الخصوصية الغائبة في زمن الذكاء الاصطناعي… بياناتك الشخصية معرضة للسرقة والقرصنة والابتزاز والتشهير
النشرة الدولية –
اندبندت عربية – نيرمين علي –
انتهاك الخصوصية واحد من الهواجس والتحديات الأساسية التي تحيط بإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي وتطويره، وفي حين تتطلب أنظمة الوافد التكنولوجي الجديد كميات هائلة من البيانات الشخصية، فإنها تنطوي على أخطار في حال وقعت في الأيدي الخطأ، إذ يمكن استخدامها لأغراض أخرى خارج السياق، مثل السرقة والقرصنة وانتحال الشخصية أو المضايقات أو الابتزاز أو التشهير أحياناً.
ومع الحجم الهائل من الانفجار المعلوماتي وتراكم ملايين البايتات من البيانات كل يوم تزداد التحذيرات من أخطار الذكاء الاصطناعي وتتنوع مصادرها وتأكيداتها، لتشمل حقوق الإنسان وحياته وخصوصيته وأمانه.
اليوم يشهد العالم أسرع عملية نمو لتكنولوجيا المعلومات بوجود هذا الكم من الهواتف الذكية والأجهزة المختلفة التي تجمع البيانات وتحللها وتخزنها وتنقلها عبر شبكات عالمية عالية السرعة، مما يسلط الضوء على الخصوصية كقضية سياسة عامة عالمية.
وفي ظل تطور الذكاء الاصطناعي تضخمت القدرة على استخدام المعلومات الشخصية بطرق يمكن لها التطفل على الاهتمامات والخصوصية من خلال رفع تحليل البيانات إلى مستويات جديدة ومختلفة من القوة والسرعة، إذ تتركز التهديدات بشكل أساس على المراقبة وانتهاك الخصوصية والتحيز والمعلومات المضللة والأخبار الزائفة وعدم المساواة وتهديد الوظائف وغيرها.
وعند استخدام “بوتات الدردشة” (برامج حاسوبية مصممة لمحاكاة ذكية للمحادثات البشرية)، يصبح خطر تسريب المعلومات الشخصية أكبر، نظراً إلى سهولة وسلاسة التعامل معها وحالة التواصل المباشرة التي توحي بالثقة والموثوقية وتدفع المستخدمين إلى مشاركة أنواع مختلفة من البيانات.
وبينما يبدو بعض المعلومات عادياً ولا خطر من الإفصاح عنه، فإنه يمكن أن يؤدي بالفعل إلى اختراق خصوصية المستخدمين في حال تم إعادة استخدامه بطرق أخرى للإيحاء بالموثوقية وسحب معلومات أكثر حساسية، بخاصة البيانات التي تقدم تفاصيل تتعلق بالموقع أو الحالة الاجتماعية أو الهوية الشخصية أو الأرقام والحسابات الخاصة.
المعلومات الشخصية
يحذر المتخصصون من مشاركة المعلومات الشخصية مثل الاسم الثلاثي وتفاصيل الميلاد وأرقام التواصل الشخصي وجواز السفر ورخصة القيادة والبريد الإلكتروني والإجراءات الأمنية التي تتطلب مصادقات للتحقق من الهوية مثل البصمة والخط وملامح الوجه والمسافات فيما بينها وشبكية العين وغيرها.
قائمة تحذيرات المتخصصين تمتد إلى المعلومات التي تمنح إمكانية الوصول إلى الحسابات الخاصة مثل البريد الإلكتروني المخصص للحسابات الرسمية ورمز التحقق والاسترداد وكلمات السر أو أي معلومات أخرى تكشف عن أنواع مختلفة من الخدمات الإلكترونية.
وفي حالات أخرى يمكن أن يؤدي الكشف عن معلومات مالية ومصرفية وتفاصيل عقود وممتلكات إلى خسائر مادية فادحة، وهنا يحذر الخبراء من تسريب أي من المعلومات المتعلقة بالحسابات البنكية وكلمات المرور والبطاقات على أنواعها بخاصة الائتمانية.
معايير الخصوصية
أما في حال تم تسريب معلومات أكثر خصوصية فيمكن أن يتعرض الشخص للمضايقات على مستويات وجوانب عدة، ومن هذه المعلومات الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية والسياسية والميول الجنسية والحالة الاجتماعية والطبية وتفاصيل العمل.
وفي وقت سابق، أزاحت تقارير الستار عن إمكانية وصول موظفي شركات التكنولوجيا إلى المحادثات التي تتم مع “البوتات أو المساعدين الشخصيين”، بالتالي الاطلاع على معلومات في غاية السرية والحساسية، وهنا تزداد أهمية الوعي بقراءة وفهم سياسة الخصوصية الخاصة بالشركة وعدم الوثوق التام بالطرف الآخر، بالتالي عدم الإدلاء بمعلومات خاصة والامتناع تماماً عن تقديم البيانات الرسمية.
يفضل أيضاً، وفق المتخصصين، استخدام أسماء مستعارة، إضافة إلى ضبط إعدادات الأجهزة الذكية المتعلقة بالخصوصية والأمان والتحليلات، وكذلك تلك الخاصة بجمع البيانات بغرض الإعلانات، فغالباً ما يحتاج الحصول على خدمات أكبر تقديم معلومات أكبر.
مع تنامي أخطار “بوتات الدردشة” لجأ بعض البلدان إلى حظرها بينما فتحت دول أخرى تحقيقات في شأنها، إذ تؤكد معظم التقارير أن هذه “البوتات” لم تلتزم حتى اللحظة معايير حماية البيانات، بل فشل بعضها في الرد على الأسئلة التي قدمتها لجنة حماية البيانات الأوروبية والمتعلقة بالخصوصية، فهي تسجل المحادثات بشكل أوتوماتيكي بغرض التدرب عليها أو لأغراض تتعلق بتحسين الخدمة.
وما بين هذا وذاك يتمثل التحدي الرئيس اليوم في إصدار تشريعات الخصوصية التي تحمي الأفراد من أي نتائج ضارة أثناء استخدام المعلومات الشخصية مع الذكاء الاصطناعي، من دون تقييد عملية تطوير الذكاء الاصطناعي وتحسين الخدمات في الوقت ذاته.