ما بين بايدن ونتنياهو.. خلاف أم تحول؟
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
عكس مقال الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان الذي نشر الأسبوع الماضي في صحيفة نيويورك تايمز, والذي جاء من وحي لقائه بالرئيس الاميركي جو بايدن، عكس هذا المقال درجة عالية من نفور البيت الابيض من السياسة التي يتبعها نتنياهو داخل دولة الاحتلال وللدرجة التي اضطر فيها الرئيس بايدن ووفقا لما كتبه فريدمان ان يحذر نتنياهو من المضي قدما فيما يسمى «الاصلاحات القضائية» المتعلقة «بمسألة المعقولية» وصلاحيات المحكمة العليا في رد او نقض القوانين الصادرة عن الكنيست، وقد نقل فريدمان ما نصه على لسان بايدن (… وقف التعديلات?حالا، لا تمرر شيئا بهذه الأهمية من دون توافق واسع، وإلا ستكسر شيئا ما في الديمقراطية الإسرائيلية وفي علاقاتك مع الديمقراطية الأميركية، قد لا تتمكن من إعادته إلى سابق عهده).
من الصعب معرفة جدية وقدرة الرئيس بايدن على معاقبة الحكومة الاسرائيلية التي وصفها في لقائه مع (سي، ان، ان) مؤخرا بانها متطرفة وانتقد تركيبتها حيث قال (إن وزراء يريدون الاستيطان في كل مكان في الضفة الغربية هم جزء من المشكلة، لافتاً إلى ان بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية، كسموتريتش وبن غفير، هما الاكثر تطرفا منذ حكومة غولدا مئير) ويقصد بايدن منذ حكومة غولدا مائير الاولى والتي تراستها عام 1969، وتعد تصريحات الرئيس بايدن غير المسبوقة مهمة للغاية في حال اقترنت بخطوات عقابية لحكومة نتنياهو ولكن السؤال المطروح هل يس?طيع بايدن الإقدام على خطوات عقابية وما هي هذه الخطوات والأهم ما مدى أثرها؟
الحقيقة الثابتة والواضحة حتى الآن أن «الخلاف جدي» وقد يتعمق في حال تفاقمت الاحتجاجات داخل دولة الاحتلال وخاصة بعد إعلان أغلبية الطيارين في سلاح الجو وبعض قادة الجيش والأجهزة الأمنية اعتراضهم على التعديلات القانونية وإضرابهم عن العمل، ولكن ماذا يمكن أن تفعل الإدارة الأميركية في حال قررت معاقبة (الحكومة المتطرفة حسب تعبير بايدن)؟
أعتقد وباجتهاد أن أقصى ما يمكن عمله تقليص المساعدات المالية التي ستخصص لإسرائيل في الميزانية القادمة، ولربما تقدم واشنطن على وقف التعاون التقني في بعض المجالات العسكرية أو المدنية، وقد تشجع بعض الشركات الاميركية التي تستثمر داخل دولة الاحتلال على نقل استثماراتها الى دول اخرى في أوروبا أو جنوبي اسيا مثل كوريا الجنوبية أو اليابان، وعلى أي حال فان مثل هذه العقوبات حتى وإن مرر بعضها الكونغرس لن تكون مؤثرة بالدرجة الكافية لردع نتنياهو وحكومته التي تسابق الزمن من أجل إقرار التعديلات القانونية وتجعلها امرا واقعا ?بل نهاية هذا العام.
وتظهر ردود فعل نتنياهو وبن غافير وسموتيرش على مقال توماس فريدمان وتصريحات الرئيس بايدن درجة عالية من «الاستهتار» و«الاستخفاف»، وتحديدا تصريح بن غافير الذي قال فيه (إن على بايدن أن لا يعتقد أن إسرائيل هي واحدة من نجوم العلم الأميركي) أي أن إسرائيل ليست ولاية أميركية وتصريح نتنياهو الذي قال فيه (إن إسرائيل دولة مستقلة ولا تخضع لأي ضغوط من الخارج).
- الخلاصة:
نتنياهو لن يتراجع عن التعديلات القانونية لأنها بالنسبة له مسالة حياة أو موت، وهو بذلك يراهن على أمرين أساسيين في تحديه للإدارة الديمقراطية والرئيس بايدن وهما:
أولا: أنه في حال استطاع تغيير المنظومة القانونية وكف يد المحكمة العليا عن نقض القوانين والتشريعات الصادرة من الكنيست فهو سيضمن حريته وبالتالي إمكانية عودته لرئاسة الحكومة الإسرائيلية مرة اخرى.
ثانيا: يراهن نتنياهو وبكل جدية على أن إمكانية عودة هذه الإدارة الديمقراطية وتحديدا في حال ترشح بايدن لمنصب الرئيس في الانتخابات القادمة عام 2024 هي إمكانية صعبة، وبالمقابل يراهن وبقوة على إمكانية عودة دونالد ترامب أو نائبه مايك بينس «الانجيلي» لرئاسة أميركا والاثنان يحظيان بدعم كامل من «الانجيليين الأميركيين»، والانجيليون في أميركا كتلة فارقة وقوية في دعم المرشح للرئاسة بل وحسمها وهذه الكتلة هي من أوصلت ترامب للرئاسة رغم ضحالته السياسية إلا أن عقليته التجارية البحتة جعلته يعقد صفقة مع الإنجيليين على حساب ا?قدس تحديدا وفاز بالرئاسة، وهو ما كنت قد سلطت الضوء عليه وبتفاصيل غاية في الأهمية في كتابي الصادر عام 2022 والمعنون بـ (الانجيليون وترامب ونهاية الخرافة) وفي هذا الكتاب شرحت عمق العلاقة بين الانجيليين والمتطرفين من اليمين الديني الحريدي الصهيوني.
- وطنيا: علينا الاستعداد لمفاجآت غياب إدارة بايدن الصديقة، والاستعداد لإدارة الجمهوريين المتوقعة والتي قد تكون ذات حساسية عالية تجاه الأردن ومصالحه.