هل أميركا مستعدة لإعادة الاصطفاف في الشرق الأوسط؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 – ترجمة رنا قرعة –

إن طرح انخراط الولايات المتحدة بشكل كامل في الشرق الأوسط، خاصة في ظل وجود تهديد عسكري مؤكد، يريح الحلفاء ويؤدي إلى تراجع الخصوم.

وبحسب صحيفة “The Hill” الأميركية، “لسوء الحظ، ها هي دول الشرق الأوسط قد اعادت تنظيم تحالفاتها، ويعود ذلك أساسًا إلى قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة، ما دفع حلفاءها السابقين الى إعادة النظر في صدقيتها. يُفضل قادة دول المنطقة الولايات المتحدة على الصين وروسيا وإيران، إلا أن الدولة الأميركية أصبحت مشتتة في الآونة الأخيرة وأصبح يُنظر إليها على أنها ضعيفة. هذا الأمر دفع دول المنطقة إلى البحث عن دول أخرى بديلة. إن منطقة الشرق الأوسط عرضة للتغييرات باستمرار الأمر الذي يثير حيرة خبراء السياسة الخارجية الأميركية. كتب الصحفي ستيفن كوك مؤخراً مقالاً نُشر في مجلة “Foreign Policy” الأميركية جاء فيه: “لفترة طويلة جدًا، شكلت الافتراضات السيئة أساس سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بما في ذلك فكرة أن قادة إيران يريدون تطبيع العلاقات مع جيرانهم. في الواقع، إيران لا تريد تقاسم المنطقة … إنما هدف النظام هو إعادة ترتيب المنطقة”.

وتابعت الصحيفة، “بدا أن الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لخطوة الصين في التوسط بين المملكة العربية السعودية وإيران، كما أنها لم تكن على اطلاع في السابق بنتائج “الشتاء العربي” الذي أعقب “الربيع العربي”. وخير مثال على جهل الإدارة الأميركية في ما يتعلق بما يحدث في الشرق الأوسط هو ما حدث في العام 1979، عندما وصف الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر إيران بأنها “جزيرة استقرار”، لتبدأ الثورة الإسلامية بعد شهر”.

وسألت الصحيفة، “هل توقعت الولايات المتحدة الخلاف بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان؟ هل تضع الإدارة إستراتيجيات حول كيفية استخدام ذلك لصالحها، أو على الأقل لتقليل العواقب السلبية لهذا الخلاف والتي تؤثر على اهتمامها بالمعلومات الاستخباراتية المشتركة والدفاع المشترك ضد العدو المشترك، إيران؟ نعم، الجميع يعرف أن الولايات المتحدة لديها الوجود العسكري الأكبر في المنطقة، لكن من الواضح أنها مترددة في استخدامه”.

وأضافت الصحيفة، “عندما تهاجم المجموعات التي ترعاها إيران الجنود الأميركيين في أماكن مثل التنف في سوريا، غالبًا ما تفشل الإدارة في الرد، ما يشير إلى افتقارها إلى العزيمة ويتيح المزيد من الهجمات. وبالفعل، أفادت شبكة “NBC” الأميركية أن “هجمات المجموعات المدعومة من إيران ضد أهداف أميركية تتزايد، ولم ترد الولايات المتحدة بقوة منذ العام الماضي”. عندما هاجمت طائرة روسية مسيّرة أميركية من طراز ريبر بالقنابل المضيئة فوق سوريا، اكتفت الولايات المتحدة بالرد بالتهديد الدبلوماسي. هذا الرد كان بمثابة دعوة لروسيا وإيران ورسالة واضحة إلى حلفاء أميركا الإقليميين بأنهم بمفردهم”.

ورأت الصحيفة أنه “بغياب الولايات المتحدة، تدخلت الصين وسهلت التقارب بين المملكة وإيران، كما وتعمل الإمارات العربية المتحدة على زيادة تعاونها مع إيران، وكذلك عمان، وكلاهما يعلم أن الدولة الفارسية تتمتع بدعم صيني وروسي. أما مصر وتركيا فها قد بدأ العمل على إقامة علاقة جيدة بين الدولتين، حتى أن جامعة الدول العربية رحبت بعودة الرئيس السوري بشار الأسد بعد سنوات من العزلة. واليوم تعمل روسيا وإيران على إيجاد أرضية مشتركة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأسد”.

وبحسب الصحيفة، “إن التصور الواضح بأن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة يجبر الحلفاء على إقامة علاقات غير مريحة مع إيران وروسيا والصين، حتى عندما يكون هناك تاريخ من العداء. في الواقع، إن لمحور المقاومة في إيران وروسيا والصين مصلحة مشتركة في إذلال الولايات المتحدة أكثر من اهتمامه بأي قواسم مشتركة استراتيجية طويلة الأمد. أما الاختبار الأهم بالنسبة لأميركا، فهو علاقتها مع إسرائيل. على افتراض أن العلاقة بين الحليفين تزعزعت، فحينها سيرى الحلفاء والأعداء أن الولايات المتحدة تخلت حتى عن حليفها الأهم في المنطقة. بالنسبة لإيران، قد يعني ذلك تسريع توسعها عبر وكلائها إلى خارج لبنان وسوريا والعراق. أما بالنسبة لروسيا، قد يعني ذلك أنها تستطيع الاستمرار في مضايقة الجنود واستهداف المسيّرات والطائرات الأميركية فوق سماء الشرق الأوسط وما وراءه. أما بالنسبة للصين، فسيعني ذلك أن تايوان أصبحت في متناول اليد”.

وختمت الصحيفة، “إن إعادة الاصطفاف الجديد للشرق الأوسط يُعد أحد التحديات الرئيسية للسياسة الخارجية الأميركية ومصالح الأمن القومي على المدى القريب. إن التعامل مع هذه العلاقات الجديدة على أنها مخاوف ثانوية سيكلف الولايات المتحدة مكانتها وتأثيرها في كل أنحاء العالم”.

زر الذهاب إلى الأعلى