هل طبخ طباخ بوتين “لحمة ضب”؟
بقلم: سعد بن طفلة العجمي
لا يزال الغموض يكتنف "المحاولة الانقلابية" التي انتهت بسرعة الاندلاع نفسها
النشرة الدولية –
لا يزال الغموض يكتنف المحاولة الانقلابية كما يسميها الإعلام الغربي أو “التمرد” كما يسميه الإعلام الروسي، التي قادها يوم الجمعة قبل الماضي أمير مرتزقة “واغنر” كما تلفظها وسائل الإعلام العربية والغربية ما عدا الألمانية، أو “فاغنر” كما يلفظها الروس والألمان، واسم قائدها يفغيني بريغوجين.
الفرقة سماها مؤسسها ديميتري أوتكينز على اسم الملحن والموسيقار والمؤلف الألماني ريتشارد فاغنر، ويقول الإعلام الغربي إنه كان الموسيقار المفضل لأدولف هتلر، وذلك في محاولة واضحة لربط الفرقة بالنازية، على رغم أن فاغنر توفي عام 1883، أي قبل ولادة هتلر بستة أعوام، (ولد عام 1889)، وقبل أكثر من نصف قرن من وصول هتلر إلى الحكم في ألمانيا عام 1933.
الانقلاب أو التمرد الذي قاده من كان يوماً طباخاً لفلاديمير بوتين انتهى بسرعة اندلاعه نفسها، أعلن قائد التمرد / الانقلاب التوقف عن الزحف نحو موسكو لتحقيق مطالب الفرقة بإزاحة وزير الدفاع الروسي والقادة العسكريين الروس، وأعلنت موسكو انتهاء التمرد ولجوء قائده إلى بيلاروس المجاورة بوساطة من رئيس الجمهورية الحليفة ألكسندر لوكاشينكو.
كانت موسكو قد أنفقت على المجموعة أو الفرقة التي يقودها بريغوجين مليار دولار خلال العام الماضي وحده، كما تعاقدت مع ذراعها الاقتصادي، شركة كونكورد، على تزويد الجيش الروسي بالأغذية بمبلغ مليار دولار آخر، وبالتالي فهي شركة / مجموعة / فرقة روسية وإن حاولت روسيا التملص من تبعيتها لها.
يعني اسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأول “عقيد القوم” أو قائدهم، وهو الاسم الأول نفسه لرئيس أوكرانيا الحالي بلفظ لهجوي مختلف (فولوديمير)، وبالمعنى نفسه، أما بوتين فتعني الدرب أو المسار الذي ينتهجه غالباً القائد المظفر.
تعرّف بوتين على قائد المجموعة يفغيني بريغوجين بداية التسعينيات في سان بطرسبرغ حين كان طباخاً تخرج من السجن للتو، وكان بوتين حينها مسؤولاً أمنياً كبيراً بالمدينة، وتوسعت تجارة ومطاعم وكازينوهات بريغوجين في سان بطرسبرغ وما جاورها، وصار شخصية مرموقة في عالم القمار وما يرافقه من أنشطة مختلفة، ومع توسع نشاطه توثقت علاقته ببوتين.
ثورة أو تمرد يفغيني، واسمه يعني ابن “الأصل والفصل” ويرادفه الاسم الشائع بالإنجليزية يوجين، لا يزال يحير المراقبين والمحللين، فبعضهم يرى أن تمرده أضعف بوتين وأرخى قبضته على الاتحاد الروسي كقيصر القرن الـ 21، وقالوا إنه بات يخاف من الانقلاب العسكري عليه، ولذلك فقد أمر هذا الأسبوع برفع رواتب الجيش بنسبة 11 في المئة.
لكن مراقبين آخرين يشككون في العملية كلها ويرون بأن القصة “فيها إن”، متسائلين عن العفو السريع عن يفغيني بريغوجين الذي يثير التساؤل ويمط الشفاه تعجباً، هل يعقل أن بوتين الذي يلاحق من يعارضه بالكلمة في العواصم الأوروبية ويغتالهم بالسم والمواد الكيماوية قد عفا حقاً عمن ثار بالسلاح ضده وضد جيشه في خضم معركة حامية الوطيس مع الـ “ناتو” تخوضها عنه أوكرانيا بالوكالة؟
الرواية الرسمية الروسية تقول إن الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو جلب النور وسلط الضوء على الرواية، فاسمه الأخير باللاتينية “لوكا” يعني النور أو من يأتي بالنور، أما شينكو فتعني الابن، أي أنه ابن “جالب النور”، وقد تضاربت الأنباء حول وجود الطباخ السابق، فمن قائل بأنه في بيلاروس، إلى من قال إنه عاد لروسيا وتحديداً إلى مسقط رأس بوتين في سان بطرسبرغ.
آخر رسائل بريغوجين الصوتية بثها من مكان ما الإثنين الماضي وتوعد بها الخونة والأعداء والانتصار في الحرب بأوكرانيا.
أين بريغوجين الآن؟ هل عفا عنه بوتين فعلاً؟ أم أنه ينتظر مصيراً كمصير سابقيه ممن عارضوا الرئيس بوتين في السابق؟ أم أن الأمر كله تمثيلية طبخ فيها بريغوجين “لحمة ضب” أكلها الغرب؟