علم نفس خائن ونسوية خائنة
النشرة الدولية – مصطفى أمين –
لقد ساهم علم النفس ما بعد بعد بعد حداثي والنسوية الليبرالية في تطبيع المعادلة الجنسانية أو الجنوسة مع النظام السياسي الليبرالي والنظام الاقتصادي الرأسمالي، حيث ربطت الجنوسة مثل؛ الجندر، والميل، والارتباط، بشكل وثيق بالقيم المركزية للأنظمة السياسية الديموقراطية مثل؛ الاختيار، وتقرير المصير، والاستقلال الذاتي. فعلى سبيل المثال ترتبط قيمة حرية الاختيار في النظام ذاك، بحرية اختيار الجندر؛ ذكر | أنثى، كما ترتبط قيمة تقرير المصير بتقرير الميل أي المثلية | السحاقية، كما ترتبط قيمة الاستقلال الذاتي بمسائل مثل المساكنة | الزواج المدني.
نتيجة تطبيع علم النفس “الخائن” مع النظام السياسي والاقتصادي ذاك؛ تمّ العبث بحرية الاختيار لتشمل تشويه معرفي في تعريف الذكورة والأنوثة.. وتمّ العبث أيضاً بالميل ليشمل تشويه معرفي لسوية الميل.. وتمّ العبث أيضاً بقيم الارتباط ليشمل تشويه معرفي لاستقامة المجتمع وصحيته.
لذلك بالعودة إلى القيمة الأولى؛ نحن لا نرى رجالاً بل مخنّثين.. تحت دعاية اللطافة أو الرجل “الكلاس” (الغني) فنرى مظهره وشكله وشخصيته ولغته مخنّثة إلى أبعد حدّ…
وبالعودة إلى القيمة الثانية؛ نرى جنون الميل، ودعاوي مزوّرة بأخلاقيات مثليّ الجنس.. نعم نحن نقبل وجودهم في مجتماعتنا كونهم أفراداً معنا ومنّا، ولكن نرفض أعمالهم تلك.. نحن لا نرفضهم.. بل فطرتنا السليمة ترفض فعلهم ذاك.. مع دعوى رئيسية لأهمية العلاج..
وبالعودة إلى القيمة الثالثة؛ المساكنة والزواج المدني ليس إستقلالية فردية لك، ولا يحقّ لك التفكير بذلك حتى.. لأنّه يؤثر على الصالح العام للمجتمع ويفسد بنيته وتكوينه الديناميكي.. فنحن نبني مجتمع إنساني نفعل ما يكون صالحاً له بناءً على أطر تحمي الصالح العام لا الخاص.. لسنا في غابة نفعل ما تقرّره حرية الغريزة..
وأيضاً نتيجة تطبيع النسوية الليبرالية مع النظام ذاك؛ تمّ دمج النساء في ثقافة المستهلك باعتبارهن مغريات جنسية ووكيلات جنس من خلال البعد الطوباوي للجمال الجنسي الذي تمّ إشهاره بقوة من قبل القطاعات الاقتصادية التي حثّت وأسست ذاتاً قائمة على الإثارة الجنسية. عبادة جديدة للجمال في المجلات والأفلام النسائية، ربطت في العلن الماكياج والإغواء الجنسي في التقريب السلس بين مستحضرات التجميل والأنوثة والاستهلاك والإثارة الجنسية.. وبعبارة أخرى، ساعدت مجموعة من الصناعات الجديدة على تعزيز وإضفاء الشرعية على عملية تجنيس النساء، حيث أعتقل الجسد باعتباره جسماً حسّياً يبحث بنشاط عن الرضا الحسّي والسرور والجنس. أعطى مثل هذا البحث عن الرضا الحسي وسيلة لإضفاء الطابع الجنسي للجسد: كأن يجب على الجسد، بل وينبغي عليه أن يثير الجنسانية والشبق، وإيقاظها في الآخر، والتعبير عنها. بناء الأجساد النسائية المثيرة للجنس، في جميع الطبقات الاجتماعية..
لمّا طبّع علم النفس الخائن و النسوية الخائنة مع النظام السياسي ذاك؛ أصبحت الحياة الجنسانية بعداً مطبّعاً مع قيم الاستهلاك.. وفصلت عن الخُلق والأخلاق بشكل عام.. بالإضافة لقيام جمعيات غير محلية (N. G. O) وهي امتداد مباشر لهذا النظام؛ تتبنى وتدافع عن هذه التابوهات الجديدة، وتعاقب بالانذار والفصل لمن لا يؤيّد طرحها أو مسارها ذاك.
لفتني أيضاً تعليقات الرفيق “بوتين” في مقابلات صحافية له تظهر معارضته لهذه القيم كلّها بشكل ساخر ظاهراً شماتة خفية إلى ما وصل إليه الغرب، إذ إنّه أدرك خطورة قيم النظام الليبرالي على قيام مجتمع متماسك وأصيل وحيوي.. كما شهد بنفسه الأزمات الأخلاقية التي بدأ يعاني منها الغرب حالياً..
من المعيب أيضاً أن نرى بعض الرفاق في المدينة الذين يصنّفون نفسهم كيساريين أن يؤيدوا تلك القيم دون معرفة خلفياتها وسياقها السياسي والاجتماعي..
خلاصة لذلك؛ نحن لا نصدّق بعد اليوم أيّ تعريفات وتسويغات يقوم بها علم النفس أو النسوية في محاولة تبرير موقف ما.. فنحن لا نطبّع مع خونة.. نحن نرجع إلى الأصول والأخلاقيات العلمية.. وأيّ كلام منهما سيكون ذهانات معرفية وهلاوس اجتماعية.
أضع كلامي هذا برسم متخصّصيّ علم النفس والناشطين الاجتماعيين، والنسويات.