مؤامرات الكفّار علينا
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
لقي ما يزيد على 6 ملايين شخص حتفهم في العالم نتيجة وباء كورونا، وكان صديقنا جاسم رمضان أحد هؤلاء. فعلى الرغم من خلفيته العلمية، أو هكذا يفترض، فإنه رفض التطعيم، واعتبر الوباء مؤامرة!
* * *
في مقابلة إذاعية يقول يوفال هيراري، الباحث الإسرائيلي في التاريخ، ومؤلف أكثر الكتب العلمية مبيعاً، ومن بين المؤيدين للحقوق الفلسطينية: «إن حياتنا على الأرض، من منطلق علمي بحت، هي في الحقيقة، بلا معنى! فنحن حيوانات تحب سماع وسرد القصص، ولا تهمنا كثيراً الحقائق والمعادلات. فالبشر ينظرون إلى علاقتهم بالكون وكأنها نوع من الدراما، ويتساءلون، أو يبحثون عن دور في دراما ضخمة وكأنها من إنتاج هوليوود، وهم جزء من هذه الدراما، وهذا سيجعلهم راضين بمصيرهم النهائي، لكن الحقيقة غير ذلك تماماً. فقوانين الكون والفيزياء لا تعمل هكذا، ولا هي بقصة تروى. فلو انفجرت كواكب ونجوم، لما اكترث الكون بها أو توقّف، بل ستستمر القوانين في طريقها، فمثل هذه الانفجارات تحصل منذ الأزل، والكون على وضعه ومتغيراته، وبالتالي لا دور حقيقياً لنا في هذه الحياة».
في موضوع آخر، تطرّق هيراري، في كتابه الشهير «سابينز» Sapiens، إلى ما يسمى بالثورة الزراعية، ووصفها بأنها كانت أكبر خدعة في التاريخ! فهذه الثورة تبدو رائعة اليوم في أعيننا، كما كانت رائعة في عيني الفرعون المصري أو الإمبراطور الصيني وأثرياء زمانهما، لكنها شكلت كارثة على الإنسان المزارع أو الفقير، في حينه، بعد أن حولت حياته إلى شقاء مقارنة بما كانت عليه حياة الإنسان زمن الصيد والتنقل والالتقاط. فما أن تحوّل إلى الزراعة حتى أصبح لا يجد ما يأكله غير ما يقوم بزراعته، وليجوع في مواسم الجفاف. كما أصبح أكثر عرضة للإصابة بالأوبئة من الحيوانات التي استأنسها، فأغلبية الأوبئة بدأت مع الثورة الزراعية، وانتشرت بسرعة بين تجمعاتها، بخلاف مرحلة الصيد والتنقل، بعد أن أصبحت المجتمعات الزراعية بيئة خصبة لتكاثر الميكروبات والقمامة والفضلات البشرية والحيوانية، التي تراكمت ضمن نطاق صغير!
ويستطرد هراري قائلاً بأن وباء كوفيد أثبت تحقيق الإنسان لنصر علمي مدهش، فلم يكن البشر، في كل تاريخهم، بهذه القوة والمعرفة كما هم الآن، وكما تعاملوا مع الوباء.
فعندما أصاب العالم في منتصف القرن الـ14 وباء الطاعون المميت، قضى على ربع البشرية تقريباً. وبالرغم من أنه استمر لخمسة قرون، فإنه لا أحد فهمَ سببه ومصدره، ولا كيفية التعامل معه، أو الوقاية منه، فالأغلبية استسلمت للأمر كونه عقاباً من السماء، أو نوعاً من السحر الأسود! بينما مع كوفيد لم يستغرق الأمر من العلماء، الحقيقيين، أكثر من أسبوعين لتحديده، ولشهرين آخرين لمعرفة كيفية انتشاره، ولينجحوا، خلال أقل من عام، في إنتاج مصل مضاد له، مثّل نجاحاً هائلاً للعلم الحديث.