عن شيء ما ..الهروب من اللحظة
بقلم: حنان بديغع

النشرة الدولية –

الراية القطرية –

يقول الفيلسوف الدِنماركي سورن كيركغارد إن البؤساء نوعان: شخص مملوء بالأمل ينصبُّ اهتمامه كله على المستقبل، وشخص غارق في الذكريات يعيش في الماضي ولا يجتازه أبدًا، وكلاهما يرغب في الهروب من الوقت الحاضر لتجنُّب إدراك تعاسته..

فهل هو على حق؟

نعم إنها الحقيقة، فالأشخاص الذين يكتظُّ جدول أعمالهم بكثير من الأنشطة هم أكثر الناس حزنًا فهم يجدون دومًا شيئًا ليفعلوه، يقومون بأي شيء وكل شيء للهروب من اللحظة الحالية التي يعيشون فيها،،

أما لماذا؟ فربما للهروب من مخاوفهم وهواجسهم التي تقتنص أوقات الفراغ لتنقض عليهم بلا رحمة، أو سعيًا منهم لتجاهل أهم الأسئلة الوجودية: من نحن؟ وما سبب وجودنا في هذا العالم؟

أي إن المنشغلين ليسوا سوى أشخاص يمرون بأزمة هُوية حقيقية، فهم يعمدون إلى تشتيت أنفسهم عن التساؤلات المصيريَّة بتكديس أيامهم بالأعمال، كي لا يعطُوا عقولهم فرصةً لتهدأ وتبدأ في السعي وراء إجابات لأسئلة شائكة ليس من السهل الوصول إليها، كما أن الانشغال المتعمَّد لا يختلف عن الكسل، كلاهما تطبيق لعدم اكتراث العقل أو الروح بما يدور حولها.

لكن ألا نبدو في قمة التناقض حين نرغب في أن نشعر بالاطمئنان في ظل طبيعة كوننا المتغيرة؟

ألا نبدو في قمة السذاجة حين نبحث عن الأمان، في عالم يحبل بكل أنواع المفاجآت؟

ألا نبدو حمقى بامتياز حين نهرب للانشغال أوالكسل بحثًا عن راحة البال والسعادة في حين هي ليست إلا فلسفة وطريقة تفكير؟

أجريت دراسة على شخصين، كان أحدهما قد فاز باليانصيب للتو، بينما أصيب الآخر بالشلل، ويُمكننا تصور الاختلاف الكبير بين مشاعرهما، لكن بعد ستة أشهر، كان مستوى سعادتهما متساويًا بالضبط، ممَّا يعني أن الاثنين عادا إلى الحالة الطبيعية بعد أشهر قليلة فقط، يدلنا ذلك على طريق السعادة التي تأتي من الداخل، ولا نستقبلها ممَّا يجري لنا من العالم الخارجي.

لكي تكون سعيدًا، فقط كُن ممتنًّا، القلق حول المستقبل ليس سوى حيلة يلجأ إليها العقل ليفصلنا عن الواقع، نعم حاول أن تكون واقعيًا.

زر الذهاب إلى الأعلى