مجلة لوبوان تسلط الضوء على قصص نساء تحوّلن إلى رمز للنّضال
النشرة الدولية –
سلطت مجلة “لوبوان” الفرنسية الضوء على نساء تحدّين التقاليد والقوانين الإسلامية في إيران وتونس والسودان وغيرها من الدول، في مسيرة شاقة في الدفاع عن المساواة والحرية.
ويبقى نضال النساء ضد الإسلاميين، الذين يخصصون لهن مكانة ثانوية في المجتمع، عالمياً، رفضاً لسيطرة مزاعم مؤيدي الإسلام الراديكالي على حياتهن.
وفي بعض الدول، تخضع النساء لقوانين تستند إلى الشريعة الإسلامية. وتتراوح هذه القيود من فرض الحجاب الإلزامي إلى استحالة التقدم بطلب الطلاق، فضلاً عن قيود على الميراث والشهادة في المحكمة. وبالتالي، يبقى الصراع قائماً بين المدافعين عن المساواة بين الجنسين وأنصار الإسلام السياسي.
تحدثت المجلة الفرنسية إلى الناشطات اللواتي تجرأن على الوقوف بوجه أنظمة ترتبط بالقوى الإسلامية، بدءاً من الدول القريبة من إيران مثل والعراق ولبنان، أو من “الإخوان المسلمين”، مثل تونس والسودان.
ملكة النوبة – السّودان
تحولت الطالبة آلاء صلاح (24 سنة)، إلى أيقونة الثورة السودانية التي أطاحت الرئيس الإسلامي عمر البشير عام 2019. وأطلق عليها لقب “ملكة النوبة”، بعدما انطبعت صورتها واقفة على سطح سيارة تخاطب الحشد في التاريخ.
وبعدما شهدت الدولة أزمة اقتصادية واجتماعية، وارتفاعاً كبيراً في سعر الخبز، وضعت الانتفاضة التي قادتها النساء السودانيات حداً لثلاثين سنة من الدكتاتورية الإسلامية.
ومن خلال التحدث أمام مئات المتظاهرين، والقيام ببعض الحركات الراقصة، تحدت صلاح النظام العام الذي يقيد مشاركة المرأة السودانية في الحياة العامة ويفرض عليها ارتداء “ملابس لائقة”، فاستفز تألقها بثوبها الأبيض السلطات.
وأعلنت صلاح أنَّ “المرأة السودانية لا تحتاج إلى رجل لتعرف ما ترتدي”، مضيفة أنَّ الإسلام يطالب بالتعبير عن الرأي ومناهضة الطغاة.
ولئن أخفقت الثورة السودانية في التخلص من المجلس العسكري، حققت انتصاراً بارزاً: إلغاء قانون النظام العام المثير للجدل، ما يسمح اليوم للنساء بارتداء الملابس التي تعتبرنها مناسبة.
ركلة ملك علوي – لبنان
ولم تبرز المرأة في التظاهرات الجديدة ضد الإسلاميين فحسب، بل ضد الأنظمة العسكرية العلمانية أيضاً. وأوضحت المؤرخة ليلى دخلي ميتال، المتخصصة في العالم العربي المعاصر أنَّ النساء أدّين دوراً قيادياً في الثورة اللبنانية.
وفي 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، احتشد آلاف اللبنانيين في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، للتنديد بإهمال الطبقة السياسية والمطالبة بإنهاء التقاسم المذهبي للسلطة، السائد منذ الحرب الأهلية.
وبعدما التقى المتظاهرون بموكب وزير التربية والتعليم أكرم شهيب، أطلق أحد مرافقيه عيارات تحذيرية من سلاح آلي. وبرغم تفرق الحشود، تقدمت امرأة في اتجاه المرافق وركلته. وسرعان ما اجتاحت صورتها مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت إلى رمز لـ”ثورة 17 تشرين”.
وأشارت ملك علوي إلى أنَّ رد فعلها لم يكن مدروساً، إنَّما غضبها دفعها إلى القيام بذلك.
قانون الميراث – تونس
تبقى تونس الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في ثورتها، ومثلت مسرحاً للانتفاضة الشعبية الأولى في “الربيع العربي” عام 2011. ومع ذلك، وضعت كل الانتخابات التشريعية التي أجريت في السنوات التالية حزب “النهضة” في المقدمة.
وتبددت حقوق المرأة في بلد الزعيم الحبيب بورقيبة، الذي حقق إنجازات غير مسبوقة في العالم العربي منذ عام 1957، وأبرزها منح المرأة حق التصويت والزواج بالتراضي، ومنع تعدد الزوجات.
وكانت بشرى بلحاج حميدة، المؤسسة المشاركة لـ”الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات”، من رواد قانون مناهضة العنف ضد المرأة، الذي أقره البرلمان التونسي عام 2017. واتهمت خلال الخطب الدينية بالتخلي عن الإسلام، وواجهت تهديدات بالقتل.
ووصل إصلاحها الرامي إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة من حيث الميراث، إلى طريق مسدود.
ويعتبر الإسلاميون أن التطرق إلى مسألة الميراث يرقى إلى التشكيك في كل العلاقات الاجتماعية القائمة على النظام الأبوي. وبعيداً عن الجانب الديني، يؤثر أي تعديل محتمل على المصالح المالية وتصفية الحسابات داخل الأسر.
الحجاب الإلزامي – إيران
وهزت ثورة أكثر هدوءاً الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمدة سبع سنوات، استهدفت الحجاب الإلزامي الذي يعتبر رمزاً للنظام.
وبادرت الناشطة مسيح علي نجاد المنفية في الولايات المتحدة، إلى دعوة النساء الإيرانيات إلى خلع الحجاب في الأماكن العامة، احتجاجاً على فرضه منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ومنذ كانون الثاني (يناير) 2018، قصدت مهندسة الكمبيوتر شباراك شاجاري زاده أسبوعياً مكاناً في شمال طهران لخلع حجابها والتلويح به للمارة، ساعية إلى وضع حد للقوانين التمييزية ضد المرأة.
وفي 21 شباط (فبراير) 2018، اعتقلت الناشطة وخضعت لاستجواب جهاز الاستخبارات الذي استمر ساعات. وكغيرها من المعارضين، اتهمت بالتجسس والدعاية ضد الدولة، كما تعرضت للإهانة والضرب المبرح. وبعد اعتقالها مرتين، فرت إلى كندا بشكل غير قانوني.
وعند إعادة اعتقالها، تبنت المحامية نسرين ستوده الدفاع عنها، ما أدى إلى اعتقالها هي الأخرى في حزيران (يونيو) 2018، والحكم عليها بالسجن لمدة 38 سنة، مع 148 جلدة، بتهمة “التحريض على الفساد والدعارة”.
الدّول الغربيّة
في فرنسا، اضطرت الصحافية السابقة في مجلة “شارلي إيبدو” زينب الرزوي، إلى العيش تحت حماية الشرطة، بعدما حشدت تحذيراتها من “تسلل الإخوان المسلمين” إلى الدولة مجموعة من الأعداء، من الرباط إلى باريس، وحوّلتها إلى أكثر امرأة مهددة في الدولة.
وأخيراً، برزت نساء من مختلف الدول حول العالم، بعدما عرفن معنى الحرية ولم يترددن في الدفاع عنها. فأصبحت قصصهن دروساً في النضال والشجاعة والدفاع عن حقوق الإنسان.