نعم.. انتصرت غزة وانتصرت فلسطين
بقلم: صالح الراشد

 

للنصر وجوه متعددة يدركها أصحاب الرؤى الاستشرافية للمستقبل القريب والبعيد، وللنصر أهداف عديدة يتحقق منها البعض ليستمر البحث عن تحقيق البقية، لذا أقولها بصوت مرتفع “لقد انتصرت غزة .. لقد انتصرت فلسطين”، نعم انتصرت رغم الدمار الهائل واستشهاد آلاف الأطفال والنساء والرجال، انتصرت رغم الألم والجراح، فالنصر غالٍ ونفيس ولا يأتي عبر مفاوضات الفنادق بل يأتي بالقوة والتهديد المتبادل وإظهار ضعف العدو وهز صورته الكاذبة بأنه جيش لا يُقهر، ليُقتل منه آلاف ويقع منه الكثير في الأسر ويهرب نصف مليون مستعمر من أراض سرقوها من أهلها، وليتم تبادل الأسرى حسب شروط المقاومة، لتسقط صفقة القرن وخطة ايغال ألون ومشروع غيورا أيلاند، وظهرت بوضوح الصورة الإجرامية اللانسانية الغربية في أبشع صورها .

لقد عادت القضية الفلسطينية لواجهة قضايا العالم كقضية أولى للبشرية جمعاء، فغادرت القضية ملعب منظمة التحرير الضائعة وسط أكوام الاتفاقات المهينة والتي تكرس عبودية الشعب، فيما الأمّة العربية تائهة وسط المسميات والتعليمات، فشاركت في حرب الولايات المتحدة ضد العراق العربي كونها حملت مسمى حرب تحرير وضد ليبيا لحماية المدنيين، وحملت السلاح في اليمن لنصرة الشرعية وفي سوريا لأجل الديموقراطية، وتبحث عن مسمى تخترعه لها الإدارة الأمريكية لنصرة الشعب الفلسطيني ، لتصرخ واشنطن ان المقاومة الفلسطينية إرهاب فتخفض المدافع العربية فوهاتها وتربض الطائرات المقاتلة على الأرض وتنكس الأسلحة وتنحني للأسفل، وتنطلق الحناجر بشجب قتل المدنيين، وهي أصوات لا تُسمن ولا تجلب الأمن ولا تُغني من جوع.

وغاب العالم الإسلامي عن الواقع وبدا بعيداً عن قضاياه لتنقل حرب غزة والصمود الاسطوري للمقاومة قضية فلسطين إلى ملعب العالم، الذي كان شاهداً على حرب الإبادة التي يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني بحق الأطفال والنساء، ليصبح حلها ومنح الفلسطينين حقهم واجب عالمي، يوجب تدخل روسيا والصين ودول أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا بعد أن كان القرار أوروبي أمريكي داعم للكيان الصهيوني، وهو ما يؤشر إلى أنها ستصبح قضية البشرية جمعاء.

لقد انتصرت فلسطين حين خرجت قضيتها عن نطاق الحُكام، وتحولت لقضية شعوب تبحث عن الحقيقة التي عرت الصهاينة وقادة الغرب، وأظهرتهم على حقيقتهم بأنهم مجموعات متطرفة متوحشة من الإرهابيين، سرقوا أرض فلسطين وقاموا بقتل وتهجير شعبها، لتتحول مدن العالم عن موقفها السابق المُحايد في ظل مشاهدة الشعوب للصورة من زاوية الصهاينة فقط، لتخرج في مظاهرات ومسيرات حاشدة داعمة لفلسطين بعد أن شاهدت الصور الحقيقية ليظهر الوعي العالمي بصورة غير مسبوقة ، لتصبح قضية فلسطين قضية كل إنسان سوي ، وليجد قادة الغرب أنهم منبوذين من شعوبهم وان مستقبلهم السياسي على المحك وان الاعلام الصهيوني المزيف لن ينقذهم، اذا انتصرت فلسطين كونها أصبحت جزء لا يتجزأ من حياة جميع شعوب الأرض، لتكون عودة المهجرين وتحرير فلسطين واستقلالها مجرد عملية وقت، مما يبين أن الدماء الطاهرة الزكية لم ولن تذهب سدى.

آخر الكلام:

حاول الصهاينة والغرب محو فلسطين من الخارطة فأصبح العالم كله فلسطين، وفشلت السيناريوهات المتعددة التي وضعها الكيان الصهيوني بمباركة أمريكية وأوروبية وبعض الأتباع البعيدين عن فلسطين بتهجير سكان غزة، ليكون الرد بأن غزة وطن تاريخي لأهلها ومن يريد ترحيل أحد فعليه تهجير اليهود لبلادهم وهكذا يتم حل المشكلة، لنجد أن البعض تجاوزوا مرحلة التبعية ويسيرون بفخر صوب مرحلة الذُل فيما غزة العزة تنهض بكبرياء

زر الذهاب إلى الأعلى