حماية المجتمع من خطاب الكراهية
بقلم: رلى السماعين

النشرة الدولية –

الدستور الأردنية –

تعج المنصات الالكترونية الرقمية بخطابات الكراهية بكافة أشكاله، معتمدين على عدم الادراك عند البعض بأن غالبية ما يقرأونه وما يتداولونه ويتناقشون به إنما هو تعظيم لرسالة تحث على نبذ الاتفاق وتشجع على الفوارق وفيها الكثير من التحزب والغضب والعنصرية والكراهية. والصادم بأن نسبة جيدة من الذين يتداولون هكذا خطابات هم اشخاص ذو علم ومعرفة ويحملون درجات علمية، لذا تراني أتساءل هل عن جهل أم إدراك تم تداول ما يحدث شرخاً في المجتمع؟ لانه وفي الحالتين الوضع لا ينبئ بالخير.

منذ مدة خرجتُ من مجموعة على تطبيق الواتساب وذلك بسبب مشاركة أحد أعضائها منشوراً أساء فيه لشريحة واسعة من المجتمع الاردني. لم أناقش بل وجدت نفسي لا أنتمي لمجموعة غير مبالية بما يُنشر ويتم مشاركته.

تركتني هذه الحادثة أفكر بأن الانانية تقودنا أحياناً إلى تقبل ما هو غير منطقي لمجرد الدخول في مجموعة معينة ما أو ايجاد مكانة فيها.

كنت مخطئة عندما اعتقدت بأن مجتمعنا ليس بحاجة إلى نصح أو ارشاد، لكن من الواضح بأن هناك ثقافة سائدة ونمط تفكير وأسلوب حياة بات مقتبساً من الحياة الرقمية، تأثيره بات واضحاً ومباشراً على اسلوب حياتنا اليومية، مما يؤثر على هويتنا الثقافية والحضارية، وهذا يطال أيضاً مجتمعات اخرى، ويبقى أخطر تأثير له هو ما يطلق عليه خطاب الكراهية والتنمر الالكتروني.

يُعرِّف بعض الاشخاص «خطاب الكراهية» وفقاً لاهوائهم الشخصية في محاسبة المخالفين لرأيهم. انما يبقى أبسط تعريف لخطاب الكراهية بأنه خطاب مقروء أو مسموع يعمل على تعزيز الشعور بالغضب والكراهية تجاه فرد ما أو مجموعة أفراد في المجتمع.

نعيش حالة حرب فكرية غير تقليدية وغير مسبوقة هدفها زعزعة النفوس وبالتالي المجتمعات، وتغيير الانماط الفكرية الطبيعية لدى الافراد واضعافها. مواجهة هذه الانماط الفكرية الجديدة لا تكون بطرق تقليدية مع التنبه بأن المستهدف هو الفكر والروح، لذا المواجهة تكمن بالقوة الفكرية والادراك والمعرفة، وبمواكبة التطور التكنولوجي، والوعي الذاتي بأهمية رفض كل ما يزعزع ويشتت ويُفرق النسيج المجتمعي، وبالمقابل العمل على نشر روح المحبة والتقارب، والتذكير بتاريخنا العريق الذي يجمعنا ونفتخر به.

من ناحية اخرى، تلعب الصحافة والاعلام دوراً مباشراً مهماً في أن تكون أداة توعية وارشاد، كون أهم ركائز الصحافة والاعلام هو المسؤولية المجتمعية، بالاضافة إلى الانصاف والدقة والعدل في نشر المعلومة مع مراعاة النواحي الاخلاقية ومراعاة المحافظة على قيم المجتمع.

لقد برهنت الاحداث السابقة المتسلسلة منذ بداية الثورة التكنولوجية لغاية هذه اللحظة عن أهمية وضع قانون يحرص على حماية الافراد كما المؤسسات في العالم الرقمي الذي بات جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، لذا جاء قانون الجرائم الإلكترونية الذي يعتبر ضرورة لتنظيم التواصل في عالم رقمي فقد المنطق، مع اهمية التعديل والتطوير عليه بين الحين والاخر بما يتناسب مع متطلبات كل مرحلة. وبالمقابل على الفرد أن يدرك بأن المصير هو واحد، والهم الوطني والامني هو مشترك، وعلينا مسؤولية فردية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي الذي ننعم به بأن نعي ما يُنشر، ونرفض كل ما فيه من ضرر وإيذاء. ويتحتم علينا أيضاً أن ندرك بأن منظومة الاصلاح السياسي والاقتصادي التي تقوم بها الحكومة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالمنظومة الاجتماعية فهي مكونات متكاملة بهدف ايجاد حياة كريمة وتنمية وطنية شاملة.

زر الذهاب إلى الأعلى