إذاعة قطر تواكب اليوم الدولي لنزع الأسلحة النووية. الخطر أصبح داهماً
النشرة الدولية –
برافدا – اكرم كمال سريوي
في 26 أيلول 2013 أقرت الأمم المتحدة اليوم الدولي لنزع الأسلحة النووية، وأعتمد القرار 32/68 الذي وافقت عليه اللجنة الأولى في الجمعية العامة إلى تأكيد ضرورة: «بدء المفاوضات على نحو عاجل، من أجل الإسراع بإبرام اتفاقية شاملة تتعلق بالأسلحة النووية، لحظر امتلاكها، واستحداثها، وإنتاجها، وحيازتها، واختبارها، وتكديسها، ونقلها، واستعمالها، أو التهديد باستعمالها، وكذلك ضرورة العمل على تدميرها ».
وفي عام 2014، أكدت الجمعية العامة من خلال قرارها 69/58 على ذكرى الاحتفاء بهذا اليوم ونشره، بما في ذلك عقد اجتماع سنوي للجمعية العامة لتعزيز تلك الأنشطة.
مرّت معظم وسائل الإعلام الدولي العربي على هذه المناسبة مرور الكرام، لكن إذاعة قطر وكعادتها كانت رائدة في تسليط الضوء على قضايا انسانية، وتهم مستقبل البشرية جمعاء،
فخصصت برنامجاً كاملاً لمواكبة الحدث، والتوعية على مخاطر السلاح النووي، وحشد الرأي العام المحلي والدولي، للضغط من أجل التخلص من هذه الأسلحة، ودرء مخاطرها على الإنسان والبيئة.
وتحدث في البرنامج رئيس تحرير موقع “الثائر” الخبير في أسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي الإنساني العقيد المتقاعد اكرم كمال سريوي فقال: « بعد مرور 53 عاماً على دخول معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، التي تضمّنت دعوة إلى التخلص من تلك الأسلحة، نرى العالم اليوم في أخطر مرحلة، حيث تتصاعد لهجة التهديدات باستخدام السلاح النووي، وقامت روسيا والولايات المتحدة الامريكية، بوضع أكثر من 2000 سلاح نووي، في حالة الجهوزية القتالية القصوى».
وأضاف سريوي: «هناك جانب آخر تجاري لصناعة الأسلحة النووية، حيث تحقق الشركات الخاصة أرباحاً هائلة، وقد بلغت أرباحها لعام 2022 وفق تقارير رسمية 29 مليار دولار، وهناك عقود تم توقيعها حتى عام 2040 تبلغ قيمتها 278 مليار دولار».
أخطار حقيقية
ينتج عن عمليات تصنيع الأسلحة النووية مخاطر عديدة، لا ترتبط فقط باحتمال استخدامها، بل بمجريات عملية التصنيع والتخزين، واحتمالات التسرب الإشعاعي المميت، والتلوث البيئي.
وإذا كانت عملية تصنيع السلاح النووي، في خمسينيات القرن الماضي، تُعتبر من الأسرار الهامة، فهي لم تعد كذلك اليوم، وأصبح مخطط القنابل النووية بمتناول غالبية الدول وخبراء سلاح الدمار الشامل، ومعظم الدول الصناعية تمتلك القدرة والتقنية اللازمة لصناعة سلاح نووي.
لم ينجح خبراء الأمم المتحدة في ثني الدول النووية، عن ما يُسمى بالاستخدام السلمي للطاقة النووية، في مفاعلات انتاج الكهرباء، مع العلم أن مخاطر هذه المفاعلات تفوقت على مخاطر السلاح النووي بحد ذاته، لأنها تسببت بعشرات الكوارث، وبلغت ضحاياها أكثر من مليون شخص حول العالم، هذا عدا عن الأضرار غير المباشرة وغير المحصية التي سببتها للسكان والبيئة.
مع العلم أن الكوارث النووية حصلت في كافة الدول النووية تقريباً، بدءاً من الاتحاد السوفياتي السابق، والولايات المتحدة الامريكية، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، والهند، وصولاً الى دول أخرى مثل اليابان وغيرها.
تؤكد التقارير العلمية أن آثار حادثة تشرنوبيل وصلت إلى دول أوروبية عديدة، حيث حملت الرياح في طبقات الجو العالية الغبار النووي، وثم تساقط المطر النووي في أماكن بعيدة جداً عن مركز الكارثة.
وبات من المؤكد علمياً أن مفعول الإشعاعات النووية يستمر لسنوات طويلة، ويسبب العديد من الأمراض السرطانية، وأن منطقة محطة تشرنوبيل مثلا ستكون غير صالحة للسكن لأكثر من 20 الف سنة.
كما أن عملية التخلص من نفايات المفاعلات النووية صعبة جداً، وتسبب ضرراً لاحقاً كبيراً للبشرية وللنظام البيئي، ولكن هناك اصراراً على بناء المزيد منها ، ويُخطط في الاعوام القادمة لبناء 21 مفاعلاً ، بحجة أنها طاقة نظيفة، وهي في الحقيقة غير نظيفة على الإطلاق، ومخاطرها عالية جداً، وهناك سببان لانتشارها:
الأول أنها مربحة جداً للشركات المنتجة، فمثلًا كيلوغرام واحد من الوقود النووي، يكفي في المفاعل لمدة 24 ساعة، ويُنتج طاقة بحوالي الف ميغا واط.
السبب الثاني أن غالبية الدول تطمح لامتلاك التقنية النووي بهدف اتاحة الفرصة لها بامتلاك السلاح النووي الذي يُعنبر بمثابة سلاح ردع يمنع الاعتداء عليها حتى من القوى العظمى.
ويوجد لدى الولايات المتحدة الامريكية 93 مفاعلاً تنتج 92 غيغاواط ،وفي فرنسا 56 مفاعلاً تنتج 61 غيغاواط، وفي الصين 55مفاعلاً تُنتج 53 غيغاواط.
ويُنتج العالم حالياً ما يزيد عن 70 الف طن من اليورانيوم سنويا، ويُخطط لزيادة الانتاج إلى 130 الف طن، ومن المهم معرفة أن نسبة اليورانيوم 235 الصالح للاستخدام تكون أقل من 2% في الكعكة الصفراء، التي يتراوح ثمن الرطل منها حالياً بين 65-70 دولاراً، ويتم تخصيبها إلى مستوى بين 5% و 20% لتتحول إلى وقود نووي صالح للمفاعلات.
إن عمليات تعدين اليورانيوم تُنتج كميات كبيرة من اليورانيوم المستنفد، وتبحث الشركات عن استخدام هذه الكميات من اليورانيوم في صناعات عسكرية ومدنية، منها قذائف اليورانيوم المنضب، وكذلك هناك شركات عمدت إلى استخدامه في صناعة بعض أواني الطعام، (الطناجر، والمقلاة وغيرها) وكل هذا يسبب مخاطر كبيرة على صحة الإنسان.
انطلاقًا من هذه المعطيات يكتسب هذا اليوم أهمية قصوى، ويجب على وسائل الإعلام في كافة العالم، إطلاع الرأي العام على حقيقة ما يجري، والتنبيه والتوعية من مخاطر الاستمرار في هذه السياسات، التي ستجر الويلات على البشرية، خاصة أن هناك بدائل عديدة، نظيفة وأقل خطراً، لانتاج الكهرباء، مثل الطاقة الشمسية والرياح والمياه.
وفي الختام نتوجه بالتحية إلى الإعلام القطري، وإذاعة قطر، والعاملين فيها، على مواكبتهم المسؤولة لهذا اليوم العالمي، وندعو جميع وسائل الإعلام في العالم العربي، إلى القيام بدورها التوعوي والإرشادي، لبناء مستقبل أفضل للبشرية جمعاء.