مرحلة الإخوان وشرف الجمعيات
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
نعيش اليوم مرحلة انتصار الإخوان المسلمين السياسي في الكويت!
سبق أن حكم الإخوان دولاً عربية عدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وفشلوا في الحالتين في تحقيق شيء، وهم اليوم يعيشون فرحتهم، وسيفشلون حتماً، ولكن ليس قبل تخريب الكثير!
المتضرر الأول من «استقواء» الإخوان الأخير هم الوطنيون الحقيقيون، على قلتهم، إضافة إلى جماعة السلف، الأكثر تخلفاً منهم، والذين سيستغلون الفرصة لتحقيق بعض الانتصارات التشريعية، وإصدار مجموعة من القوانين المقيدة للحريات، وغير الإنسانية.
لم يكن غريباً قيام عدد من نواب «الأحزاب الدينية»، الذين عيّنوا أنفسهم حراساً للقيم، بتقديم اقتراح بقانون يقضي بسجن وفرض غرامة على أي مسؤول حكومي يتقاعس عن التبليغ عن «المثليين» العاملين معه! وهذا مقترح قراقوشي بامتياز، ويدل على عدم سلامة «رأي» مقدميه!
كما طالبوا بفرض العقوبات نفسها على من يترك والديه، أو يصبح عاقاً، وهذا سخف ما بعده سخف، وتدخل في أمور شخصية بحتة، وقانون لم تعرفه دولة تحترم نفسها، فلا يمكن فرض الحب على أيّ كان!
كما وعدوا بالسعي إلى إصدار قانون يمنع المرأة من تولي القضاء، لأنها ولاية عامة، متجاهلين عمداً حقيقة أن النيابة ولاية عامة أيضاً، وأن هناك زميلة لهم في المجلس، وهي غالباً أفضل من أفضلهم! وقد يكون مقترحهم خطوة باتجاه منع المرأة من الترشح؟
كما طالبوا بقانون يمنع «تحليل الأبراج»، وقراءة الطالع والعمل في السحر والشعوذة، والكهانة، (تناسوا أن لدينا مواطنين ومقيمين من الكهان).
أما في ما يتعلق بالسعي لإصدار قانون يجرّم أعمال السحر والعقد والرقى، والعمل الذي يعمل بقصد التأثير في بدن المسحور أو قلبه أو عقله أو مشاعره أو إرادته، فإن هؤلاء يعلمون أنهم وأصحابهم أكثر من اتبع هذه الطرق واستفاد منها، وما عليهم غير مطالبة سادتهم بتحريمها، ولا حاجة لقانون أصلاً! فتخصص إخراج الجن من أجساد المرضى، بالجنس، أو الضرب، هو من صميم أعمال مناصريهم، كما سبق أن فعل أحدهم، وأثرى من هذه الأعمال، قبل أن يتسبب في مقتل من كان يقوم بعلاجه، ضرباً بالخيازرين!
***
نعم، المرحلة هي مرحلة الإخوان، ومن يؤازرهم من قوى الفساد، وبالتالي علينا توقع تراجعنا اجتماعياً وسياسياً وتعليمياً، وعلى بقية الأصعدة، وسنندم كثيراً تالياً، لكن ما العمل والأغلبية لا تعرف «وين الله حاطها»، فكل ما تريده، بعد أن ثبت لها الفشل الحكومي، هو السعي إلى الاستحواذ على ما يصل إلى أيديها من ثروات الدولة، وليذهب مستقبل الأمة إلى الجحيم!
***
كتبت مقالاً (3 / 7 / 2023) عن الـ19 سؤالاً، التي وجهتها مؤسسات دولية للجمعيات الخيرية لدينا، تعلّق موضوعها بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب!
ثارت ثائرة بعض مسؤولي هذه الجمعيات، وسعوا إلى تأليب مسؤولي وزارة الشؤون ضدي شخصياً، بغرض إسكاتي، مع أنني لم أوجه لأي طرف محدد تهمة ما. ولا أدري لماذا تناسى هؤلاء أن مجرد سماحنا لجهات خارجية بالتدخل في أمورنا الخاصة دليل على أن الوضع لدينا ليس على ما يرام، وأن مقاصد ونوايا الجمعيات الخيرية لا تدعو إلى الاطمئنان، وتدخلها يؤكد ما سبق أن ذكرناه من أن بعض الجمعيات لا تسعى حقيقة إلى جمع المال من الأثرياء وصرفها على الفقراء، أو لنشر الدين، والدليل «استماتها» لتأسيس عشرات الجمعيات بأغراض مختلفة، لتحقيق هدف واحد، وقد يكون أبعد ما يكون عن «الخير»! والدليل الآخر على ذلك مخالفاتهم التي لم تتوقف يوماً، وكان آخرها مطالبة الوزارة للجمعيات التي تدعي الشرف والأمانة بالكشف عن مواقعها ومقارها «غير المرخصة»! فما الذي يدعو جمعية خيرية لمخالفة القوانين؟ ألا يعتبر هذا تلاعباً على الدولة، وعملاً غير شريف من جمعيات تدعي الشرف؟
لولا ما يبذله مسؤولو الشؤون من جهد كبير لتشديد الرقابة على هذه الجمعيات الخيرية، لكان الوضع أكثر سوءاً بكثير.