التعاون الخليجي و”آسيان”… شراكة من رحم الأزمات

الحرب الباردة عززت موقع الرابطة عالمياً مع توسيع العلاقات الاقتصادية

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

في خطوة على طريق تعزيز علاقات الجانبين، احتضنت السعودية الجمعة أول قمة بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تضم 10 دول.

ويسعى التكتلان إلى تحقيق تعاون اقتصادي وسياسي أكبر في ظل الأحداث الراهنة من التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، مما يتطلب استراتيجيات مشتركة لمواجهة هذه التحديات، ومنها أهمية التعاون الدولي بهدف تحقيق الأمن السياسي.

تعاون سياسي – اقتصادي

وعن أهمية الجهود التعاونية قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كلمته الافتتاحية إن دول مجلس التعاون الخليجي تتطلع لتعزيز العلاقات مع “آسيان” في جميع المجالات، موضحاً أن التبادل التجاري بين الطرفين شهد ارتفاعاً خلال العام الماضي يصل إلى 137 مليار دولار، ليبلغ حجم التجارة مع دول رابطة “آسيان” ثمانية في المئة من إجمال حجم التجارة لدول مجلس التعاون الخليجي مع العالم.

وكان مساعد وزير الخارجية الفيليبيني لمكتب شؤون رابطة أمم جنوب شرق آسيا دانيال إسبيريتو صرح لوكالة أنباء بلاده الأسبوع الماضي بأن “القمة ستركز على إقرار التعاون بين رابطة ’آسيان‘ ومجلس التعاون الخليجي من 2024 إلى 2028”.

وأضاف، “تتكون دول الخليج من اقتصادات متطورة وقوى بتروكيماوية، إضافة إلى الاقتصادات اللوجيستية، ويمكنهم مساعدة ’آسيان‘ في معالجة الطاقة والأمن الغذائي”.

وفي هذا الجانب أشار المتخصص في الشأن السياسي عبدالله الغانم خلال حديثه لـ “اندبندنت عربية” إلى أن “الأهمية التي تحظى بها هذه القمة النوعية هي بحث المكاسب المحتملة الناجمة عن الأهمية الجيوسياسية لدول ’آسيان‘ الواقعة جنوب شرقي آسيا، ودول مجلس التعاون الواقعة جنوب غربي آسيا، وتحديد فرص التكامل والتعاون الجيوقتصادي والجيولوجيستي لتعزيز التبادل التجاري بين أسواق المجموعتين، أو لاختصار طرق الصادرات للأسواق الأخرى عبر خطوط مختصرة يتم تطويرها في جغرافيا دول المجموعتين، كما حصل على سبيل المثال في خط الربط السككي بين الهند وأوروبا عبر دول مجلس التعاون”.

وأوضح الغانم أن “عدم استقرار القوى في هيكل النظام العالمي واستمرار عدم اليقين واندلاع صراعات جيوسياسية بالغة الخطورة باشتراك وتنازع دول المركز، تعيد مشاهد الحرب الباردة إلى سطح العلاقات الدولية من جديد، مما جعل لدى الرابطة خبرة متراكمة في التعامل مع استقطابات الحرب الباردة منذ عام 1967”.

وتابع، “تأتي أهمية هذه القمة الأولى من نوعها تاريخياً في تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الكيانين الدوليين كمجموعات، مما يرفع القدرة على التنسيق الجماعي أولاً في التعاطي مع استقطابات الحرب الباردة الجديدة التي اندلعت بين الشرق وتحديداً الصين وروسيا، والغرب ممثلاً في الولايات المتحدة وحلف الـ “ناتو”.

ازدهار الحرب الباردة

ووثق الباحث بجامعة كيبانغسان في ماليزيا ك. س. ناثان عبر بحث نشرته مؤسسة فريدريش إيبرت في برلين أن رابطة “آسيان” مرت منذ تأسيسها في أغسطس (آب) 1967 بأزمات سياسية واقتصادية عدة، مما أدى إلى التقليل من أهميتها والتشكيك في مدى فاعليتها، إلا أن الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفياتي في سبعينيات القرن الماضي لعبت دوراً في إبراز “آسيان” عالمياً.

ونبه إلى أن التجمع الإقليمي لجنوب شرقي آسيا أصبح بمثابة جبهة حاسمة ضد الشيوعية الدولية، ومن أجل بناء كتلة إقليمية تشكل ثقلاً موازناً لنفوذ الاتحاد السوفياتي وفيتنام والصين في المنطقة وهو بناء علاقة استراتيجية بين أميركا والرابطة، بهدف عزل أعضائها عن تهديد الشيوعية الدولية النابعة من موسكو وبكين.

وكان الطرفان “آسيان” وواشنطن في حاجة إلى بعضمها لبناء تجمع مناهض للشيوعية وكسب الوقت اللازم لتعزيز أسسها الاقتصادية والسياسية لدرء التهديد الشيوعي والبقاء بقوة في المعسكر الأميركي، وركز الجانبان على قضايا مثل التنمية الاقتصادية وتوسيع ترتيبات التجارة وتشجيع الاستثمار المباشر من كلا الجانبين.

وأشار الباحث الماليزي إلى أنه بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991 استكملت واشنطن دورها بتفاعل أقل وحضور شبه دائم في منتدى “آسيان” الإقليمي لضمان بقائها في شرق آسيا والحد من نفوذ الصين وروسيا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

زر الذهاب إلى الأعلى