ضرائب… لأي دولة؟
بقلم: بشارة شربل

النشرة الدولية –

رغم خطر الانزلاق الى حرب مدمّرة، يجد أهل السلطة وقتاً كافياً لصغائر حروب ضرب المؤسسات ولحرفة الصفقات. ويتوّج نهجَهم اليوم تخطيطُ حكومة تصريف الأعمال لسلب المواطنين بالضرائب والرسوم مداخيلَ استطاعوا تكوين بعضها بعد الانهيار.

الخلاف على التمديد لقائد الجيش يختصر مجموعة أطماع ويقع على تقاطع العقدة الأساس المتمثلة بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية. وإذ نسلِّم بأنّ همَّ جبران باسيل مشروعه السلطوي، فالمدهش أن «حزب الله» المنشغل بـ«مشاغلة» اسرائيل يشاركه في مماحكات «التعيين» و«التمديد» معرّضاً الميثاقية والمؤسسة العسكرية للاهتزاز.

الجبهة المفتوحة في الجنوب لم تردع «المنظومة» عن متابعة ما اعتادت عليه. مؤشرات متجددة الى صفقات، نموذجُها تلزيم البريد الفاشل وصفقة الفيول المجهضة، ناهيك عن اكتشاف اللبنانيين تباعاً أسماء موظفين صاروا أصحاب ملايين، وأن التهريب في المرفأ وعلى الحدود قائم على قدم وساق، وغير ذلك من الموبقات.

في حمأة الوضع المتردي جنوباً الذي ضرب حركة المطار و«كربَج» الاقتصاد استثماراً واستهلاكاً، تطلع علينا الحكومة بمشروع موازنة جديرة بدول تدور فيها عجلة الانتاج وتتمتع باستقرار تشريعي وأمني وببيئة استثمار نظيفة وحوْكمة رشيدة. وإذ لا خلاف على مبدأ الضرائب ووجوب زيادة الإيرادات لتسيير عجلة الدولة وخفض الاعتماد على التسول لسد رمق الجيش وشرائح من موظفي القطاع العام، فإنه وبعيداً عن شعبوية نواب «المنظومة» المنددين بفرض الضرائب، وجشع أصحاب الملايين الذين يكرهون الضريبة من الأساس، يجب استنكار تحميل المواطنين المسروقة ودائعهم أعباء إضافية في زمن الانكماش وانعدام الخدمات، والإقلاع عن إرهاق الأفراد والمؤسسات بضرائب ورسوم كان يمكن تعديل معظمها وتعويض بعضها لو حكّ وزير المال دماغه لمرة واحدة وقرأ مشروع الموازنة قبل ان يحال الى مجلس النواب.

في غياب الاصلاحات، فإنّ الموازنة التي يمكن أن يلجأ نجيب ميقاتي الى إصدارها بمرسوم، هي موازنة «تشليحية» تتغطى بالمبادئ المتّبعة في الدول المتقدمة وتدّعي زوراً أنها تتماشى مع طلبات صندوق النقد. لكنه يتناسى أن حكومته ومجلس النواب مسؤولان عن المراوحة في الإفلاس والتحايل لتأخير خطة التعافي الموعودة وإبقاء الاتفاق مع «الصندوق» مشروعاً دائماً للجدل والنقاش وليس لاتخاذ قرار. لتلك الدول التي تحاول الموازنة المشؤومة الاقتداء بنظامها الضريبي العادل سيادةٌ على المعابر والمرافئ تمنع تهريب قشة لا تمرير كونتينيرات، وتضبط موجات النزوح وكل أنواع الممنوعات. وفيها قضاء مستقل وسلطة قانون، ولا يحكمها فاسدون ولا «يُقبع» محقق عدلي بجريمة دمّرت ثلث عاصمة… هناك يدفع المواطن متوقعاً خدمات وارتفاعاً في قيمة الاستثمارات وعيشاً كريماً. أمّا هنا فالقجة مفخوتة والسلطة تحت وطأة العصابة، وموازنتها فعلُ حِرابة. أتعلمون ما كان حدُّ الحِرابة؟

Back to top button