الملك عبدالله الثانى أمام مجلس الأمة الأردنى: بوصلتنا فلسطين وتاجها القدس الشريف
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

بين الشأنين العربي والدولي والشأن الأردني الداخلي، كان ملك الأردن، منفتحا على مآلات الأوضاع المأساوية في فلسطين المحتلة، ونأى الخطاب عن تحديد “حالة ما”، معبرا عن – أن الحدث الفلسطيني، يتوسع، نتيجة لعدم حصر التصعيد، وفشل المجتمع الدولي والأممي، والولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، في منع أو إيقاف – يحدث من دمار شامل وحرب ضد قطاع غزة، معتبرا، برؤية هاشمية أكثر وعيا، أن الذي يجري، سيسحب معه أسوأ النتائج على فلسطين المحتلة، كل فلسطين طالما بقيت حال المواجهات والحرب بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي قائمة، وهي قد دخلت يومها السادس، لتزداد في انتشارها، وتتسع لتصبح حربا خطيرة وتصعيدا مدويا ينذر بالكارثة لكل دول المنطقة.

*.. الملك يخاطب العالم بهدوء وتنوير

لجأ الملك عبدالله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، إلى منطق الهدوء، الأزمة الفلسطينية تتوسع في اليوم السادس من العدوان الإسرائيلي في ردها على معركة فيضان الأقصى، وتداعياتها التي خرجت من منطق الأمن والسلم، وتلك الكارثة الإنسانية، السياسية التي ستترك آثارها لسنوات طوال على المنطقة والعالم والأمم المتحدة.

.. بدا الملك الوصي الهاشمي الشرعي على الأوقاف المسيحية والإسلامية في القدس وبيت المقدس الشريف والمسجد الأقصى، متعبا، لكنه أكثر ذكاء تحديدا، محاورات العالم من مواقف الأردن، التي طالما حذرت، وفق منظومة وارث الوصاية الهاشمية، مما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي  المتطرفة.

.. وجاء خطاب العرش الملكي، بمناسبة افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة التاسع عشر، وأمام مجلس الأمة (الأعيان، والنواب)، وبحسب النص الملكي، كما وصلنا من الديوان الملكي الهاشمي، قال الملك عبدالله الثاني، مخاطبا العالم، عبر مجلس الأمة الأردني:

 

*أولًا: المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار:

إن ما تشهده الأراضي الفلسطينية، حاليا، من تصعيد خطير وأعمال عنف وعدوان ما هي إلا دليل يؤكد مجددًا أن منطقتنا لن تنعم بالأمن والاستقرار دون تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ليحصل الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتنتهي دوامات القتل التي يدفع ثمنها المدنيون الأبرياء.

*ثانيا: حل الدولتين.. سبيل وحيد:

لا أمن ولا سلام ولا استقرار دون السلام العادل والشامل الذي يشكل حل الدولتين سبيله الوحيد.

*ثالثا: بوصلتنا فلسطين، وتاجها القدس الشريف

ستبقى بوصلتنا فلسطين، وتاجها القدس الشريف، ولن نحيد عن الدفاع عن مصالحها وقضيتها العادلة، حتى يستعيد الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه كاملة، لتنعم منطقتنا وشعوبنا كلها بالسلام الذي هو حق وضرورة لنا جميعا.

*رابعا: لن نتخلى عن دورنا مهما بلغت التحديات:

سيظل موقف الأردن ثابتا، ولن نتخلى عن دورنا مهما بلغت التحديات، في سبيل الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، والحفاظ عليها من منطلق الوصاية الهاشمية.

*خامسا: مع خندق العروبة

سيبقى الأردن في خندق العروبة، يبذل كل ما بوسعه، في سبيل الوقوف مع أشقائه العرب.

.. داخليا:

.. لفت الملك إلى عدة قضايا مهمة، محليا وتاريخيا، تؤثر في حاضر العلاقة بين الدولة الأردنية واستراتيجية التحديث والتحول والتحديث السياسي والإداري والاقتصادي، وسياسيا أكد الملك عبدالله الثاني، إلى قضايا أساسية، برغم ما يحدث في فلسطين المحتلة، والجهود السياسية الكبيرة، المنية، التي قام بها الملك خلال الأيام  الماضية وصولا لليوم السادس، فكان الملك، في حالة مقاربة وطنية أردنية، مع الإقليم والمنطقة، ومع أهمية دعم وحماية الأردن، فقال، في إشارات ذكية، مهمة، فيها تنوير سياسي:

*أولا:

منذ ما يقرب من ربع قرن ونحن على العهد، نسعى مع أبناء شعبنا لحماية مسيرتنا الديمقراطية. وها نحن نمضي بها بخطى جديدة وثابتة من البناء والتعزيز والتحديث،.. هنا، تعهد الملك مواصلة العمل من أجل الحفاظ على هذه المسيرة الممتدة منذ نشأة الدولة.

 

*ثانيا:

يشهد العام المقبل، إجراء الانتخابات النيابة الأردنية وفق قانون الانتخابات الجديد، لهذا حدد الملك المطلوب مستقبلا وحاضرا:

أ.:

نسعى أن تكون الأحزاب البرامجية جزءا أصيلا ورئيسيا في نظامنا البرلماني.

ب.:

إن نجاح هذه المرحلة يعتمد على المشاركة الفاعلة من أبناء شعبنا وبناته، وتحمُّل كل طرف، مؤسسات وأفراد، مسؤولياته بروح وطنية عالية، لتعميق مسارنا الديمقراطي.

 

*ثالثا:

لقد قطعنا شوطا مهما على طريق تنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري… ومن المراد، أن تواصل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية التعاون لدفع العملية إلى الأمام وعدم إعاقتها، لأن شعبنا يستحق مستقبلا أفضل.

وإذ أرى أن المرحلة المقبلة تستدعي ضخ دماء جديدة لتنفيذ التحديث.

 

*رابعا:

دعوة مؤسسات الدولة والقيادات الأردنية، لدعم الشباب والنساء والأخذ بيدهم لتعزيز دورهم على الساحة السياسية فعلا لا قولا، فالمستقبل لهم، وعلينا أن تفسح الطريق أمامهم، وقال الملك: “عهدي لهم ألا نسمح باغتيال أحلامهم في التحديث والتطوير”.

 

 

* وثيقة: جلالة الملك خطاب العرش السامي، وفيما يلي نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي العربي الهاشمي الأمين.

حضرات الأعيان،

حضرات النواب،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

فباسم الله، وعلى بركة الله، نفتتح أعمال الدورة العادية لمجلس الأمة التاسع عشر. هذه الدورة الأخيرة من عمر مجلسكم الكريم، الذي وضع حجر الأساس لمرحلة جديدة من مستقبل بلدنا، نستعد معها لفصل جديد من حياتنا السياسية، بعد التعديلات التي قمتم بإنجازها على التشريعات الناظمة للعمل الحزبي والبرلماني.

منذ ما يقرب ربع قرن ونحن على العهد، نسعى مع أبناء شعبنا لحماية مسيرتنا الديمقراطية. وها نحن نمضي بها بخطى جديدة وثابتة من البناء والتعزيز والتحديث، وسنواصل العمل من أجل الحفاظ على هذه المسيرة الممتدة منذ نشأة الدولة.

حضرات الأعيان،

حضرات النواب،

يشهد العام المقبل، بعون الله، إجراء الانتخابات النيابية، ونسعى أن تكون الأحزاب البرامجية جزءا أصيلا ورئيسا في نظامنا البرلماني.

إن نجاح هذه المرحلة يعتمد على المشاركة الفاعلة من أبناء شعبنا وبناته، وتحمُّل كل طرف، مؤسسات وأفراد، مسؤولياته بروح وطنية عالية، لتعميق مسارنا الديمقراطي.

لقد قطعنا شوطا مهما على طريق تنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري. وأملي كبير أن تواصل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية التعاون لدفع العملية إلى الأمام وعدم إعاقتها، لأن شعبنا يستحق مستقبلا أفضل.

وإذ أرى أن المرحلة المقبلة تستدعي ضخ دماء جديدة لتنفيذ التحديث، فإنني أدعو جميع مؤسسات الدولة والقيادات لدعم الشباب والنساء والأخذ بيدهم لتعزيز دورهم على الساحة السياسية فعلا لا قولا، فالمستقبل لهم، وعلينا أن نفسح الطريق أمامهم، وعهدي لهم ألا نسمح باغتيال أحلامهم في التحديث والتطوير.

حضرات الأعيان،

حضرات النواب،

إن ما تشهده الأراضي الفلسطينية حاليا من تصعيد خطير وأعمال عنف وعدوان ما هي إلا دليل يؤكد مجددًا أن منطقتنا لن تنعم بالأمن والاستقرار دون تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ليحصل الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتنتهي دوامات القتل التي يدفع ثمنها المدنيون الأبرياء.

فلا أمن ولا سلام ولا استقرار من دون السلام العادل والشامل الذي يشكل حل الدولتين سبيله الوحيد.

وستبقى بوصلتنا فلسطين، وتاجها القدس الشريف، ولن نحيد عن الدفاع عن مصالحها وقضيتها العادلة، حتى يستعيد الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه كاملة، لتنعم منطقتنا وشعوبنا كلها بالسلام الذي هو حق وضرورة لنا جميعا.

وسيظل موقف الأردن ثابتا، ولن نتخلى عن دورنا مهما بلغت التحديات، في سبيل الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، والحفاظ عليها من منطلق الوصاية الهاشمية.

وسيبقى الأردن في خندق العروبة، يبذل كل ما بوسعه، في سبيل الوقوف مع أشقائه العرب.

حضرات الأعيان،

حضرات النواب،

هذا البلد له شأن ومكانة بين الدول، وهذا الشعب المعطاء لا يعرف الفشل، لأن تاريخه محطات من التحدي والإنجاز، فقد سطرنا قصص النجاح بأقل الإمكانيات، وبعزم الأردنيين وجهودهم.

وأخاطب من خلالكم، أهلي وعزوتي أبناء الأردن وبناته، وأقول لهم، وطننا هذا عظيم بكل واحد فيكم، فلا تسمحوا لأحد أن يقلل من قيمة منجزاته التي صنعتموها أنتم، ولا تفتحوا بابا لحاقد أو جاهل، فلنكن جميعا بحجم الأردن ومكانته، وبمستوى شعبه وطموحاته.

حضرات الأعيان،

حضرات النواب،

سيبقى وطننا صامدا تحميه زنود النشامى من أبناء القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي والأجهزة الأمنية، الذين قدموا التضحيات جيلا بعد جيل، وحموا الوطن بالمهج والأرواح، في سبيل إعلاء رايته، والحفاظ على منعته وقوته، ليبقى عزيزا مهابا، فلهم منا كل التقدير والتحية، ولن نتوانى عن تقديم كل الدعم لتطوير قدراتهم وتعظيم قوتهم.

أمامنا مستقبل لنبني أردن الخير والوفاء. أردن كان على الدوام، منطلقا لما هو أعظم، فلنمض بثقة نحوه، بعزيمة شعبنا، وقوة مؤسساتنا وجيشنا وأجهزتنا الأمنية، وطموح شبابنا الذي لا يعرف الحدود.

وفقنا الله لكل خير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ولدى وصول جلالة الملك إلى باحة مجلس الأمة، يرافقه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، أطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية لجلالته، وعزفت موسيقات القوات المسلحة السلام الملكي، ثم استعرض جلالة الملك حرس الشرف الذي اصطف لتحيته.

وكان في استقبال جلالته لدى وصوله رؤساء السلطات، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.

حضر الافتتاح عدد من أصحاب السمو الأمراء والأميرات، والسادة الأشراف، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وأعضاء من السلك الدبلوماسي العربي.

.. استند الملك عبدالله الثاني في الخطاب الهام، على جهود أردنية وعربية دولية معلنة، وأن الوقت بات أمام الدول الكبرى ودول المنطقة الكبري: مصر، الأردن، الخليج العربي، تركيا وكندا وأوروبا، لأخذ زمام ووضع صمام الأمان لمنع الحرب من التوسع، ذلك أن الوضع في فلسطين باتت تتحكم به خيارات ليس لها اهتمام المأساة الفلسطينية التي تتوسع.

زر الذهاب إلى الأعلى