امبراطورية ” خيرت” ويديرها العباسي..”العرافة”……( من مفكرتي)

النشرة الدولية – د.خلود الصالح –

تبدأ عصا المايسترو ” العباسي” بالتلويح بجدية المواضيع التي تسردها العرافة واحداً تلو الآخر والتي ما أن بدأت تلك المقطوعة الا وعرّفتها بل وكشفت عن ملامح شخصيتها المتنقلة بين قضيةٍ وأخرى، وبين مفاجأةٍ قدريةٍ وأخرى لتجد نفسك أمام تلك الاحداث الحياتية والمشاهد الرومنسية الحالمة.

وحينما يسيطر اللحن على المشهد، ينتابك ذلك الاحساس بأن اللقاء ” الثاني” آتٍ لا محال، ذلك اللقاء الذي سيقلب عالمك إلى عالمٍ مليئٌ بالصخب والضوضاء.

كل ذلك والعباسي يتناغم بلغة جسده مصطحباً معه عصاه الصغيرة التي تعلم جيدا من أين تبدأ وأين تتوقف.

تأتي أنامل خيرت لتتنزه بك في أجمل بستانٍ لفالس ليس ل ” أندريه ريو” يداً فيه رغم تسلله بعض الشئ كالتي أتحفنا بها في أجمل ما تغنت به مملكة البحرين.

إن أجمل ما يمكن أن تتخيله هنا هو محاكاة الفرقة والآلات بأداءٍ غير مسبوق لنادر العباسي ومدى التوافق بينه وبين تلك المنظومة الموسيقية الهادفة.

راقب لغة جسده وحركات يديه المتأرجحة وتراتيب خطواته في زاوية مدروسةٍ واحدة وكأنه يتراقص بين أنغام الرابسودية.

فمن أين نبدأ الحكاية يا ترى والتي تلزمك أن ” تخلي بالك من عقلك” كي لا تذهب بعيداً عن الواقع الذي نعيشه بكل أحاسيسنا، الواقع الذي جعل للحياة الف معنى ومعنى: واقع خيرت.!

وبعدهذه الهدنة، تخرج المقطوعة عن هدوئها وصمتها النسبي لتعلن عن قرب الحلول لأزماتنا ، فالحياة لا تدوم بالاحزان ولا تتراجع لكثرة خيباتنا.

يختم الأسطورة مقطوعته وأيادي الحضور تصفق قبل النغمة الاخيرة لألحانٍ لا تنتهي وموسيقى لا تتوقف.

واخيراً وليس آخراً، نتساءل بشغف:

متى يحين لقاؤنا للمرة الثانية على أرض الانسانية ليعود خيرت فتصحو الضمائر كضمير ” أبلة حكمت” ، ولتخرج ” فاطمة” من ليلة القبض عليها لتلتقي بعم أحمد بين أروقة المشهد.

مؤكد بأن خيرت لن يفاجئنا بافتتاحيته العالمية الخالدة على أرض الانسانية لكنه ومن دون أي شك سيحلق بنا إلى كوكبٍ يحمل معالماً جديدة واهتماماتٍ غير التي عهدناها.

عندها، ستأتي رسالته المدوية معبرةً أكثر عن الواقع الذي نعيش لتعكس آلامه وأشجانه وطموحاته.

تُرى ، وبعد هذه الاحداث المتسارعة والصادمة على الساحة السياسية، هل ستتصدر الألحان الشرقية مقطوعات خيرت وهل سنرى الهوية المصرية العربية بأوتار الربابة والعود والقانون والناي بشكلٍ ملفت وكما عهدناها في “فاطمة” لتصل الى العالم أجمع؟

يبقى خيرت هو الإمبراطور في مملكةٍ لا نظير لها!

د.خلود الصالح (كلية الاداب/ قسم اللغة الفرنسية)

زر الذهاب إلى الأعلى