أعضاء مجلس الأمن يدعون إلى محاسبة الضالعين في أعمال إغتصاب النساء والعنف الجنسي في السودان
الأمم المتحدة: إكتشاف 13 مقبرة جماعية في الجنينة ومحيطها قامت بها قوات الدعم السريع وحلفائها من الميليشيات العربية الإجرامية
أعرب عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي عن القلق البالغ بشأن الوضع الخطير للنساء والفتيات في السودان في ظل انتشار العنف الجنسي ,والعنف القائم على نوع الجنس، وإفلات المسلحين الضالعين في هذه الجرائم من العقاب.
وأدانت هذه الدول بأشد العبارات استخدام هذا العنف أثناء الأعمال العدائية في السودان ودعت إلى الوقف الفوري لأعمال العنف.
جاء ذلك في بيان قرأه أمام الصحفيين، رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي السفير الألباني فريد خوجة نيابة عن الدول الموقعة على الالتزامات المشتركة بشأن مبادئ المرأة والسلم والأمن.
هذه البلدان هي: دولة الإمارات العربية المتحدة، ألبانيا، البرازيل، الإكوادور، فرنسا، الغابون، اليابان، مالطة، سويسرا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وقال خوجة إن العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس ما زال سمة للصراعات في الكثير من المناطق حول العالم وقد يصل إلى انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وأضاف: “السودان، للأسف، ليس استثناء. أدى الصراع الدائر في السودان إلى زيادة مقلقة لحالات العنف الجنسي المرتبط بالصراع الذي يؤثر بشكل خاص على النساء والأطفال. تقارير الاغتصاب، بما فيها الاغتصاب الجماعي والعبودية الجنسية والاختطاف والتحرش الجنسي، كانت سائدة طوال فترة الصراع”.
وقال إن النساء والفتيات وخاصة في منطقة دارفور يتعرضن لأعمال مروعة من العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، وفق التقارير، كأسلوب للحرب لغرس الخوف وتأكيد السيطرة على المجتمعات المحلية.
وأكدت الدول الموقعة على بيان الالتزامات المشتركة، دعمها لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لأن يساعد الوسطاء في تأمين التزامات حاسمة الأطراف المتحاربة بوقف جميع أعمال العنف الجنسي المرتبط بالصراع. وحثت المتقاتلين على الامتثال لالتزاماتهم وفق القانون الإنساني الدولي واحترام حقوق الإنسان.
وقال السفير الألباني إن على أطراف الصراع تحمل المسؤولية الكاملة لمنع أي أعمال عنف جنسي أو عنف قائم على نوع الجنس تُرتكب من أفرادها، وإصدار أوامر من القيادة تحظر العنف الجنسي.
وشددت مجموعة الدول على ضرورة التحقيق في ادعاءات ارتكاب هذه الجرائم ومحاسبة الجناة. وذكرت أن الإفلات من العقاب على الجرائم المروعة يسمح بتعميق دائرة جديدة للعنف ويشجع الجناة على التمادي.
كما أكد السفير الألباني حتمية حصول الضحايا على الدعم اللازم للتعافي من مثل هذا العنف، ويشمل ذلك توفير الرعاية الصحية والدعم النفسي والمساعدة القانونية وإعادة الإدماج والحماية.
وقال رئيس مجلس الأمن إن على جميع أطراف الصراع الامتناع عن استهداف المواقع المدنية بما فيها المنشآت الطبية. ودعا جميع الأطراف إلى ضمان قدرة الأفراد الذين يوفرون الخدمات الأساسية لضحايا العنف الجنسي، على الوصول الآمن وبدون عوائق لجميع المحتاجين.
وشدد على أهمية ضمان المشاركة المتساوية والكاملة والآمنة للنساء والمنظمات التي تقودها نساء في جميع نواحي عملية السلام وصنع القرار.
وذكر أن حرية النساء في المشاركة ليست فقط حقا من حقوق الإنسان ولكنها أساسية لبناء السلام الدائم والتأكد من تضمين احتياجات وأفكار وخيارات النساء والفتيات في عملية إنهاء الصراع وجهود إعادة البناء فيما بعد.
زعلى صعيد آخر، قال فولكر بيرتس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان إن على قيادتي الجيش والدعم السريع وقف القتال. وشدد على أن الوقف الدائم للأعمال العدائية يتطلب إرادة سياسية وتدابير مراقبة قوية وقدرة على تحميل الطرفين مسؤولية عدم الامتثال.
وقدم بيرتس مؤخرا إحاطة لمجلس الأمن، قال إنها ستكون إحاطته الأخيرة بصفته ممثلا خاصا للأمين العام للسودان ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة هناك. وصرح بأنه طلب من الأمين العام إعفاءه من منصبه، بعد أكثر من عامين ونصف قضاها في هذا المنصب.
ونوه إلى أن القتال المستمر في السودان منذ ما يقرب من خمسة أشهر تسبب في مقتل ما لا يقل عن 5,000 شخص، وإصابة أكثر من 12,000 آخرين. ومن المرجح أن يكون العدد الفعلي للضحايا أعلى من ذلك بكثير.
حيث وفي دارفور، تفاقمت أعمال العنف بشكل كبير، وأظهرت الأطراف المتحاربة “استخفافها الصارخ” بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وتم استهداف المدنيين على أساس عرقي وطردهم من الجنينة ومواقع أخرى في دارفور حسبما قال المسؤول الأممي.
وأضاف فولكر بيرتس: “اسمحوا لي أن أكون واضحا، من أجل التاريخ: بغض النظر عمّن أطلق الطلقة الأولى، فمن الواضح أن كلا الجانبين كانا يمهدان الطريق للحرب. لقد اختار الطرفان المتحاربان تسوية صراعهما عبر القتال، ومن واجبهما تجاه الشعب السوداني إنهاء هذا الصراع”.
وشدد على أن هناك حاجة إلى القيادات العسكرية من كلا الجانبين للتفاوض ووقف الأعمال العدائية. “لكن لا ينبغي للقادة العسكريين أن يستمروا في حكم البلاد”.
كما أكد الممثل الخاص أن الأمم المتحدة لن تظل محايدة أبدا عندما يتعلق الأمر بالحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. “إننا نقف إلى جانب المدنيين السودانيين والنساء والسكان المستضعفين الذين يتحملون وطأة الصراع”.
وأوضح أن بعثة الأمم المتحدة- المعروفة باسم يونيتامس- تواصل اتصالاتها مع جميع الأطراف، بما في ذلك من خلال اللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار، وتدعم الجهود السودانية والإقليمية والدولية لإعادة إحلال السلام.
وحث الدول الأعضاء على وقف تدفق الأسلحة إلى السودان والموافقة على الامتناع عن إمداد أي من الجانبين بالأسلحة.
وقال بيرتس إن هذا الصراع يترك إرثا مأساويا من انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الهجمات العشوائية ضد المدنيين التي ترتكبها الأطراف المتحاربة تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأفاد بتلقي مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان تقارير موثوقة حول وجود ما لا يقل عن 13 مقبرة جماعية في الجنينة والمناطق المحيطة بها نتيجة “لهجمات قوات الدعم السريع والميليشيات العربية على المدنيين، وأغلبهم من المساليت”. وأشار إلى أن بعثة يونيتامس والزملاء في الأمم المتحدة يقومون بتوثيق الانتهاكات ويذكّرون بأن هذه الأفعال، إذا تم التحقق منها، قد تشكل جرائم حرب.
كما أعرب فولكر بيرتس عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بانتشار العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف ضد المرأة. “نحن بحاجة إلى تحقيقات ذات مصداقية، والمساءلة عن هذه الجرائم، فضلا عن الخدمات المقدمة للناجين”.
كما شاركت في جلسة مجلس الأمن الناشطة السودانية ميادة عادل ممثلة للمجتمع المدني، حيث ركزت حديثها حول أمرين هما المحاسبة عن الجرائم ضد المدنيين وخاصة الجرائم المتعلقة بالعنف الجنسي وثانيا، أهمية تعزيز مشاركة النساء في الفضاء السياسي في السودان.
وشددت السيدة عادل على ضرورة وقف الحرب. وقالت إنها تتحدث نيابة عن النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب في الخرطوم ودارفور ومن تم اختطافهن ولا يعرف مصيرهن حتى الآن.
وقالت إن من يرتكبون هذه الجرائم لا يزالون أحرارا وهم “يستخدمون أجساد النساء ساحات للمعارك”.
وقد استمع مجلس الأمن أيضا إلى إحاطة من السيدة إديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والتي قالت إن القتال العنيف والمتواصل يحاصر المدنيين في الخرطوم ومناطق أخرى، بما في ذلك نيالا في جنوب دارفور، مما يزيد عدد القتلى والجرحى.
ويستمر الناس في الفرار من القتال، حيث بلغ عدد النازحين داخليا 4.1 مليون شخض، في حين عبر أكثر من مليون شخص الحدود إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
وقد أدى هذا النزوح وانعدام الأمن إلى دفع حالات العنف الجنسي إلى مستويات مؤلمة وفق ما قالته وسورنو.
وقالت المسؤولة الأممية إن النقص في الرعاية الصحية واستمرار القتال يجعلان من المستحيل تقريباً السيطرة على تفشي الأمراض المتزايدة بما في ذلك الحصبة والإسهال المائي الحاد والملاريا وحمى الضنك.
وتم الإبلاغ عن أكثر من 4,300 حالة اشتباه بالحصبة في 12 ولاية من أصل 18 ولاية.
وقالت إن المجتمع الإنساني- في ظل هذه التحديات الهائلة- يكافح من أجل توسيع نطاق العمليات وتلبية الاحتياجات المتزايدة. وأشارت إلى أن الأمم المتحدة نسقت حتى الآن تسليم أكثر من 2,400 شاحنة من إمدادات الإغاثة تحمل أكثر من 110,000 طن متري من المساعدات إلى أجزاء مختلفة من السودان.
وقد تلقى أكثر من 3.2 مليون شخص شكلا من أشكال المساعدة في الأشهر الأربعة الماضية. وقالت إن هذا الرقم يعادل 18 في المائة من جملة 18 مليون شخص تحاول الأمم المتحدة وشركاؤها الوصول إليهم.
وأكدت إيديم وسورنو على ضرورة أن تظهر جميع الجهات الفاعلة الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وأن تحمي المدنيين والبنية التحتية المدنية. ويشمل ذلك ضمان المرور الآمن للمدنيين الفارين من العنف في الخرطوم ودارفور وغيرهما من مناطق الأعمال العدائية النشطة.
كما دعت السلطات السودانية إلى “مضاعفة جهودها لتسهيل العمليات الإنسانية من خلال تسريع إجراءات الحصول على التأشيرات، وتخفيف قيود السفر، وتسريع عمليات التخليص الجمركي التي ستمكننا من الاستجابة بالسرعة والحجم المطلوبين”.
وأضافت وسورنو قائلة: “كلما طال أمد هذا الصراع، تعمقت هذه الكارثة، وتزايدت الخسائر في الأرواح وتدميرها. ولذلك فإنني أحث المجتمع الدولي على عدم ادخار أي جهد في سبيل البحث عن حل تفاوضي لإنهاء هذه الحرب”.
أخبار الأمم المتحدة