المغرب.. مقتل أكثر من 2000 شخص إثر الزلزال.. وإلحاق أضرار كبيرة بمراكش التاريخية

تضامن عربي ودولي واسع مع المغرب بعد الزلزال وعرض تقديم مساعدات

شوهد رجال الإنقاذ يحفرون بين الأنقاض في المناطق الجبلية النائية بالمغرب يوم السبت، في محاولة يائسة للعثور على ناجين بعد مقتل أكثر من 2000 شخص في أعنف زلزال ضرب البلاد منذ عقود.

وأعلن القصر الملكي إقامة الحداد ثلاثة أيام متواصلة حزنا على ضحايا الزلزال، في حين أعلن التلفزيون المغربي الرسمي، نقلا عن وزارة الداخلية، إن ما لا يقل عن 2012 شخصا قتلوا و 1404 آخرين في حالة حرجة.

وقد تم نشر خدمات الطوارئ في المناطق المنكوبة بالزلازل، بعد أن أمر العاهل المغربي محمد السادس، بتشكيل لجنة إغاثة لتوزيع المساعدات على الناجين. وتدفقت عروض المساعدات الدولية من دول من بينها اليابان وفرنسا والإمارات.

وذكرت السلطات المغربية، بأن معظم الوفيات وقعت في المناطق الجبلية القريبة من مركز الزلزال التي يصعب الوصول إليها، وتواجه فرق الإنقاذ صعوبة في الوصول إلى المناطق الأكثر تضررا بعد تضرر الطرق.

وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن زلزال ليلة الجمعة كان قويا بشكل غير عادي في ذلك الجزء من المغرب.

وأطلع مسؤولون حكوميون الملك على الأضرار والخسائر في الأرواح، بما في ذلك المواقع التي لم يكن من الممكن الوصول إليها حتى الصباح، وفقًا لبيان القصر الذي نشرته الإذاعة الحكومية 2M. كما أخبر المسؤولون الملك أن الإجراءات المتخذة حتى الآن تشمل تعزيز فرق البحث والإنقاذ لتسريع عمليات الإنقاذ والإخلاء، وتوزيع الطعام والماء والخيام والبطانيات على الناجين في المناطق المتضررة.

وأظهر مقطع فيديو بثه التلفزيون المغربي لعدد من المباني المنهارة بالقرب من مركز الزلزال، وذكرت أن آلاف الأشخاص فروا من منازلهم بعد أن حذر المعهد الوطني للجيوفيزياء في البلاد من عن إحتمال وقوع توابع للزلزال.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية نقلاً عن بيان صادر عن رئيس البلاد أن الجزائر، التي قطعت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في عام 2021، تعهدت بفتح مجالها الجوي للمساعدات الإنسانية والرحلات الطبية المتجهة من وإلى المغرب.

وأكدت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المغرب ناتالي فوستيه، أن المنظمة الأممية مستعدة لدعم جهود الحكومة في الاستجابة لآثار الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد يوم الجمعة.

وقالت فوستيه إن المعلومات المتاحة حتى الآن تشير إلى مصرع وإصابة عشرات المئات جراء الزلزال الذي وقع في منطقة الحوز النائية التي يصعب الوصول إليها في الوقت الراهن. وذكرت أن المعلومات تتوفر بشكل أكبر عن مراكش التي تضررت من الزلزال.

وعن المساعدة التي يمكن أن تقدمها الأمم المتحدة للمغرب، قالت فوستيه إنها تواصلت مع الحكومة المغربية وعرضت دعم منظومة الأمم المتحدة في مجالات البحث والإنقاذ وتنسيق المساعدة الإنسانية والصحة.

وقالت إن الحكومة حشدت ونشرت استجابتها في المناطق المتضررة وإن الأمم المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة.

وأضافت المسؤولة الأممية أن أكثر الاحتياجات إلحاحا في الوقت الراهن تتمثل في البحث والإنقاذ وإمدادات الدم والمساعدة الإنسانية.

وعن الإمكانيات المتاحة لدى الأمم المتحدة في المغرب والمجالات التي يمكن أن تقدم الدعم على صعيدها، قالت ناتالي فوستيه إن المساعدة يمكن أن تقدم في مجال البحث والإنقاذ، كما أن منظومة الأمم المتحدة بأسرها- وليس في المغرب فحسب- ستدعم الحكومة بشكل كامل في المجال الإنساني إذا تطلب الأمر.

وأعربت فوستيه عن ثقتها إزاء الاستجابة العاجلة التي قامت بها الحكومة المغربية وحشدها الهائل للقدرات والجهود بعد الزلزال. وأكدت مرة أخرى أن الأمم المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة.

ومن جانبه، شدد مدير مكتب منظمة اليونسكو في منطقة المغرب أريك فولت، على ضرورة التخطيط فورا للمرحلة اللاحقة التي تشمل إعادة بناء المدارس والأماكن الثقافية المتضررة من الزلزال.

وأوضح في تصريحات له في أعقاب زيارته الميدانية إلى مراكش، أن المدينة مليئة بتلك المناطق المندرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. ونقل إعراب المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي عن تضامنها مع الحكومة والشعب في المغرب.

وأشار إلى حدوث تصدعات كبيرة في مئذنة جامع الكتيبة التاريخية الشهيرة، وتدمير مئذنة مسجد خربوش في ساحة جامع الفنا بالإضافة إلى تضرر أسوار المدينة في أماكن عدة.

وقال إن أكثر المناطق المتضررة هي حي الملاح، وهو الحي اليهودي سابقا، وأشار إلى التدمير الواسع للمنازل هناك.

ارتفعت حصيلة أعنف زلزال ضرب المغرب ليل الجمعة إلى أكثر من ألفي قتيل، وقد أعلنت المملكة حدادا وطنيا مدّته ثلاثة أيّام.

وقالت وزارة الداخليّة في بيان “إلى حدود العاشرة مساءً (21,00 ت غ)، بلغ عدد الوفيات الذي خلّفته الهزّة الأرضية 2012 شخصا”.

كذلك، ارتفع عدد الجرحى إلى 2059، بينهم 1404 حالاتهم خطرة، وفق المصدر نفسه الذي أشار إلى أن السلطات “تُواصل جهودها لإنقاذ الجرحى وإجلائهم والتكفل بالمصابين وتعبئة كل الإمكانات اللازمة”.

وتتركز غالبية الوفيات في إقليمَي الحوز (1293) وتارودانت (452) الأكثر تضررا جنوبي مراكش. ويضم الإقليمان الكثير من القرى المتناثرة في قلب جبال الأطلس، وهي بمعظمها مناطق يصعب الوصول إليها وغالبية المباني فيها لا تحترم شروط مقاومة الزلازل.

وأعلن الديوان الملكي أن الملك محمد السادس ترأس مساء السبت اجتماعا لبحث الوضع في أعقاب الكارثة، تقرر خلاله إعلان الحداد الوطني ثلاثة أيام مع تنكيس الأعلام، وأشار إلى إقامة صلاة الغائب في كل مساجد المملكة ترحّما على الضحايا.

ووجه الملك بتعزيز فرق البحث والإنقاذ والوسائل اللازمة لتسريع إنقاذ وإجلاء الجرحى. كما وجه العاهل المغربي بتشكيل لجنة وزارية لوضع برنامج عاجل لإعادة تأهيل وإعمار المناطق المتضررة، إضافة إلى تزويد هذه المناطق بالماء الصالح للشرب وتوزيع حصص غذائية وخيام وأغطية على المنكوبين.

كما شدد على مواصلة كل عمليات الإنقاذ على نحو عاجل، بمشاركة عناصر القوات المسلحة.

وعرضت قنوات محلية مساء السبت مشاهد جوية لبعض القرى وقد هدمت تماما، جلها من بيوت طينية، في مرتفعات منطقة الحوز الجبلية.
كما أظهرت مشاركة متطوعين من السكان المحليين في عمليات إنقاذ.

واستيقظت المملكة السبت على هول الصدمة والهلع غداة الهزّة التي بلغت قوّتها 7 درجات على مقياس ريختر، حسب ما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، مشيرا إلى أن مركزها يقع في إقليم الحوز، جنوب غرب مدينة مراكش، المقصد السياحي الكبير.

قرية مدمرة

من بين القرى التي تكاد تكون دُمّرت تماما، قرية تفغاغت الواقعة على بُعد حوالى 50 كيلومترا من بؤرة الزلزال، ونحو 60 كيلومترا جنوب غرب مراكش. ونادرة هي الأبنية التي لا تزال قائمة فوق تراب هذه القرية الجبلية.

وواصل أفراد من القوات المسلّحة الملكيّة البحث لانتشال جثت وسط الأنقاض مساء السبت. وكان سكّان القرية يتوافدون إلى مقبرة لدفن نحو سبعين ضحيّة وسط الصراخ والنحيب، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.

وأعرب الشيخ عمر بنهنا (72 عاما) عن صدمته قائلا “توفي ثلاثة من أحفادي (12، 8 و4 أعوام) ووالدتهم. لا يزالون تحت الأنقاض.. قبل وقت قصير فقط كنا نلعب معا”.
وأضاف “بتنا ليل الأمس في العراء بدون ماء وبدون طعام”.

ولا تزال الشابة نزهة اوتزيوغ عاجزة عن استرجاع توازنها جراء هول الكارثة. وقالت “لم يمت أحد من عائلتي لكنّ جيرانا مقرّبين رحلوا. كنا قريبين جدا من بعضنا. ما زلت تحت الصمدة. منذ أمس لا أقوى على الكلام ولا المشي ولا حتى أن أظل واقفة”.

في الطريق نحو هذه القرية، كانت الأجواء الجنائزية نفسها تخيّم على قرية مولاي إبراهيم، حيث واصل سكّان دفن ضحايا الكارثة، بينما كانت فرق الإنقاذ تحاول البحث عن ناجين تحت الأنقاض، حسب ما شاهد فريق وكالة فرانس برس مساء السبت.

وهذا أقوى زلزال يضرب المغرب. لكنّه وُصِف أيضا بـ”الاسثتنائيّ” نظرا إلى بؤرته الواقعة في قلب جبال الأطلس الكبير.
وأوضح المُكلّف بقسم عمليّات الإنقاذ في المديرية العامة للوقاية المدنية هشام شكري للتلفزيون العمومي “نحن أمام حالة طارئة لكن في الوقت نفسه اسثتنائيّة، لأنّ لا أحد من السكّان كان يتوقّع حدوث زلزال في هذه المنطقة (…) قوّته ومكانه يجعلانه زلزالا استثنائيا”.

من جهته، رجّح مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء ناصر جبور ارتفاع حصيلة الضحايا “بالنظر إلى قوة الزلزال واتّساع الرقعة الجغرافية للمنطقة المنكوبة”.

قال الديوان الملكي إنّ الملك أعطى تعليمات لاتّخاذ إجراءات عاجلة، أبرزها “التكفّل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، ولا سيّما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية”.

ومنذ صباح السبت شهدت مراكز التبرّع بالدم توافد كثير من المتبرّعين في مدن عدّة، بحسب صور نشرتها وسائل إعلام محلية، بعدما دعا “المركز الجهوي لتحاقن الدم” في مراكش المواطنين إلى التوجّه إلى مقرّه السبت.

وأثار الزلزال هلعا عارما في البلاد، خصوصا أن سكّان مدن عدّة بعيدة عن بؤرته شعروا به. وفضّل كثيرون في مراكش خصوصا قضاء الليل في العراء جرّاء الهلع وشائعات عن احتمال حدوث هزات ارتدادية، في بلد لم يَعتَد الزلازل العنيفة.

وأظهرت مشاهد انهيار جزء من مئذنة في ساحة جامع الفنا الشهيرة التي تعتبر قلب مراكش النابض، ما أسفر عن سقوط جريحين.

وتوالت ردود الفعل المعزّية بضحايا الزلزال، من فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا وروسيا والصين وأوكرانيا والأردن والسعودية والإمارات ومصر وفلسطين وغيرها من البلدان.

وأعربت العديد من الدول العربية والغربية عن تضامنها الواسع وتعازيها واستعدادها لتقديم الدعم والمساعدة إلى المغرب، إثر الزلزال العنيف الذي وقع مساء أمس الجمعة وأدى إلى مقتل 1037 شخصاً على الأقل وإصابة 721 جريحاً، وإلحاق أضرار بالمباني من قرى جبال الأطلس إلى مدينة مراكش التاريخية.

في 24 شباط/فبراير 2004 ضرب زلزال بلغت قوته 6,4 درجات على مقياس ريختر محافظة الحسيمة على بعد 400 كيلومتر شمال شرق الرباط وأسفر عن سقوط 628 قتيلا وعن أضرار مادية جسيمة.

في 29 شباط/فبراير 1960 دمر زلزال بقوة 5,7 درجات مدينة أغادير الواقعة على ساحل البلاد الغربي مخلفا أكثر من 15 ألف قتيل، أي ثلث سكان المدينة.

زر الذهاب إلى الأعلى