هل يتجه لبنان إلى الحرب؟
بقلم: أكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

برافدا –

المؤشرات كثيرة والحروب والمعارك كثيرة ، وأتمنّى أن تقرأوها بهدوء، من هنيبعل إلى الاسكندر، وهتلر، ومونتغمري، ورومل، وجوكوف، وماو تسي تونغ، وهوشي منه، وشوارزكوف، وتومي فرانكس، وإلى الحرب الأوكرانية التي تدور رحاها اليوم بأشد أنواع الأسلحة فتكاً ودماراً، وتحولت ميادينها إلى مستنقع دماء وكارثة انسانية، فأُطلق عليها تسمية “مفرمة اللحم”.

اقرأوا وستعلمون جيداً مقدار المآسي وويلات الحروب، وحجم الخسائر والآلام.

أنا الخارج من معاهد الحرب، نعم أكره الحرب وأفضّل التسوية!

كل حرب لا بد أن تنتهي، ولا يوجد أماً تريد رؤية ابنها مقتولاً 

كل حرب لا بد أن تنتهي، وليس هناك أمّ تريد رؤية ابنها مقتولاً، أو بيتها مهدوماً، ولا أب يرغب بذلك، ومهما كان التفاوض شاقاً فهو السبيل الأفضل لإيجاد الحلول، ولا بد للوعي من أن ينتصر على الجهل. 

أحياناً كثيرة عبثاً نحاول اقناع البعض بخيار التسوية . 

وربما البعض يطرب مع فيروز “أهلي الحرب لعبتهم” فيعتقد حقاً أن الحرب لعبة وحفلة رقص ومجون!!! 

وإن أكثر المتحمسين للحرب هم أولائك الذين لم ولن يدخلوا ميدان القتال يوماً، وأعلى الأصوات الداعية للحرب اليوم، تصدح بها حناجر الأكثر جبناً من المختبئين خلف هاتف أو شاشة صغيرة.

يصرُّ البعض على أن الحرب في لبنان حتمية، وأن هذا النظام الطائفي يحمل في طياته بذور الفتنة.

يصرُّ البعض على أن الحرب في لبنان حتمية، لأن هذا النظام الطائفي يحمل في طياته بذور تدمير الوطن، وأننا وصلنا إلى حائط مسدود، ولم يبقَ أمامنا سوى الحرب، لكسر الجمود القائم.

في الواقع هناك جملة حقائق منها: 

إن هذه الديمقراطية التوافقية المبتدعة في لبنان، هي نحر للديمقراطية، لأنها تُلغي رأي الشعب، ليحل مكانه توافق القمة بين زعماء الطوائف، على اقتسام جبنة الحكم.

كل التسويات كانت بمثابة حلول مؤقتة، وتأجيلاً للانفجار ليس أكثر ، ولم تنجح ولو مرة واحدة في تسهيل إيجاد الحل، بل على العكس كل تسوية جرّت ويلات وولّدت أزمات أكثر وأكبر من السابق . وكل الشعوب حاربت مرة واحدة وأوجدت حلاً لبناء دولة، لكن شعب لبنان حارب مرات ومرات، وارتضينا بالتسوية لنعود إلى الحرب عند أول مفترق .

إن حقوق الطوائف كذبة والحقوق الحقيقية هي حقوق المواطنة والمساواة والعدالة والانسان.

الشعب اللبناني يريد دولة تحفظ حقوق الإنسان، ومسؤولاً يدافع عن حقوق المواطنين ، ولا يريد مسؤولاً يدافع عن حقوق طائفته ومنطقته وجماعته، فحقوق المسيحيين كذبة، وحقوق السنّة كذبة، وحقوق الشيعة كذبة، وحقوق الأرثوذكس والدروز والأرمن والكاثوليك وغيرهم كذبة، فكل حقوق الطوائف كذبة وخداع يمارسه أمراء الطوائف، للحفاظ على سلطتهم ومكتسباتهم وزعامتهم.

فالحقوق الحقيقية هي حقوق المواطنة والمساواة والعدالة والانسان، ولا وجود لحقوق الطوائف، بل هي مجرّد امتيازات عنصرية ليست أكثر.

يريد الشعب أن يكون لبنان للبنانيين، وليس ورقة للمساومة، يُقدّم على مأدبة المفاوضات الدولية للآخرين. 

 يريد مسؤولاً يحمل الجنسية اللبنانية فقط، ويفتخر بها ويدافع عنها، لتصبح رمزاً للانتماء والاعتزاز الوطني بين دول العالم، بدلاً من اللهاث وراء جنسية أجنبية. 

لا مسؤولاً مرتهناً يبيعنا في بازار العمالة، لخدمة مصالح دول أُخرى. 

يتوق اللبنانيون إلى بناء وطن لهم ولأبنائهم من بعدهم تُصان فيه كرامة الإنسان، وتُحترم حقوقه وكفاءته، ولا يُذلّ فيه أبناؤه على باب زعيم أو مستشفى أو دائرة أو محطة محروقات أو فرنٍ أو صيدلية أو دكان. 

لقد فشلت التسويات على مدى مئة عام في لبنان!

لا يُمكن العيش إلى الأبد في هذا الواقع المأساوي

لا يُمكن العيش إلى الأبد في هذا الواقع المأساوي، والشعب يريد دولة، تُطبق القانون على الجميع . 

ربما فعلاً حان الوقت لنبحث عن حل وندع التسويات.

لكن رغم ذلك، نقول إلى؛ المنظّرين، وابطال الشاشات، وعشاق الضجيج، وهواة القتل، الذين لا يتركون مناسبة إلّا وينفثون فيها سموم الحقد والبغضاء والكراهية، والدعوة إلى التقوقع والاقتتال: اتّقوا شر الحرب، فهذه مجازفة خطرة، تحمل من المآسي ما لا يُحتمل، وإن رفض الحوار مع الآخر هو غباء سياسي، ويحمل في طياته دعوة للحرب والكسر والإلغاء، فمهما كان الحوار صعباً والتسوية سيئة، تبقى أقل كلفة بكثير من خيار الحرب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى