70 % من قروض البنوك الخليجية للشركات مسعرة بالفائدة المتغيرة .. بوادر نحو التثبيت

النشرة الدولية –

الاقتصادية السعودية –

أظهرت بيانات مالية أن 70 في المائة من قروض البنوك الخليجية الخاصة بالشركات، مسعرة بالفائدة المتغيرة التي تتبع المراجع التسعيرية المحلية في المنطقة، الأمر الذي يعزز جاذبية القطاع للمستثمرين.

وفي السعودية، كشفت آخر إحصائية مدققة للبنوك أن بين 54 و57 في المائة من قروض الشركات مسعرة بالفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور بنهاية 2021.

ويقع على كاهل إدارات الخزانة والمخاطر بالشركات رسم الاستراتيجيات التي تقنن تأثر الأرباح بمدفوعات الفائدة، الأمر الذي يفسر لجوء البعض إلى منتجات التحوط الخاصة بالسايبور وأسعار الفائدة أو تفضيل خيار التسعير بالفائدة الثابتة التي تضمن ثبات مستوى الدفعات الدورية للمستثمرين أو المصارف التي تمنح القروض.

ومنذ 2022 وسوق الشركات تخالف تقاليدها التاريخية مع ظهور بوادر نحو تثبيت تكلفة مدفوعات الصكوك لتحل بديلا عن منهجية الفائدة المتغيرة التي تتبع السايبور.

ودأبت سوق الصكوك الخاصة بالشركات في الماضي على اختيار الفائدة المتغيرة التي تزداد تكاليفها مع ارتفاع السايبور.

وحتى الآن لا يوجد تأكيد على استمرار تلك الظاهرة حتى نهاية 2023، خصوصا أن بعض المستثمرين يفضلون الفائدة المتغيرة.

 

الودائع الاستثمارية

 

أظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، ارتفاعا في أعداد البنوك السعودية التي بدأت في طرح منتج الودائع الاستثمارية بعائد، ولا سيما بعد زيادة وعي الأفراد خلال النصف الأول من 2023.

ويسهم عدم إتاحة عدد قليل من الجهات المالية لمنتج الوديعة الزمنية (بعائد مرتفع) على منصاتها الرقمية في هجرة الودائع الصفرية إلى المنافسين.

وتجاوبت المصارف، في الآونة الأخيرة، مع أهمية نشر التوعية حول الودائع الاستثمارية، ولا سيما بعد استعانة البعض منهم بمؤثري مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تسويق منتجات الودائع بعائد بين الأفراد عبر منصات التواصل الاجتماعي. غير أنه على الأفراد القيام بعمليات البحث الخاصة بهم لاختيار البنوك التي تمنح العائد الأعلى على الودائع.

وأقرت بعض المؤسسات المالية استراتيجيات جديدة لجذب عملاء جدد تمثلت في رفع عائد الوديعة لمستويات تتجاوز متوسط السوق، حيث أعادت حقبة “عائد الوديعة المرتفعة” رسم خريطة ولاء الأفراد لمصرف واحد وقادت البعض منهم لتوزيع ودائعهم بين عدة بنوك.

وأظهر الرصد أن تجربة تلقي الأفراد أرباح شهرية على الودائع، وهو أمر غير معتاد لكثير منهم، سيقود إلى استمرارية السلوك الاستثماري الخاص بإبقاء الوديعة لدى البنوك مقابل التربح منها.

قطاع الشركات

 

 

أشارت الاقتصادية في تقرير لها في نوفمبر إلى قيام قطاع الشركات بقيادة نمو أرباح القطاعات التشغيلية للمصارف السعودية المدرجة خلال تسعة أشهر من 2023، إذ نمت أرباح القطاع منه قبل الزكاة والضريبة 43 في المائة.

في المقابل، ارتفعت أرباح البنوك من قطاع الأفراد قبل الزكاة والضريبة 22 في المائة خلال الفترة.

ووفقا لرصد “الاقتصادية”، استند إلى بيانات المصارف في “تداول”، فإن أرباح البنوك من قطاع الشركات سجلت نموا قويا خلال الأشهر التسعة، مستفيدة من أسعار الفائدة المرتفعة.

وبلغت الأرباح الصافية للمصارف خلال الفترة 52.6 مليار ريال، بنمو 13.3 في المائة، مقارنة بالفترة المماثلة من 2022، في حين بلغت الأرباح قبل الزكاة والضريبة 59.75 مليار ريال.

وشكل قطاع الشركات 48 في المائة من أرباح البنوك بقيمة 28.4 مليار ريال قبل الزكاة والضريبة، كأعلى نسبة من بين القطاعات التشغيلية، في حين كانت تشكل نحو 37 في المائة خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، ما يعكس التحسن في أداء قطاع الشركات.

أما قطاع الأفراد فقد شكل 32 في المائة من أرباح البنوك خلال الأشهر التسعة بقيمة 19.4 مليار ريال، في حين شكل 30 في المائة خلال الفترة المماثلة من العام السابق.

 

الفائدة الثابتة

 

 

وكانت “الاقتصادية” قد أشارت في تقرير لها في أوائل يوليو 2023، إلى أن الشركات السعودية قد باتت تتجه نحو تسعير إصداراتها المحلية من السندات والصكوك بالفائدة الثابتة، وذلك لجذب المستثمرين الذين يبحثون عن العائد الأعلى وتقنين الانكشاف على حركة السايبور.

وأظهر رصد “الاقتصادية”، في ذلك الوقت، نموا في تسعير أدوات الدخل الثابت للشركات السعودية بالفائدة الثابتة، بنسبة 177 في المائة.

وكشف الرصد أن أكثر من 55 في المائة من إصدارات الشركات السعودية إبان حقبة “الفائدة المنخفضة” كانت تسعر إصدارات دينها عبر الفائدة المتغيرة، نظرا إلى كون معظم المستثمرين إبان تلك الفترة يأتون من القطاع المصرفي وذلك قبل أن تتسع قاعدة المستثمرين خلال الفترة الماضية.

ويتبين من الرصد كذلك، ظهور توجه من الشركات للتخلي عن ربط تسعير إصدارات الدين بالفائدة المرتبطة بحركة السايبور، وتجلى ذلك بتسجيل انخفاض بمقدار 27 في المائة بإصدارات السندات والصكوك التي يتم تسعيرها بالفائدة المتغيرة.

وتضم قاعدة بيانات موقع “تداول” بيانات 53 إصدارا للشركات السعودية بنهاية أبريل من العام الحالي، منها 34 إصدارا مسعرا بالفائدة الثابتة.

واستند الرصد على مقارنة قاعدة البيانات المتوافرة لإصدارات القطاع الخاص لدى موقع تداول، ومن ثم مقارنة طرق التسعير التي تمت قبل عام 2021 وما بعده.

ويعني تسعير أدوات الدين بفائدة ثابتة أن المستثمر يعرف حجم الفوائد التي ستسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق نسبة العائد الثابت خلال الأوقات التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.

أما أدوات الدين المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها (كل ثلاثة أو ستة أشهر) بحسب بمؤشر القياس المستخدم.

ولدى السعودية سندات محلية بالفائدة المتغيرة وقروض بالفائدة المتغيرة، وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية مدرجة في السوق المحلية لدى “تداول”.

وتحتوي هذه السوق المخصصة للشركات على أربعة إصدارات، منها صكوك لشركة الكهرباء، وباقي الإصدارات المدرجة موزعة على شركة الراجحي وصدارة والكثيري.

وقبل كانون الأول (ديسمبر) 2022، فإن سوق أدوات الدين للشركات لا يشهد تنفيذ صفقات كثيرة، الأمر الذي أدى إلى ضعف أحجام التداول.

وتتميز الإدراجات القديمة، بكونها قد تم تسعيرها بالفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور ولا تحمل طابع توزيع العائد الثابت.

ومع ذلك فالمستثمر سواء بأداة دين ذات عائد ثابت أو متغير، يحصل على توزيعات دورية كأرباح إلا أنها تكون متفاوتة مع المرجع التسعيري للسايبور.

أما بخصوص البيانات التاريخية لحركة آجال السايبور فتم التعاون مع منصة “ماكرو بوند” السويدية التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على أثرها بتكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين بربط تلك البيانات مع بعضها البعض وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.

 

منتجات التحوط

 

 

ونشرت “الاقتصادية” تقريرا في 9 أكتوبر 2022 أشارت فيه إلى أن الشركات والصناديق الاستثمارية أصبحت تدرس بجدية النظر بخيارات الحصول على اتفاقيات تحوط متوافقة مع ضوابط الشريعة الإسلامية”، وذلك لتثبيت هامش ربح التسهيلات المستخدمة بمحفظة القروض لكل جهة.

يأتي ذلك وسط صعود الفائدة المحلية الأمر الذي يعجل بخطط الشركات والصناديق نحو منتجات التحوط لتثبيت هوامش السايبور خلال المرحلة المقبلة، في حين تحوطت بعض شركات القطاع الخاص بشكل مسبق من ارتفاعات السايبور أوائل هذا العام أو قبل ذلك.

وتسهم منتجات التحوط ضد صعود أسعار الفائدة (في بعض الحالات) في توفير مبالغ مالية كانت ستخصص لخدمة الدين.

وتتمحور الخطوات الاستباقية لتجنب دفع فوائد عالية من قبل الشركات حول الحصول على عقود تحوط على القروض الجديدة أو اللجوء إلى خيار السداد المبكر للقروض، وهي خطوات تسهم في توفير تكاليف التمويل وتعظيم أرباح الشركات.

 

تحديد القيمة العادلة

 

 

تكمن التحديات التي تواجه أطراف هذه العملية (أي المؤسسة التمويلية والشركات) في إيجاد القيمة العادلة الخاصة بتثبيت هامش السايبور، ولا سيما مع القروض التي يصل أجل استحقاقها ما بين ثلاثة وسبعة أعوام.

في الوقت الذي تخشى الشركات، التي تعتمد بشكل كبير على الفائدة المتغيرة، أن يتآكل جزء من أرباحها بسبب ارتفاع تكاليف التمويل الناجم عن ارتفاع السايبور، تحاول الجهة التمويلية عدم تثبيت هامش السايبور بشكل منخفض.

ويسهم التباين حول تحديد القيمة العادلة الخاصة بتثبيت السايبور في تردد الشركات والصناديق نحو الحصول على أداة التحوط تلك وتفضيل الانكشاف على تحركات السايبور.

ولا توجد بيانات حول القيمة العادلة المستقبلية التي تطلبها جهات التمويل كـ(البنوك) من أجل تثبيت هوامش السايبور التي تتباين وفقا للجدارة الائتمانية الخاصة بالعميل وكذلك أجل الاستحقاق الخاص بالقرض.

وأشار رصد “الاقتصادية” لإحدى الصفقات المعلنة للعامة أن نسبة تثبيت السايبور المستقبلية تفوق أرقام تداوله الحالية بما يقارب 41 إلى 51 في المائة.

وعلى سبيل المثال في حال كان السايبور يتم تداوله عند 1.4 في المائة، فإن الهامش قد يتم تثبيته عند 2.65 في المائة لسبعة أعوام مقبلة وذلك حتى تاريخ سداد التمويل.

وتأتي تلك التطورات بعد زيادة وعي المتداولين حول الشركات السعودية التي تميل محفظة قروضها نحو الفائدة المتغيرة وليس الثابتة، لذلك تحرص الشركات والصناديق على التوضيح للمساهمين أنشطتها الخاصة بالتحوط من أسعار الفائدة.

 

الانكشاف المالي الطبيعي

 

 

بعض الشركات تفضل الانكشاف على تحركات السايبور، ولا تحرص الشركات والصناديق على تثبيت أسعار الفائدة عبر منتجات التحوط، بل تحاول قدر المستطاع أن تتكون محفظة قروضها من الفائدة الثابتة (التي لا تتغير بارتفاع أسعار الفائدة) وكذلك جزء من محفظتها مسعر بالفائدة المتغيرة والجزء الآخر خاص بمنتجات تحوط تتعلق بتثبيت هامش السايبور لبعض القروض التي تم أخذها حديثا وتم تسعيرها بالفائدة المتغيرة.

وتحرص الشركات وصناديق الريت على الحصول على منتجات التحوط من أجل حمايتهم من تقلبات هامش الربح خلال فترة استحقاق هذه التسهيلات أو القروض.

وبعض الشركات السعودية المتخصصة في مشاريع البنية التحتية محمية من ارتفاع أسعار الفائدة لنجاحهم في تثبيت فوائد القروض (القديمة) لفترات طويلة تمتد إلى 20 عاما لكل مشروع، أي أن الخطة التمويلية طويلة الأمد لكل مشروع تتضمن مسبقا مقدار الفائدة المتوقع خلال مرحلة اختيار جوانب التمويل لكل مشروع.

 

أفضل الممارسات

 

 

ينتظر أن يقود التوجه الحكومي لتقنين الاستعانة بالفائدة المتغيرة الشركات السعودية من أجل تتبع أفضل الممارسات الخاصة بإصدارات الدين، وذلك نظرا إلى أن الفائدة المتغيرة تغلب على إصدارات تلك الشركات مع طروحاتها الخاصة من سندات أو صكوك.

ويرى جريق هارت عندما كان مسؤولا عن قطاع الفائدة للشركات في شمال أمريكا لدى بنك أوف أمريكا أنه على الشركات أن تكون نسبة ديونها المسعرة بفائدة ثابتة بين 50 و80 في المائة.

لكن أحد أهم العوامل التي تسهل عملية التسعير هذه هي وجود مؤشر قياس Benchmark يسترشد به وهذا ما أصبح متوافرا حاليا في السوق السعودية.

وهذا المؤشر كان مفقودا في أسواق الدين السعودية لأعوام طويلة قبل أن يعاود الظهور أخيرا مع إصدارات “ساما” من السندات التنموية في 2015.

 

ما السايبور؟

 

 

تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض (القصيرة الأجل) التي قد تراوح ما بين شهر وعام.

وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية (التي تسعر بالفائدة المتغيرة) في السوق المحلية.

وعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. ووحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.

وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة “تومسون رويترز” بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية “سايبور”.

وقالت “ساما” إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي تقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منها إلى تعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية (سايبور).

وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل “سايبور” الذي ستقوم “تومسون رويترز” باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية “الأيسكو”.

زر الذهاب إلى الأعلى