لبنان يزرع وسورية تلمع والخليج يبلع
حمزة عليان

الجريدة –

النشرة الدولية –

عنوان المقال يعكس حال «عصر الكبتاغون» الذي ضاق به أهل الخليج ذرعاً، والسعودية على رأسهم، وهو ما دعاها، أي المملكة، إلى وضع شرط أساسي للتطبيع العربي مع بشار الأسد، والخاص بمنع تصدير ومكافحة تهريب الكبتاغون إليها.

ما زاد الأمر سوءاً، أن الأردن الملاصق جغرافياً لسورية بات مستهدفاً وبقوة وتحت مرمى الكبتاغون بحيث لا يمر أسبوع إلا وتعلن القوات المسلحة الأردنية إسقاط طائرة «درون» آخرها بيان رسمي يقول «تم إسقاط طائرة مسيرة محملة بمواد مخدرة قادمة من سورية (مادة الكريستال)، وخلال شهر واحد (شهر أغسطس 2023) تم ضبط 224 كلغ من مادة الحشيش، ونصف مليون حبة من الكبتاغون، و4 آلاف حبة من الحبوب المخدرة، و7 كلغ من مادة الكريستال المخدر، و600 غرام من بودرة الحشيش الصناعي».

صار الأردن الحديقة الخلفية لهذه التجارة المدمرة، والسؤال الذي يدور في الأجهزة المختصة: هل المافيات هي من يملك طائرات الدرون؟ أم أن جهات ما لها علاقة بالدولة السورية تدير وتشرف وتقبض من وراء ذلك؟

خبراء في المكافحة يعتقدون أن المافيات تستخدم من قبل قوى نافذة بالسلطة السورية تقف وراء تلك الهجمات الكبتاغونية بطائرات الدرون، والجانب الأخطر أن «تهريب المخدرات» تحول إلى مصدر دخل للأنظمة والأحزاب والمنظمات المستفيدة منه، وصار يشكل مورداً مالياً ضخماً يدر المليارات من الدولارات.

عدد من المراقبين يقدرون العائدات السنوية في سورية بـ7 مليارات دولار، وقد وصفت وزارة الخزانة الأميركية سورية قبل فترة بأنها رائدة عالمية في إنتاج الكبتاغون المخدر الذي يهرب عبر لبنان.

وتقارير دورية وضعت «تجارة منشط الكبتاغون الشبيه بالأمفيتامين» على رأس جدول أعمال التجارة الخطرة وغير المشروعة، والتي تسجل نمواً سريعاً في الشرق الأوسط، وحجم البيع السنوي عام 2022 قدر بمليارات الدولارات.

وبحسب تقرير معهد «نيو لاينز» الأميركي فإن القيمة السوقية للكبتاغون المصنع في سورية تفوق قيمة الصادرات القانونية، وهذا ما دعا إلى تصنيف البلد على أنه «دولة للمخدرات»، وفي عام 2022 نشرت صحيفة «المدن» الإلكترونية، اللبنانية تقريراً لوكالة فرانس برس عن الدور الذي تؤديه تجارة المخدرات وتحديداً الكبتاغون بأنه يسهم في تمويل أطراف الصراع في سورية خاصة السلطات السورية، وتشمل دورة إنتاج وتهريب هذه الحبوب المخدرة لبنان المجاور الذي ينوء تحت ثقل انهيار اقتصادي مفجع.

الحبة السحرية دخلت طرفاً في النزاعات السياسية، فمن يملك هذه الورقة عمل على استغلالها والتفاوض بشأنها، وكانت شرطاً خليجياً لفتح حوار مع سورية ورفع العقوبات عن لبنان إذا تمت السيطرة عليها واحتواؤها ومنع تهريبها إلى خارج الحدود، أو تصنيعها وهذا هو الأخطر.

ليس جديداً الربط بين فرقاء في الدولة السورية وهذه التجارة غير المشروعة، فقد كشف تحقيق أجراه قسم التحقيقات في الـBBC العربية وشبكة الصحافة الاستقصائية في يونيو 2023 عن صلات مباشرة بين تجارة الكبتاغون وشخصيات قيادية في الجيش وعائلة الرئيس الأسد.

وماذا بعد؟ هل ستلتزم الدولة السورية بالمطلب الخليجي أم أنها ستبقى أسيرة نفسها والتوجس من انخراطها مجدداً في النظام العربي؟ وماذا ستكون كلفة ذلك سياسياً إذا ما قررت الانفتاح على الخليج وبقيادة المملكة العربية السعودية.

زملاء المهنة

لم تسعفني الذاكرة أثناء كتابة مقال «طلال سلمان والصحافيون اللبنانيون في الكويت» لذكر أسماء الزملاء المرحومين شوكت حكيم وعبداللطيف الأشمر في «السياسة» ومسؤولي الأقسام الفنية كمخرجين وهم محمود غريب وغسان جمال في «الوطن»، وجان بلطة ونظير حمصي وعباس طباجة في عدد من الصحف الزميلة، فلهم مني العذر.

زر الذهاب إلى الأعلى