مخاوف من تعرض الدينار العراقي لهزة جديدة… تجاوز حاليا حاجز 1550 دينارا للدولار الواحد

النشرة الدولية –

الحرة –

أثارت تقلبات أسعار صرف الدولار الأميركي في العراق مخاوف من احتمال أن يتعرض الدينار لهزة جديدة، فيما انتشرت أنباء عن حملة اعتقالات طالت من تتهمهم السلطات بـ”التلاعب بسوق العملة”.

ووصلت قيمة الدولار إلى 1580 دينار، الجمعة، قبل أن ينخفض، السبت، إلى أقل من 1500 دينار، ليرتفع الأحد والاثنين إلى 1520 – 1540 دينار للدولار الواحد.

ومنعت الولايات المتحدة 14 مصرفا عراقيا من إجراء معاملات بالدولار في إطار حملة شاملة على تحويل العملة الأميركية إلى إيران ودول أخرى خاضعة للعقوبات في الشرق الأوسط، وفقا لما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الأربعاء.

وقال مسؤول أميركي كبير للصحيفة: “لدينا سبب قوي للشك في أن بعض عمليات غسيل الأموال هذه قد تعود بالفائدة، إما لأفراد مشمولين بالعقوبات الأميركية، أو لأشخاص يمكن أن تشملهم العقوبات”.

وأضاف المسؤول الأميركي أن “الخطر الأساسي للعقوبات في العراق يتعلق بإيران بالتأكيد”.

والأربعاء قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة تود أن يكون للعراق علاقات ثنائية مع إيران”، وأضاف في تصريحات للصحفيين “ما قلناه دائما هو أننا نود أن تكون تلك العلاقات الثنائية علاقة طبيعية تعكس السيادة العراقية.

وتابع ميلر قوله: “لم نر ذلك دائما في الماضي، لقد رأيتم أننا ننفذ سياسات لمحاولة منع أو تقليل أو التخفيف من الطريقة التي تحاول بها إيران كسب النفوذ على العراق”.

وحذر صيارفة تحدث معهم موقع “الحرة” من احتمال ارتفاع جديد للدولار مع بداية الأسبوع بسبب “نقص العرض” وزيادة الطلب، الذي “لا يرتبط بتغير في متطلبات السوق، ولكن بسبب إجراءات دولية ومحلية متطرفة”، كما يقول سليم مصطفى، صاحب شركة صيرفة تعمل في بغداد.

ويضيف مصطفى، لموقع “الحرة” أن “نقص العرض في السوق ارتبط بخروج عدد من المصارف عن العمل بسبب قرارات دولية، وأيضا بسبب إحجام عدد كبير من تجار العملة عن العمل بسبب مخاوف من حملة اعتقالات يشنها جهاز الأمن الاقتصادي العراقي”.

ووفقا لمصطفى، فإن عددا من تجار العملة يخضعون للتحقيق الآن بتهم العمل في “السوق الموازية” التي تبيع الدولار بأسعار السوق، وليس بأسعاره الرسمية.

ولم ترد وزارة الداخلية العراقية على استفسارات موقع “الحرة” بشأن وجود اعتقالات أو تحقيقات بحق تجار العملة.

وأعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي، الاثنين،  جهودا “لدعم الدينار العراقي والتصدي لعمليات التلاعب والمضاربة”.

وقال المجلس في بيان إنه عقد اجتماعا ضم رئيس جهاز الادعاء العام وقضاة تحقيق المحاكم الاقتصادية في بغداد ورئيس جهاز الأمن الوطني ووكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات.

وأضاف البيان أن المجتمعين ناقشوا “أفضل السبل والآليات الكفيلة بمعالجة ظاهرة التلاعب بقيمة الدينار العراقي مقابل الدولار بما يكفل الحد منها وملاحقة المتورطين فيها وفقا للقوانين النافذة”.

سعر الدولار الأميركي في الأسواق المحلية وتجاوز حاجز الـ1500 دينار
سعر الدولار الأميركي في الأسواق المحلية تجاوز حاجز الـ1500 دينار

نقص العرض

وأدى حظر للتعامل بالدولار، فرضته السلطات المالية الأميركية على 14 مصرفا عراقيا إلى ارتفاع في سعر الدولار نجم عن “كون المصارف هذه جزءا من عملية تمويل السوق المحلية” بالعملة الصعبة، كما يقول أحمد السعدي، المدير المفوض لمصرف المستشار الإسلامي، أحد البنوك التي تعرضت للحظر.

ويقول السعدي لموقع “الحرة” إن مصرفهم، ومصارف أخرى، كانت “ضحية” المشاكل السياسية في البلاد.

ووفقا لمستشار رئيس الوزراء، فادي الشمري، فإن المصارف المعاقبة كانت تمول 116 شركة صرافة محلية.

وقال الشمري لوكالة الأنباء العراقية الرسمية إن البنك المركزي العراقي حول تلك الشركات إلى مصارف أخرى، مما أدى إلى انخفاض الدولار 60 نقطة، أمام الدينار، وعزز قيمة العملية المحلية.

وأدى قرار السلطات المالية الأميركية إلى خسائر في القطاع المصرفي العراقي، وفقا لتمكين الحسناوي، مدير ومالك مصرف الموصل، أحد المصارف التي تعرضت للعقوبات.

وقال الحسناوي لموقع “الحرة” إن القرار أدى إلى “سحب العديد من العملاء ودائعهم المصرفية بعد قرار البنك الفيدرالي الأميركي، مما سبب خسارات كبيرة للبنك ولهؤلاء العملاء”.

وتلقى المودعون بالدولار في البنوك المحظورة ودائعهم – أو جزءا منها – بالدينار العراقي وفقا لأسعار الصرف الرسمية البالغة 1350 دينارا للدولار، بخسارة 150 دينارا مقابل كل دولار، أو 150 ألف دينار مقابل كل ألف دولار من الودائع.

وقالت المصارف الـ14 في بيان، إنها مستعدة للتدقيق المالي المحلي أو الدولي، وفقا لرويترز، ونفت ارتكابها أية مخالفات.

وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك قد أقر ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية في نوفمبر الماضي.

وقالت السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوسكي، إن الإجراء كان “تقييدا” لتعاملات البنوك بالدولار.

ونفت السفيرة في تغريدة، السبت، فرض عقوبات على أي مصرف عراقي، وقالت إن الإجراءات فرضت بسبب “مخاوف تتعلق بغسيل الأموال”.

وحذر الخبير الاقتصادي، علي حميد، من أن تأثير الإجراءات قد يخلق حالة من عدم الثقة في النظام المصرفي في البلاد.

وقال حميد لموقع “الحرة” إن “الإجراءات الأخيرة كانت غامضة بطبيعتها، مما يمكن أن يسهم بزيادة ابتعاد المواطنين عن النظام المصرفي، ويعيق تحديث النظام المالي للبلاد”.

ووفقا لحميد، فإن “النسبة الأكبر من الكتلة المالية العراقية تتحرك خارج المصارف، مما يحرم البلاد من أموال هائلة يمكن ضخها في الاستثمارات عن طريق البنوك، ويعيق بناء سياسات اقتصادية قائمة على البيانات الدقيقة والتوقعات الصحيحة”.

وأكد البنك المركزي العراقي، الأربعاء، أن البنوك الأخرى كانت قادرة على تغطية احتياجات السوق من المعاملات بالدولار، حيث تمثل البنوك الـ 14 الخاضعة للإجراءات الأميركية 8٪ فقط من التحويلات الخارجية.

ومنعت المصارف الـ 14 من إجراء معاملات بالدولار لكن يمكنها الاستمرار في استخدام الدنانير العراقية والعملات الأجنبية الأخرى.

ووفقا لمحافظ البنك المركزي، علي العلاق، فإن المعاملات التي فرضت على أساسها إجراءات التقييد جرت في 2022 “قبل أن يفرض البنك المركزي العراقي لوائح أكثر صرامة على التحويلات بالدولار تتطلب من المتقدمين المرور عبر منصة على الإنترنت وتقديم معلومات مفصلة عن المستفيدين النهائيين”، وفقا لرويترز.

وقال مسؤولان في البنك المركزي العراقي لرويترز إن العقوبات الأميركية الأخيرة، إلى جانب العقوبات السابقة على ثمانية بنوك، تركت ما يقرب من ثلث البنوك العراقية البالغ عددها 72 مصرفا على القائمة السوداء.

ولا تزال أزمة أسعار صرف الدينار أمام الدولار قائمة في العراق، منذ أواخر العام الماضي، والتي تشهد تذبذبا رغم إجراءات اتخذها البنك المركزي في البلاد بهدف الدفع باستقرار أسعار العملة.

وفي فبراير الماضي، قرر البنك المركزي رفع قيمة سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار بنسبة 10 في المئة في إجراء هدفت إلى الحد من انخفاض قيمة العملة الذي صاحب اعتماد أنظمة أكثر صرامة بشان التحويلات المالية خارج البلاد.

ووافقت الحكومة العراقية حينها على مقترح البنك المركزي برفع قيمة سعر الصرف من نحو 1470 دينارا إلى 1300 دينار للدولار الواحد، وهو ما كان له أثر واضح في سوق الصرف حينها بخفض الأسعار التي وصلت لمستوى 1700 دينار في السوق الموازية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى