الكنيست يقرّ قانوناً يكبّل القضاء… تراجع بورصة تل أبيب 1.6%، وانخفض الشيكل 0.3% مسجّلاً 3.64 مقابل الدولار
النشرة الدولية –
أقرّ الكنيست الإسرائيلي بغالبية 64 صوتاً، الإثنين، بندَ تقليص حجّة “عدم المعقولية”، وهي أحد المقترحات الرئيسية في خطة الإصلاح القضائي التي عرضتها الحكومة اليمينية المتشددة، برئاسة بنيامين نتنياهو، فقاطعتها المعارضة وتسببت باحتجاجات شعبية واسعة.
وفي أول تعليق له بعد اقرار المقترحات، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم، إنّه يأمل بأن يتوصّل الائتلاف الحاكم المكون من أحزاب دينية وقومية، إلى اتفاق مع المعارضة حول خطة التعديلات القضائية بحلول نهاية تشرين الثاني (نوفمبر).
وأضاف نتنياهو، في تصريحات تلفزيونية بعد ساعات من إقرار الكنيست لقانون يحدّ من بعض سلطات المحكمة العليا، أنّ المحاكم ستبقى مستقلة.
وكانت جلسة التصويت النهائي في البرلمان الإسرائيلي، بدأت بعد مناقشات استمرت أكثر من 24 ساعة حول مشروع القانون، الذي يهدف الحدّ من صلاحيات المحكمة العليا في الدولة العبرية، لصالح الحكومة.
وعلى أثر عملية التصويت، تراجعت بورصة تل أبيب 1.6%، وانخفض الشيكل 0.3% مسجّلاً 3.64 مقابل الدولار الواحد.
طعون أمام المحكة العليا
زعيم المعارضة يائير لابيد أكد أنّه سيقدّم استئنافاً أمام المحكمة العليا في إسرائيل ضد القانون، فيما دعا عضو الكنيست ورئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان المحكمة نفسها إلى إبطاله “حتى لا تصبح إسرائيل كوريا الشمالية”.
وكذلك تقدّم 44 شخصاً من رجال الأعمال وكبار المسؤولين السابقين في جهاز الأمن ونشطاء اجتماعيين، التماساً للمحكمة العليا ضد تعديل القانون، معتبرين أنّه “ينتزع من المحكمة أداة أساسية لمنع القرارات غير المهنية… ويعفي الوزراء من واجباتهم”.
وقالت جماعة مراقبة سياسية يطلق عليها اسم “الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل” إنّها ستقدم طعناً لدى المحكمة العليا ضد القانون أيضاً.
وأضافت الجماعة أنّها ستدفع بأنّ التعديل يُعد بمثابة “إلغاء فعليّ للسلطة القضائية ويجب أن تلغيه المحكمة”
وبدوره، قال وزير العدل ياريف ليفين: “اتخذنا خطوة أولى في عملية تاريخية لإصلاح النظام القضائي للبلاد”.
وفي وقت سابق، هدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإسقاط الائتلاف الحكومي، إذا توصل لحل وسط مع المعارضة، وفق ما ذكرت “القناة 12” الإسرائيلية.
ولاحقاً، اعتبر أنّ إقرار القانون “مجرد بداية لما هو قادم”، مضيفاً: “أنا سعيد بذلك”.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن اجتماعات مكثفة عُقدت مع قادة الأجهزة الأمنية الذين حاولوا الضغط على الأطرافن للتوصل إلى تفاهمات منعاً لفوضى محتملة في إسرائيل بعد تداعيات التشريعات القضائية وتأثيرها على جهوزية الجيش.
وعقد نتنياهو مشاورات مع وزير العدل ياريف ليفين ووزير المالية بتساليئيل سموتريتش، إلاّ أنّه رفض استقبال رئيس هيئة الأركان هيرتسي هاليفي قبيل التصويت لتلقي مراجعة أمنية.
وقرّرت أحزاب المعارضة مقاطعة التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة معلنة فشل المفاوضات للتوصّل إلى اتفاق مع الحكومة.
وقال لابيد في تصريح عقب انتهائه من إلقاء كلمة خلال الجلسة العامة للكنيست: “لقد قمنا بكل ما في وسعنا لمنع الانقلاب على النظام القضائي”.
أما الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي خاض في وقت سابق مفاوضات للتوصّل إلى اتّفاق بين الجانبين، فاعتبر أنّ “البلاد في حالة طوارئ وطنية”، مشيراً إلى وجود فجوة بشأن التوصّل إلى توافق حول التعديلات القضائية.
وقال في بيان قبيل الجلسة “هناك قاعدة يمكن البناء عليها للتوصّل لحل وسط بشأن خطّة التعديلات”، مضيفاً: “هذا التوقيت يتطلّب تحمّل المسؤولية. ونحن نعمل على مدار الساعة وبكل السبل للتوصّل إلى حل”.
وبدأ الرئيس الإسرائيلي مساء أمس مفاوضات ربع الساعة الأخير من أجل التوصّل إلى تسوية.
وقدّم مقترحَ وساطةٍ يتعلّق بـ”بند المعقولية” وتجميد بقية التشريع القانوني.
وقد أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، وفقاً لمصادر مطّلعة على المفاوضات، بأنّ كبار قادة المعارضة وافقوا على حلّ وسط بشأن المعقولية لكنّهم طالبوا بتجميد كبير للتشريعات.
وأشارت المصادر إلى أنّ “العقبة الوحيدة هي مسألة تجميد التشريعات القانونية، حيث أنّ حزب الليكود يرفض تجميدها لأكثر من ثلاثة أشهر، بينما يطالب زعيم المعارضة يائير لابيد بتجميد أكبر لمدّة 15 شهراً”.
وشملت التغييرات المقترحة الأخرى إعطاء الحكومة دوراً أكبر في تعيين القضاة والحدّ من سلطة المستشارين القانونيين الملحقين بالوزارات الحكومية.
ورفض حزب “الليكود” مقترح التسوية بشأن “بند المعقولية”، وهاجمه لابيد بالقول: “مرّة أخرى اقتُرح حلّ وسط واتّفاق واسع، ومرّة أخرى المعارضة مستعدّة لمناقشته لكن الائتلاف رفضه على الفور”.
وأضاف: “من الواضح أكثر من أي وقت مضى أنّ المتطرّفين في الحكومة قرّروا دفع إسرائيل إلى الهاوية”.
ومع استمرار التحرّكات المناهضة للتعديلات القضائية، استخدمت الشرطة الإسرائيلية القوّة المفرطة والمياه لتفريق تجمّعات لعدد من المتظاهرين بعدما أغلقوا مدخل الكنيست في القدس.
الشرطة الإسرائيلية تستخدم خراطيم المياه لتفريق متظاهرين يحاولون إغلاق الطريق للكنيست pic.twitter.com/ENxnnC7J8D
— Annahar Al Arabi (@AnnaharAr) July 24, 2023
وقالت الشرطة إنّها “اعتقلت ثلاثة أشخاص من المحتجين أغلقوا مدخل منزل وزير الاقتصاد بسلاسل بشرية”.
وأضافت أنّها “ستستمر في التحرّك في القدس لتفريق وصد مثيري الشغب الذين يغلقون حركة السير منذ الصباح ويقطعون الطرق المؤدية إلى الكنيست وذلك في انتهاك للقانون”.
وقال أحد قادة الاحتجاجات إنّه “محبط للغاية من قادة المعارضة، فليس لديهم تفويض للتنازل عن مستقبلنا والتسبّب في تأخير بضعة أشهر في قوانين الديكتاتورية”.
وأضاف “من الأفضل للحكومة أن تمرّر القوانين كما هي بحيث تبطلها المحكمة العليا لاحقاً على أن تُعقد تسوية فاسدة تضر بحرّاس الديموقراطية”، (في إشارة إلى محكمة العدل العليا).
التظاهرات في محيط #الكنيست الاسرائيلي pic.twitter.com/AMymPFpJk1
— Annahar Al Arabi (@AnnaharAr) July 24, 2023
إضراب محال وشركات
وفي إطار الخطوات الاحتجاجية، أعلن رئيس اتحاد النقابات الرئيسي في إسرائيل إنّه سيجتمع مع مسؤولين نقابيين آخرين لمناقشة إمكانية إعلان إضراب عام.
وحاول أرنون بار دافيد، رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية (هستدروت)، التوسط بين الحكومة والمعارضة للتوصل إلى توافق. واعتبر أنّ “الخلافات بسيطة لكن جهود الوساطة فشلت بسبب الأهواء السياسية”.
وأضاف بار ديفيد “منذ هذه اللحظة فصاعداً، أي تقدم أحادي الجانب في التعديل (القضائي) ستكون له عواقب وخيمة… فإما أن تمضي الأمور للأمام مع وجود اتفاق واسع أو أنها لن تتقدم على الإطلاق”.
وأشار بار دافيد إلى أنّه سيلتقي بمسؤولي الهستدروت لإعلان “نزاع عمالي عام” وسوف يقوم “بتفعيله إذا لزم الأمر إلى أن يتحقق الإغلاق الكامل (للاقتصاد)”.
وقال في بيان: “يجب أن نتوصّل إلى تفاهمات لمنع الضرر الكبير الذي يلحق بالاقتصاد والصدع الذي يمزّق المجتمع”.
هيئة البث الاسرائيلية (كان): إضراب جميع مراكز التسوق الكبرى في #إسرائيل pic.twitter.com/pn7zMB1Bw0
— Annahar Al Arabi (@AnnaharAr) July 24, 2023
وتخطّط حكومة نتنياهو التي تضم أحزاباً يمينية متطرّفة ودينية متشدّدة، للحد من صلاحيات المحكمة العليا بذريعة أن التغييرات ضرورية لضمان توازن أفضل للسلطات.
وتسبّب الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي اقترحته الحكومة في كانون الثاني (يناير) الماضي، بانقسام حاد في إسرائيل وبواحدة من أكبر حركات الاحتجاج في تاريخ البلاد.