تابعة لحزبين دينيين سياسيين، أو يديرها من يتعاطفون بقوة معهما، حيث إن الدولة أصبحت اليوم في شبه قبضة الإخوان المسلمين، فمن الطبيعي الافتراض أن الوزارة لن يكون بإمكانها فرض ما تريد عليها، خصوصاً في ما يتعلق بأجوبتها الغامضة، بعد أن أصبحت الكويت المصدر الوحيد، تقريباً، لتمويل تنظيم الإخوان المسلمين بالذات.
اكتسبت معظم مجالس إدارات هذه الجمعيات الخيرية المسيسة خبرة عريضة على مدى مئة عام تقريباً، في كيفية المراوغة، وعدم الإفصاح عن كل شيء، فهذا ليس في مصلحتها، فجزء كبير من عملياتها يتصف بالسرية ويتطلب تمويلاً ما، وبالتالي من السذاجة المفرطة الافتراض أن دور هذه الجمعيات الحقيقي هو أخذ المال من الميسور، أو الباحث عن الأجر، وتسليمه لصاحب الحاجة، المريض أو المعوز أو العاجز، فدورها أكثر تعقيداً من ذلك، والدليل تشعب عملياتها المالية، وتعدد جمعياتها وفروعها، بالرغم من التشابه الشديد في أهدافها، ورفضها الإفصاح عن مصادر أموالها، أو نشر ميزانياتها، أو ما يحصل عليه «القائمون عليها» من عمولات أو نسب مئوية من الأموال التي يتلقونها كتبرعات، وهي بعشرات الملايين، بعد أن كانت يوماً بمئات الملايين!
هذا التعمّد في الغموض أكبر دليل على وجود أمور كثيرة تسعى معظم هذه الجمعيات إلى التستر عليها.