“سجون ستنفجر في لبنان”.. ماذا يجري في أروقة القضاء؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 -بولين أبو شقرا
لم يكن العام 2023 جيداً بالنسبة للجسم القضائي في لبنان، وتقولُ مصادر قضائية عنها إنها كانت “كارثة” جداً. نكسات متنوعة سواء اقتصادية، عملية، ميدانية، وحتى سياسية نخزت عمل القضاة من أعلى الهرم إلى أسفله.. عملياً، من يدخلُ في صلب العمل القضائي اللبناني يُدرك تماماً أن هناك عجزاً كبيراً عن القيام بكل ما هو مطلوب لاسيما أن الأزمة أثرت على عمل القضاة.
وسط كل ذلك، فإن ما يجري في دهاليز غرف القرار مُرعب، فالمشهدية قاتمة ويسودها الكثير من الضبابية.. فما الذي يحدث في أروقة القضاء؟
سجون ستنفجر
أزمة السجناء والمحاكمات تتفاقم ولم نتنهِ.. لا يُخفي مصدرٌ قضائي تحدّث عبر “لبنان24” هول المصيبة التي تتفاقم بشكل يومي، وسط ازدياد معدلات الجريمة.
وبأرقام حصل عليها “لبنان24″، فإنّه داخل 229 نظارة في لبنان يتوزع بشكلٍ متفاوت ما يقارب 2550 موقوفًا، ما قد يؤدي إلى حالة انفجار واسعة ستعاني منها النظارات، نسبة لقدرتها الإستيعابية المحدودة، إضافةً إلى حاجتها الماسة للصيانة، ووصولا إلى المشكلة الأساسية والجوهرية المرتبطة بعدد العناصر الأمنية المحدود.
في الواقع، أفقدت الأزمة الإقتصادية هذه المراكز روتين الرقابة المعتمد، حيث بات عدد حرّاس بعض المراكز غير كاف لإتمام الحماية الكاملة، علمًا أن هؤلاء مجبرون على تمرير أيام العمل بين بعضهم البعض.
المشكلة هذه يتحمل قسم كبير منها الجسم القضائي، إذ إنّ تأخير المحاكمات، وتكديس الملفات بسبب الإضرابات المتتالية منعت القوى الأمنية من إزاحة عبء كبير عن كاهلها. كذلك، فإنّ الإضرابات المتتالية شلت عمل القضاء في لبنان، ومنعت الآلاف من إنهاء معاملاتهم، أو الخروج من السجن بعد قضاء محكوميتهم.
المشكلة الأكثر تأثيراً وصعوبة هي التي ترتبطُ بأماكن التوقيف، إذ يشتكي عدد كبير من القضاة بالتوازي مع المساجين وأهاليهم من عدم قدرة القوى الأمنية على ايصال الموقوفين إلى المحاكم في الأوقات المحددة، نظراً لعددهم الكبير، أو لأمور خارجة بشكلٍ كليّ عن إرادتهم، وهذا ما يؤجّج هذه المشكلة.
بحسب معلومات “لبنان24″، فإن ما نسبته 82% من الموقوفين، هم من دون محاكمة، ويصل عدد الجرائم مجتمعة إلى ما يقارب 40 ألف جريمة، موزعة على ما يفوق حتى يومنا هذا على 2250 موقوفًا، يشكل الأجانب منهم 40% ويصل عدد السوريين إلى 30% من نسبة هؤلاء الأجانب، 630 منهم موقوفون بتهم المخدرات. كلّ ذلك دفع إلى توزيع الموقوفين على مختلف المراكز على كافة الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن مكان ارتكاب عناصر الجرم.
محاكم تفرغ
بالتوازي، وعلى بعد سنوات من عدم افتتاح أي دورة للقضاة، فإن غرف المحاكمة باتت قاب قوسين أو أدنى من الفراغ، مع انخفاض عدد القضاة بشكلٍ رهيب. هنا، يوضح مصدر قضائي لـ”لبنان24” أن ما يقارب الـ 250 قاضياً فقط يعملون اليوم بشكل فعلي لحلّ قضايا ما يزيد عن 5 مليون لبناني وأكثر من مليوني ونصف مليون سوري. هذا الرقم الصادم دفع بالعديد من الجهات إلى ابتكار الحلول وإيجاد مخارج تسرّع المحاكمة، إلا أن أيًا منها لم ينجح، خصوصاً أن رواتب القضاة في بعض المراكز بات لا يتعدى الـ 200$، وهذا ما يبرّر سبب التلويح المستمر بالإضراب.
الأمر الأكثر تأثيراً يرتبط بالفراغ الذي قد يطالُ مراكز متقدمة ضمن السلطة القضائية، والإمتحان الأكبر يرتبط بالقدرة والخطوات التي ستؤدي إلى ملء تلك المراكز. حالياً، فإن مركز المدعي العام التمييزي والذي يشغله حاليًا القاضي غسان عويدات قد “قطع قطوعه” من خلال وجود البديل المتمثل بالقاضية ندى دكروب، باعتبارها القاضي الأعلى درجة التي ستستلم المهام في شباط المقبل، علماً أنّه في حال رفضت دكروب فإن هناك 4 قضاة جاهزون مؤهلون للمنصب. ما حصل على صعيد مركز المدعي العام لا يمنع فتح ملف النقص على مصراعيه لأن النقص المستمر في عدد القضاة قد يمنع خطوة إشغال الشواغر الجديدة، طالما أن العدد الأكبر من القضاة الموجودين اليوم باتوا بدائرة التقاعد، وهذا ما يضع السلطة أمام تحدي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب…