«النووي السعودي».. «إسرائيل».. وإدارة بايدن!
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

رغم الفتور الغالب على العلاقات بين واشنطن وتل أبيب فإن إدارة الرئيس بايدن لم تتنازل إلى الآن عن هدف نسج وإقامة علاقات سلام بين الرياض وتل أبيب، وفي الكواليس التي اطلع على فحواها كاتب المقال فإن إدارة بايدن كانت وما زالت تمارس عملية مقايضة ضاغطة على نتنياهو في هذا الملف الشائك حيث أنها تعرض عليه ومنذ أشهر صفقة (لا تملك السيطرة الكافية على أطرافها الرئيسية)، والصفقة هي: (ابقاء الجهد الأميركي في هذا الاتجاه، مقابل وقف النشاط الاستيطاني ولجم سياسات سموتيرش وبن غافير العنصرية ووقف الاجراءات المتعلقة بالتعديلات ?لقاونية)، إلا أن نتنياهو الذي يتوق شوقا للتطبيع مع الرياض والذي يعتبر هذا الأمر هدفا استراتيجيا وثمينا لا ينظر لهذا الملف باعتباره أولوية تسبق أولوية الاستمرار بالمحافظة على الائتلاف مع اليمين الديني المتطرف، ولا تسبق أولوية التعديلات القانونية التي باتت بالنسبة له طوق النجاة الأخير لإنقاذه من الجلوس خلف قضبان السجن على غرار ما جرى مع رئيس الوزراء الأسبق أيهود أولمرت وهي الحالة التي ترعبه، وأعتقد أنها لا تفارق ذاكرته وخياله، وعلاوة على كل ما سبق فإن شخصية ماكرة ومخادعة مثل نتنياهو بات متيقنا أن إدارة بايدن?لا تملك تاكيدا حاسما من أنها تضمن قبولا سعوديا بالتطبيع مع تل أبيب ولهذا فإنه يتعامل مع إدارة بايدن ببرود شديد في هذا الملف بعدما كان يعتبره قبل عام تقريبا على رأس أولوياته.

 

في مقابل هذا المشهد الأميركي – الإسرائيلي أجد أن واقع الحال السعودي بخصوص هذا الملف يتلخص بأن الرياض تضع ملف العلاقة مع تل أبيب في نهاية سلم أولوياتها لأنه وباختصار يشكل عبئا ثقيلا جدا عليها ومن نواحي عديدة عقائدية وسياسية وتاريخية، وبخاصة في ظل حكومة يرفضها المجتمع الإسرائيلي نفسه ويعمل من أجل سحب الشرعية «القانونية منها من خلال حركة الاحتجاجات المتواصلة وبتزايد منذ بداية هذا العام».

 

ولذلك وضعت الشروط التي لم تعد سرا من أجل تطبيع العلاقة مع «تل أبيب»، ألا وهي:

 

  • الالتزام بمشروع السلام الذي قدمه الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله عام 2002 في القمة العربية في بيروت والذي يرتكز إلى مبدأ استعادة الأرض من أجل إقامة السلام (الأرض مقابل السلام) في فلسطين وسوريا ولبنان، والذي أحبطه شارون باحتلاله الضفة وغزة في عملية «السور الواقي» وأكمل المسيرة نتنياهو بإجهازه على بقايا «اوسلو» حسبما قال يوسي بيلين مؤخرا.

 

  • دعم واشنطن لإقامة مشروع نووي سعودي لتوليد الكهرباء وتوفير التكنولوجيا والمعرفة العلمية الكاملة للسعودية في هذا المجال وفقا للأنظمة والقوانين الدولية المرعية، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن تل أبيب ارتعبت من هذا الأمر وتحفظت بصورة كاملة على هذا الشرط.

 

  • اشتراط الرياض الحصول على اسلحة هجومية وليست دفاعية على غرار ما تمتلكه دولة الاحتلال وتحديدا في مجال منظومة الطيران وحيازة وامتلاك الطائرة الهجومية (إف 35) وهو شرط آخر قبول برفض إسرائيلي شديد.

 

باعتقادي أن الرياض لم تضع تلك الشروط التي كانت تدرك تماما أن الاحتلال الإسرائيلي سيرفضها إلا لأنها تريد إغلاق هذا الملف ووضع واشنطن في مواجهة تل أبيب، وإزاحة هذا «الهم» عن كتفيها، وهي رؤية ذكية للدبلوماسية السعودية وتكتيك ناجح للغاية.

Back to top button