السفارة الأمريكية في بيروت تُدهش العالم
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

أن السفارة الأمريكية التي يتم بناؤها في لبنان، هي الأكبر في الشرق الأوسط، وصحيح أن كل ما فيها مدهش للغاية لكن الدهشة اليوم في بيان السفارة الذي لم يترك مجالاً للشك أن أمريكا هي أم الديمقراطية، وأبوها وكل أشقائها وشقيقاتها أيضاً، والوصي الشرعي الوحيد عليها في هذا العالم، وتحتفظ بالوصايا الأربعين عن أقانيمها السبع، في مغارة الكنز المرصود.

بداية لنقرأ بيان السفارة

“بينما نحتفل بيوم حقوق الإنسان، والذكرى السنوية الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تؤكد الولايات المتحدة من جديد على الكرامة المتأصلة والحقوق المتساوية وغير القابلة للتصرف لجميع أعضاء الأسرة البشرية، والتي هي أساس الحرية والعدالة والسلام في العالم”.

ولفتت السفارة، الى أنه “على وجه الخصوص، تؤكد الولايات المتحدة من جديد على أهمية حرية الصحافة، التي تعتبر أساسية لمجتمع حر، والتي تكرّس حرياتها، في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وللمصادفة إنها الذكرى 75 للاعلان العالمي لحقوق الإنسان ولنكبة فلسطين، التي احتلها الإسرائيليون وما زالوا يرفضون الخروج منها.

بل إن إسرائيل قتلت أكثر من 16 الف فلسطيني، أكثر من نصفهم من الأطفال، وما زالت تقتل المدنيين في غزة، بسلاح أمريكي وذخائر أمريكية محرمة دولياً، واستخدمت الولايات المتحدة الامريكية حق النقض الفيتو، ضد قرار في مجلس الأمن، يدعو إلى وقف إنساني لاطلاق النار في غزة!!!

وفق المفهوم الأمريكي للحرية والديمقراطية، يحق لأي شخص تأييد أفعال إسرائيل وأمريكا، حتى لو كان قتل الأطفال واحتلال أراضي الغير، ومصادرة حرية وحقوق الشعوب وسرقة ثرواتها وخيراتها!!!

لكن أن تدين جرائم إسرائيل وانتهاكاتها للقانون الدولي، أو أن تدعم حق الفلسطينيين بالدفاع عن أرضهم، ونضالهم للحصول على حق تقرير المصير، فانت إرهابي!!! ويجب معاقبتك بالطرد من الوظيفة، والزج في السجن.

أمريكا بلد ديمقراطي وبلد حرية الرأي والصحافة، وهذا ما أكّد عليه بيان السفارة الاميركية في بيروت، لكنها تمنع أي منشور في كافة وسائل الإعلام، وعلى كافة وسائل التواصل الاجتماعي، إذا كان يؤيد حقوق الشعب الفلسطيني ويدين إسرائيل!!!

المواطن الأمريكي حر أن يستمع إلى أي وسيلة إعلامية تدعم أمريكا وإسرائيل، ولكن ممنوع عليه أن يسمع الرأي الآخر الذي ينتقدهما، وحتى وسائل إعلام روسيا والصين محظورة بالكامل، لأنهما ينتهكان حقوق الإنسان، وفق المعايير الأمريكية، التي ترى على ما يبدو، كما المتعصبين اليهود الإسرائيليين، أن العرب ومعظم سكان الأرض ليسوا بشراً، بل حيوانات يجوز قتلهم، ووحدهم اليهود شعب الله المختار.

أكتب ما تشاء وقل ما تشاء تمجيداً لأمريكا وإسرائيل!!! لكن إياك أن تنتقدهما، خاصة إلهة الحب السحري لأمريكا “إسرائيل” ، فعندها ستُتّهم بأنك إرهابي ومعادٍ للسامية. والآن أمريكا نصت قانوناً جديداً، يمنع انتقاد الصهيونية أيضاً، وجعلته بمثابة معاداة السامية.

جعل الغرب معاداة السامية مرادفاً لمعاداة اليهود، فمعاداة العرب لا تعتبر معاداةً للسامية، رغم أن العرب، والفينيقيين، والأشوريين، والكنعانيين، والآراميين، والعبرانيين، كلهم شعوب سامية.

يبهرك الأميركيون عندما يتحدثون عن الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان،  ورفض بايدن مصافحة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، متهماً إياه بانتهاك حقوق الانسان، في قضية مقتل جمال خاشقجي.

لكن أمريكا الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح  النووي على رؤوس المدنيين في اليابان، وألقت آلاف الاطنان من الأسلحة الكيميائية في فيتنام، وتمتلك مئات المختبرات البيولوجية حول العالم، لتصنيع أسلحة بيولوجية، وترفض منذ عام الفين أن تُخضع تلك المختبرات للتفتيش أو المراقبة الدولية، تصرّ على إعطاء العالم دروساً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

لا بل أكثر من ذلك، تسمح أمريكا لنفسها، بالاحتفال بالذكرة الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي في نفس اليوم تغطي قتل الأطفال والمدنيين، وقصف السكان الآمنين، والمدارس والمستشفيات، وحتى مراكز الأمم المتحدة، من قِبَل إلهة الحب والسلام “إسرائيل” بأسلحة وذخائر أمريكية فتاكة، وبقنابل الفسفور الحارق.

إن أول ضحايا أمريكا هو الشعب الأمريكي، المخدوع بهذه الديمقراطية الزائفة، التي هي ليست سوى دكتاتورية رأس المال، كما وصفها الأمريكي ديفيد روكفلر، في ستينيات القرن الماضي.

لقد نجحت السلطات الأمريكية في استعباد شعوب العالم، بواسطة أوراق الدولار، التي لا قيمة فعلية لها، لكنها وسيلة استغلال، مدعومة بقوة عسكرية جرارة، وكما قال كيسنجر يوماً “من يسيطر على النفط يسيطر على الطاقة، ومن يسيطر على الدولار يسيطر على العالم”

فمن يسيطر على الدولار يا تُرى؟؟؟

ولماذا هناك أكثر من 41 مليوناً يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية، وفق مكتب الإحصاء الأمريكي لعام 2023؟؟؟

ولماذا تحتل أمريكا أكثر من 800 جزيرة حول العالم؟

أعتقد أنكم تعرفون الإجابة.

وأهلاً وسهلًا بكم في رحاب الديمقراطية، لكن لا تنسوا على الطريقة الأميركية

Back to top button