كيف أصبحت «الثلاثمئة».. «ملياراً»؟
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
جاء مقترح شراء الإجازات من منطلق البطر، وأن الأموال كثيرة، والشعب يستأهل، والأهم من ذلك لشراء ولاء العامة، وإقناع الناس بأن الحكومة تعمل من أجل رفاهية المواطن!
لا خلاف على المبدأ، وأن المواطن يستحق التمتع بخيرات الوطن، لكن الغافل فقط من يعتقد أن التمتع يكون من خلال مبالغ نقدية أو زيادات رواتب سرعان ما تذوب من بين الأصابع، كما وصلت إليها، فالتمتع الحقيقي بالخيرات يكون عن طريق تحسين مستوى معيشة المواطن، وبناء شبكة طرق جيدة، وإنشاء المتنزهات، وتوفير تعليم راق وبناء مستشفيات حديثة وطب متقدم، وضمان مجز وتقاعد وشيخوخة كريمة، ودور رعاية للكبار، ومسارح وجمعيات نشطة، وليس الدفع النقدي التافه، الذي سرعان ما يضيع.
تم الترويج لقانون شراء الإجازات نقداً، وأنه سيفيد المواطن، ولتسهيل تمريره، قللوا من تكلفته، وقالوا إنها ستكون بين 200 إلى 300 مليون دينار. لكن تبيّن، من إجابة عن سؤال برلماني وجهه النائب النشط عبدالوهاب العيسى لوكيلة وزارة «المالية»، أن المبلغ الذي صرف لشراء إجازات الموظفين وصل لمليار دينار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ المقدر في القانون. وكان تبرير أو عذر الوكيلة أقبح من فعل وزارتها، حيث ذكرت أن الزيادة التي بلغت 700 مليون دينار حدثت خوفاً من ضغوط النواب!
قدّم العيسى وزميله العصفور اعتراضهما على العذر القبيح، خصوصاً في غياب أي دليل على صحة ما ذكرت الوكيلة، وذكرا أنهما ربما كانا سيتفهمان ارتفاع المبلغ بنسبة معقولة، ولكن ليس بأضعاف أضعافه، ليصبح مليار دينار؟
بالبحث تبيّن وجود فضيحة أخرى، وهي أن مبلغ الـ300 مليون دينار لشراء الإجازات كان مبلغاً جزافياً، لم يكن له علاقة بالواقع، ومثّل سوء تقدير حكومي واضحا. كما أن الإقبال على بيع الإجازات من موظفي الحكومة لم يكن متوقعاً بذلك الزخم، وبالتالي رضخت المالية للأمر الواقع، وقبلت طلب كل من تقدم راغباً في بيع إجازاته، متجاهلة المبلغ الذي ورد ذكره في القانون.
إن المليار دينار الذي صرف على شراء ود الموظف، أو شراء إجازته ضاع أغلبه هباء، ولم يفكر غالباً أي موظف في استثماره أو توفيره للمستقبل، وكان من الممكن أن يضاعف ويستخدم بعبقرية نفتقدها في تحسين حياة الجميع، بأقل تكلفة ممكنة!
إن هذا التسيب، وهذا التساهل في تجاوز المبلغ المرصود والسحب، من دون أي إحساس بالمسؤولية، من اعتمادات تكميلية، دليل على أن أوضاعنا لم تكن، ولن تكون على ما يرام! وأن أموراً كثيرة تدار بطريقة تفتقد الكثير من الاحترام للقوانين والنصوص الدستورية والأعراف وأصول المحاسبة في الدولة.