فايننشال تايمز: لهيب الصيف يلفح أوروبا مسجلا أرقاما قياسية في أرجاء منطقة البحر الأبيض المتوسط

النشرة الدولية –

مع وصول درجات الحرارة إلى درجات تقارب مستويات قياسية في أرجاء منطقة البحر الأبيض المتوسط، حذرت الوكالة الأوروبية للتنبؤ بالطقس من أن القارة يجب أن تستعد لموجات حر أقسى وأطول.

قال كارلو بونتمبو، مدير مركز كوبرنيكوس لتغير المناخ، “نتوقع أن تزداد شدة موجات الحر، مثل تلك التي أثرت في أوروبا الصيف الماضي أو الموجات الجارية حاليا، وأن تستمر فترة أطول بسبب تغير المناخ”. مضيفا أنه لم يتضح بعد ما إذا تم تحطيم رقم قياسي سابق بلغ 48.8 درجة مئوية سجلت في صقلية قبل عامين هذا الأسبوع.

قال بونتمبو إنه من المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة قليلا نهاية هذا الأسبوع لكنها ستظل “أدفأ من المعتاد” في أجزاء كثيرة من جنوب أوروبا.

وصلت درجات الحرارة الإثنين والثلاثاء إلى 40 درجة مئوية في سردينيا وصقلية وكانت أقل قليلا في مدن مثل مدريد وروما، ما دفع السلطات إلى إغلاق مواقع سياحية وإصدار تحذيرات.

إن هذه الحرارة الشديدة في القارة نتيجة مرتفع جوي سمته دائرة الأرصاد الجوية الإيطالية “سيربيروس” نسبة إلى الوحش الأسطوري الذي كان يحرس أبواب الجحيم. تأتي هذه الموجة بعد حزيران (يونيو) الأعلى حرارة عالميا على الإطلاق والأسبوع الأول من تموز (يوليو) الأشد حرارة. وفقا لمركز كوبرنيكوس، كانت درجات الحرارة في يونيو أعلى 0.5 درجة مئوية عن المتوسط العالمي.

كان للطقس عواقب وخيمة على السياحة والزراعة والصناعة. حرائق غابات عدة خارج أثينا، والتي اندلعت الإثنين، استمرت حتى الثلاثاء، مدمرة منازل وسيارات وأجبرت آلافا من السكان والأطفال من مخيمات صيفية على إخلاء المنطقة. الرياح العاتية مع درجات الحرارة المرتفعة جعلت أثينا مستعدة على أعلى مستوى للتأهب لحرائق الغابات.

تم إغلاق أحد أكثر المواقع شعبية في أثينا، الأكروبوليس، الذي يستقبل أكثر من 15 ألف زائر يوميا، خلال ساعات شدة الحرارة نهاية الأسبوع الماضي.

قالت لينا ميندوني، وزيرة الثقافة في اليونان، إنها تتلقى تحديثات كل ساعة عن الحرارة لتقرر ما إذا كانت ستبقي مواقع مفتوحة.

وقالت، “علينا جميعا التكيف مع أزمة المناخ التي نواجهها”.

أعلن مسؤولو الصحة في إيطاليا حالات ارتفاع حرارة طارئة في 20 مدينة الثلاثاء، و23 مدينة الأربعاء، في حين تم تنبيه المستشفيات لتستعد لارتفاع محتمل في عدد الذين يعانون مشكلات متعلقة بالحر تتطلب اهتماما عاجلا.

في روما، حيث واجه السياح صعوبة في إيجاد مناطق باردة أو ظليلة، أنشأت منظمة الحماية والمتطوعين في المدينة 28 نقطة مساعدة في المدينة لتوفير الماء والمساعدة الطبية لأولئك الذين غلبهم الحر.

قدرت دراسة أجراها معهد برشلونة للصحة العالمية الإثنين أن أكثر من 61 ألف شخص توفي من حالات صحية مرتبطة بالحرارة في أوروبا بين نهاية أيار (مايو) وبداية أيلول (سبتمبر) العام الماضي، وكانت إيطاليا الأكثر تضررا من الحرارة. كانت إسبانيا وألمانيا أيضا ضمن الدول التي فيها أعلى أرقام وفيات من مشكلات صحية بسبب الحر.

قالت “كولديريتي”، جماعة الضغط الزراعية البارزة في إيطاليا، إن مزارعي الألبان لجأوا إلى استخدام المراوح وأنظمة الرذاذ لتبريد ماشيتهم، وحذروا من انخفاض 10 في المائة في إنتاج الحليب بسبب شدة الحرارة على الحيوانات.

قالت الجماعة إن المزارعين سيعانون ليس فقط انخفاضا في إنتاج الحليب، بل أيضا تكاليف الماء والطاقة المرتفعة بتشغيلهم أنظمة التبريد “لمساعدة الحيوانات على مقاومة نوبة الحرارة المتواصلة”.

قال لوكا بيرجاماسكي، مؤسس “إيكو”، مؤسسة بحثية مستقلة مهتمة بالمناخ، يجب أن تكون الحرارة الشديدة – بعد شهرين فقط من تدمير الفيضانات الهائلة لقلب الأراضي الزراعية الشمالية في إيطاليا – نداء ليقظة حكومة إيطاليا اليمينية، التي اعترضت على أجزاء من اتفاقية الاتحاد الأوروبي الخضراء الطموحة لمعالجة الاحتباس الحراري.

على الرغم من أن جورجا ملوني، رئيسة الوزراء، تقول إن أعضاء حكومتها اليمينية ليسوا “منكرين خطيرين لتغير المناخ”، فقد قالت الحكومة إن أي إجراء للتصدي لتغير المناخ يجب أن يكون تدريجيا لكي لا يؤثر في اقتصاد إيطاليا ولا تقاليدها.

تصبح موجات الحرارة أكثر شيوعا في جميع مناطق العالم، لكن أوروبا تزيد حرارتها أسرع من المتوسط العالمي نظرا إلى نسبة كتلتها من اليابسة الكبيرة وموقعها على سطح الأرض.

درجات الحرارة القياسية هي نتيجة تغير المناخ، الناجم عن حرق الوقود الأحفوري وأنشطة البشر الأخرى، إضافة إلى ظاهرة النينيو الناشئة، وهو نمط مناخي دوراني في المحيط الهادئ يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، وفقا للدكتور روبرت رودي، كبير العلماء في “بيركلي إيرث”، منظمة أبحاث مناخية أمريكية غير ربحية، الذي توقع أن درجات الحرارة القياسية قد يتم تحطيمها مرة أخرى خلال الأسابيع المقبلة.

بيد أن بعض العلماء يرون أن تحديد آثار ظاهرة النينيو سابق لأوانه.

قالت الدكتورة ميليسا لازنبي، محاضر أول في مجال تغير المناخ في جامعة ساسكس، “لا تزال ظاهرة النينيو في مراحل تطورها وعادة ما تبلغ ذروتها في كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، لذا من المحتمل أن نشهد مزيدا من أحوال الطقس والحرارة القاسية على مستوى العالم. من المتوقع أن تصل ظاهرة النينيو الحالية أوجها أبكر من المعتاد في سبتمبر وتشرين الأول (أكتوبر) تقريبا”.

Back to top button