رياض سلامة يلوح بإسقاط المتورطين والبوح بما لديه من “أسرار”

لديه نسخة لعمليات غير قانونية تخص معظم الشخصيات السياسية وأسماء المستفيدين من الدعم للسلع والمحروقات بقيمة 20 مليار دولار

النشرة الدولية –

اندبدنت عربية – طوني بولس –

بات محسوماً أن “نجم” حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة لم ينطفئ مع انقضاء ولايته، فالرجل يحمل “كنز أسرار” راكمه طيلة 30 عاماً على رأس الإدارة المالية في لبنان، إذ إنه واكب جميع السياسيين والزعماء والحكومات وكل من استلم موقعاً أو منصباً بعد انتهاء الحرب الأهلية.

وبما أن خصومه يعيرونه بلقب “محاسب المنظومة”، فإن الجميع يدرك بأن كل حركة الأموال مرت بشكل أو بآخر تحت رقابته، ويعتبر خصومه أيضاً أن سلامة كان يدرك أن من يحسن إرضاء القوى النافذة في البلاد، فهو محمي من المساءلة والمحاسبة، وبالتالي برأيهم فإن العلاقة الوطيدة بينه والسياسيين رسخت وجوده في حاكمية المصرف المركزي مقابل غض النظر وتنظيم “الفساد” المغطى بقوانين ومراسيم وقرارات من الحكومة.

وقبيل انتهاء ولايته لم يكن يخفي سلامة خوفه من أن يتحول إلى “كبش محرقة” ويتم تحميله وزر الحقبة الماضية وما وصلت إليه البلاد من انهيار اقتصادي، ففي عدد من الإطلالات كان يلمح بشكل غير مباشر إلى إمكان قلب الطاولة على الجميع في اللحظة المناسبة والكشف عن كثير من المستور، إلا أنه حينها كان يقف وراء قانون النقد والتسليف الذي يلزمه المحافظة على سرية المعلومات المرتبطة بالمصرف المركزي.

بحسب كلام منسوب إلى سلامة في أكثر من جلسة، يكشف أن لديه ما يكفي من المعلومات المصرفية والفساد وتبيض الأموال والتهرب الضريبي واستخدام النفوذ والصفقات والعمولات وكل الموبقات التي ارتكبتها هذه الطبقة السياسية، وأن لديه نسخة احتياطية لحوالى 30 أو 40 عملية غير قانونية تخص معظم الشخصيات السياسية، إضافة إلى كواليس “الضغط” الذي تعرض له من أجل إجباره على تأمين دعم للسلع بقيمة 20 مليار دولار، وفق ما يكشف مقربون منه، مما يعطي انطباعاً بأن سلامة في حال وصل إلى نقطة اللاعودة سيفاجئ الجميع، وهو كان وجه أكثر من تهديد مبطن إلى السياسيين اللبنانيين المتورطين بملفات فساد بأنه لن يسقط وحده وأنه في لحظة ما سيبوح بما لديه ويفجر اللغم في وجه الجميع.

تحقيق أميركي

وكانت الخزانة الأميركية أشارت إلى أن سلامة ربط النظام المالي الذي أسهم في تصميمه بخطة “بونزي” التي أفقرت ثلثي السكان ولكنها تركت الأثرياء، إضافة إلى شبهات حول تورطه في عمليات غش مالي واختلاس للمال العام، لافتة إلى أنه “أسهم في فساد لبنان المستشري وكرس فكرة أن النخبة في لبنان لا تلتزم القواعد نفسها المطبقة على كل الشعب اللبناني”.

وتحدثت “فايننشال تايمز” عن “فلاش ميموري” أرسلها سلامة إلى خارج البلاد فيها أسرار عن عمله، تحسباً لأي مكروه قد يصيبه، علماً أن مصادر صحافية كانت تطرقت إلى إجراءات احترازية اتخذها سلامة للحفاظ على “الأسرار” وإتاحة نشرها عبر الإنترنت في حال تعرضه لأذى أو تم سجنه وتحميله مسؤولية تداعيات الأزمة التي يمر بها لبنان، وإذا فتح النزاع على مصراعيه، فسيكون “قنبلة متفجرة الشظايا في كل الاتجاهات إذا ذهبت القضية إلى أبعد مدى ممكن لها”.

أيام معدودة

وفي هذا السياق، لم يؤكد الصحافي علي حمادة وجود “فلاش ميموري” فيها أسرار عن عمله، لافتاً إلى أن “من يعرف سلامة يدرك أن هذا الرجل لا يمكن إلا أن يحتاط لعدد من الأمور وأولها سلامته الشخصية وسلامة عائلته، وأيضاً أن يمسك بأوراق رابحة أو أوراق مساومة من أجل حماية نفسه وحماية مرحلة ما بعد خروجه”، كاشفاً عن أنه “منذ أعوام يحتفظ سلامة بسجلات ووثائق وملفات من المستحيل أن يكون تجاوزها لكل مساره ومسيرته ولكل من تعامل معه”.

وتابع أن “سلامة الذي اتُهم وربما سيُتّهم مستقبلاً بتخطيه القوانين ومخالفتها عن طريق تبيض الأموال بتحصيل عمولات لمصلحة شركات يملكها وعائلته، هذه الأمور لا شك في أنه احتفظ بها وأودعها في أكثر من مكان لكي يحصل على بوليصة تأمين على حياته وحياة وسلامة أفراد عائلته”.

وبرأيه فإن هذه الوثائق تدين كثيرين من الطاقم السياسي والمصرفي ورجال أعمال وشخصيات معروفة، إضافة إلى إداريين ووزراء ونواب وغيرهم، كاشفاً عن أن “سلامة في أسوأ أوضاعه وهو غير قادر على الخروج من لبنان وأيامه خارج السجن أصبحت معدودة، إذ من الصعب على السلطات القضائية والمؤسسات الرسمية والأمنية اللبنانية أن تتذرع مرة بعد أخرى بأنها لم تجده”.

وقال إن “سلامة لا يستطيع اللجوء سوى إلى دولة أو دولتين في أميركا الجنوبية أو روسيا أو ربما الصين”، معتبراً أنه لم يبقَ أمامه إلا أن يفكر في مستقبله ومستقبل عائلته ويسعى إلى تسوية مع الأميركيين والأوروبيين مختصرة بالتالي، “أسلمكم كل ما تريدونه من وثائق في حوزتي خاصة بعشرات الشخصيات المسؤولة عن الانهيار والسرقات وهدر الأموال والقرارات التي أدت إلى تطيير نحو 80 مليار دولار أميركي، مقابل عفو خاص وتأمين سلامته وعائلته”.

أسرار “الميموري”

بدوره يشير الصحافي الاقتصادي منير يونس إلى أن سلامة يمتلك معلومات عن حسابات السياسيين، بالتالي كان باستطاعته تجميع معلومات من المصارف وعن حسابات السياسيين وعائلاتهم والجهات المحسوبة عليهم، وقد تكون هذه الحسابات سليمة ولكن تتضمن كثيراً من الإثراء غير المشروع المرتبط بصفقات فساد واستغلال النفوذ.

وأضاف أن “في حوزة سلامة معلومات عن الأشخاص الذين هرّبوا أموالاً من لبنان عشية الأزمة المالية وخلالها، وهو يمتلك كذلك معطيات عن مصارف مرتبطة سياسياً سواء بالملكيات المباشرة أو بشكل غير مباشر أو مصارف لديها حمايات سياسية وطائفية، وهذه المصارف استفادت على مر السنين من مساعدات مقدمة من سلامة سواء عندما كان ينتشلها من التعثر والإفلاس على حساب المال العام والمودعين، أو من خلال تقديمه عدداً من القروض المدعومة لها”، مبيّناً أن “الحاكم يمتلك معلومات عن جهات أو أشخاص كانوا يحصلون على قروض مدعومة بفائدة متدنية ثم يوظفونها بفوائد عالية ويجنون منها أرباحاً خيالية من دون أي جهد”.

ويؤكد يونس امتلاك سلامة معلومات خطرة تتعلق بأسماء أشخاص استفادوا من دعم 7.5 مليار دولار خلال حكومة الرئيس السابق حسان دياب، بينهم كبار تجار المواد الغذائية والمحروقات والأدوية، علماً أن كثراً منهم محسوبون على السياسيين.

ويشير الى أن من المعلومات التي يفترض أن تكون في “الميموري” أسماء جهات نافذة استفادت من منصة صيرفة التي قال عنها البنك الدولي إنها كانت تحوي على أرباح غير مشروعة بنحو 2.5 مليار دولار.

زر الذهاب إلى الأعلى