إسرائيل تُمهّد لاستخدام أسلحة كيميائية في غزة
اكرم كمال سريوي (خبير في أسلحة الدمار الشامل )
النشرة الدولية –
بدأت الدعاية الإسرائيلية، بالتحذير من أن حماس لديها أسلحة كيميائية. وادّعى الإعلام العسكري الإسرائيلي أنه عثر على USB مع أحد مقاتلي حماس الذين قُتلوا في المستوطنات، ويوجد عليها معلومات سرية، حول تصنيع غاز السيانيد.
وكأنه لم يبق لدى حماس من مكان لحفظ اسرارها، سوى تسجيلها على “فلاش ميموري” ، ووضعها في جيب مقاتل ذاهب إلى المستوطنات.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي فإن حماس تخطط لهجوم بالأسلحة الكيميائية على الجيش الإسرائيلي، في حال اقتحامه لمدن القطاع.
يذكرنا هذا الخبر بإدعاءات كولن بول، عندما حمل انبوباً صغيراً ولوّح به في الامم المتحدة، مدّعياً أنه إثبات على تصنيع العراق لسلاح نووي، ليظهر بعد انتهاء الغزو بسنوات ويعتذر ويعترف أنها كانت أخبار كاذبة.
لماذا السيانيد؟؟؟
يصنف السيانيد HCN من بين عوامل الاختناق، وهو سهل التصنيع، ويمكن الحصول عليه بطرق بدائية، وتحتاج صناعته الى كميات بسيطة من؛ كربونات الصوديوم، والفحم، واكسيد الحديد، وهي انواع متوافرة في الأسواق لاستعمالات مدنية.
غاز السيانيد هو غاز خفيف، ويتطاير بسرعة، لذلك من غير المجدي استعماله في الأماكن المفتوحة (وفق التجارب في الحرب العراقية الإيرانية) وهو يصلح أكثر للاستخدام في الأماكن المغلقة والأنفاق، ولذا يُصنّف كسلاح هجومي، كما أنه شديد السمية والكمامات الواقية لا تخدم أكثر من 20 دقيقة للوقاية منه، ويجب تبديلها بعد هذا الوقت، لكن مفعوله ينتهي خلال وقت قصير، كونه يتبخر بسرعة في الأماكن المفتوحة، ولا يحتاج المكان بعد ذلك إلى تنفيذ عمليات تطهير، وتستطيع القوات المهاجمة بعد وقت معين، الدخول إلى تلك المناطق المضروبة.
من الواضح أنه لو كانت حماس لديها أسلحة كيميائية، أو مهتمة بذلك، فهي ستسعى إلى امتلاك أسلحة دفاعية، أو بعض المركبات الأخرى التي يمكن استخدامها في الأماكن المفتوحة، مثل مركبات الخردل، أو غازات الأعصاب، وهناك أنواع عديدة منها، يمكن أيضاً تصنيع بوسائل بسيطة.
هذا يوضح بشكل قاطع أن إسرائيل تريد استخدام السيانيد للقضاء على مقاتلي حماس داخل الاتفاق، ومن ثم تلقي باللوم على حماس في هذه المسألة، ويبدو أن التغطية الإعلامية الكبيرة لديها، بمساندة وسائل الإعلام الغربية، جاهزة للتغطية على هذه الجريمة المرتقبة، خاصة أنه بعد مضي عدة أسابيع سيكون من الصعب جداً على أي لجنة تحقيق، كشف وإثبات استخدام هذا السلاح، ومن المسؤول عن ذلك.
هل يمكن الوقاية من السلاح الكيميائي؟؟؟
تنقسم الأسلحة الكيميائية إلى عدة أصناف رئيسة أهمها:
١- العوامل الحارقة مثل غاز الخردل والنتروجين
٢- عوامل الأعصاب: مثل التابون والسارين والسومان و VX.
٣- عوامل الدم او مجموعة السيانيد.
٤- عوامل خانقة
٥- عوامل مشلّة.
٦- أسلحة مكافحة الشغب وغيرها من مبيدات وسموم.
في عام 1993 أقرّت الأمم المتحدة اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتكديس واستخدام الأسلحة الكيميائية، وتنص الاتفاقية بشكلٍ واضح ومفروغ منه على حظر إنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية، وبحسب آخر التحديثات فقد وقّعت 196 دولة على المعاهدة، لكن إسرائيل وقعت ولم تصادق عليها، مما يعني أنها ما زالت تحتفظ بكميات كبيرة من الأسلحة الكيميائية ومن مختلف الأنواع.
كيفية الوقاية من الأسلحة الكيميائية ؟
إن أهم أعمال الوقاية من الأسلحة الكيميائية، هو الكشف السريع عن استخدامها من قبل العدو، وهذه الأسلحة بغالبيتها تحتاج إلى وقت ليظهر مفعولها، ويجب أن يكون تركيزها عالياً في الهواء، وهي تتأثر كثيراً بظروف الطقس.
ويمكن استخدام أدوية علاجية للوقاية من السيانيد، مثل تنشق اميل نتريت او حقن نيترات الصوديوم .
ولا بد من ارتداء الأقنعة والسترات الواقية، التي غالباً تكون مغطّسة بالفحم، هو المادة الأفضل لامتصاص الغازات، ويدخل كتركيب أساسي في صناعة أجهزة الوقاية، ومن المهم جداً أن يكون ناشفاً غير رطب.
وأهم المناطق التي يجب حمايتها هي العيون والجهاز التنفسي، ولذلك لا بد من ارتداء نظارات واقية، ويمكن دهن الوجه وأسفل العينين بالفازلين.
وفي حال التعرض للأسلحة الكيميائية، يجب الخروج سريعاً من المكان، وخلع الملابس، واستخدام المطهرات، وغسل الأماكن المصابة بالصوديوم او محلول البيكربونات، وكذلك يمكن استخدام البنزين الخالي من الرصاص، وفي حال عدم التوفر يمكن استخدام الماء المالح، ويجب غسل وتطهير منطقة العينين بالماء البارد.
وكذلك من المهم جداً، واذا كان يصعب التطهير، فيجب رش الجسم بمواد الامتصاص لمنع دخول المواد الكيميائية عبر الجلد، خاصة عند التعرض لمواد العوامل الحارقة، وتستخدم البودرة او مسحوق الفحم النباتي، أو أي مذيبات أخرى ومواد تطهير.
القاعدة الذهبية عند الإصابة بأسلحة كيميائية هي: أمسح، أغسل، نشّف فوراً وبأي شيء موجود، (ماء مذيبات بنزين شاش…) وأفضل المحاليل هو الكلور امين المُبطل لمفعول الخردل.
بات واضحاً أن الجيش الإسرائيلي يخشى اقتحام غزة والالتحام مع مقاتلي حماس، وقد نفذ مجزرة مستشفى المعمداني والكنيسة وغيرها “كفشة خلق” وتنفيساً للاحتقان والغضب داخل الشارع الإسرائيلي بعد فشل الجيش والهجوم الناجح لحماس، وهذا العمل يؤكد التردد الحاصل بين جنوده وقياداته في بدء الهجوم البري، الذي يضغط نتنياهو لتنفيذه.
وأمام هذا الواقع تسعى إسرائيل إلى تأمين غطاء أمريكي لاستخدام السلاح الكيميائي، باعتبار حماس منظمة ارهابية، ولكن ما زالت مشكلة نتنياهو الأساسية، هي وجود عدد كبير من الأسرى لدى حماس، وأن أي مجازفة غير محسوبة قد تودي بحياتهم، وهذا طبعاً لن يقضي على مستقبله السياسي فقط ، الذي بات انهياره محسوماً، بل سيعرضه للمحاكمة والزج في السجن.
لكن بالرغم من ذلك، لا يمكن استبعاد أي حماقة من قادة اليمين الصهاينة، الذين ينظرون إلى كل من هو غير يهودي، على أنه ليس بشراً ويجوز قتله