وفاء وتقدير للأمير القاضي العلامة الدكتور والسفير مصطفى محمود الرافعي

النشرة الدولية –

هو صاحب التميّز والأفكار النيّرة، بعدما تشرفت بالإطلاع والقراءة على ما قدمت في سبيل العلم والثقافة والقضاء، وأصبحت سابق لعصرك، كيف لا وانت كتبت وألفت اكثر من ثلاثين كتابا ومؤلفاً توزعت ما بين الفتوی والتشريع والاجتاد والعلوم الاجتماعية والدبلوماسية، حتما تعجز الحروف وأن تكتب وتصف ما اختلج بملء فؤادي من ثناء وإعجاب .. فما أجمل أن يكون الإنسان شمعة تُنير دروب الحائرين.

الى القاضي العلامة، الدكتور مصطفى محمود الرافعي، رحمه الله وغفر له، وأسكنه الفردوس الأعلى، لا نعرف من أيّ أبواب الثناء سندخل وبأيّ أبيات القصيد نعبّر وكنتَك كسحابة معطاءه سقت الأرض فاخضرّت .. كنتَ ولا زلت كالنخلة الشامخة تعطي بلا حدود .. فجزاك عنا أفضل ما جزى العاملين المخلصين

يا مَن كان له قدم السبق في ركب العلم والتعليم .. إليك يا من بذلت ولم تنتظر العطاء .. إليك أُهدي عبارات الشكر والتقدير.

في هذه العجالة نعيد التذكر، لعلها تنفع الذكرى للبعض الذين انحرفوا وغابوا في متاهات الحياة، ممن تناسوا فضل العلماء الذين لم يبخلوا علينا بتقديم الحكمة والأدب والتاريخ، وكيف سطر بمداد من ذهب عصارة افكاره ليقدمها للأجيال القادمة.

لعائلته واسرته الكبيرة اقول، عندما تظلم الدنيا وتغلق الأبواب عني، تذكروا ما قدم لكم والدكم من تاريخ يحق لكم كل الفخر والاعتزاز والشموخ عنان السماء

الرافعي في سطور

ولد العلامة القاضي، د. مصطفی محمود الرافعي، في مدينة طرابلس شمال لبنان في عشرينيات القرن الماضي وتلقی علومه في مدارسها حيث ما زالت البلاد العربية تعاني من سلبيات الحرب العالمية الاولی من ركود اقتصادي وتغيير في انتماءات معظم دول العالم غير ان العصامي مصطفی الرافعي عقد العزم علی مقاربة العلم وانه الوسيلة الوحيدة لمواجهة الظروف القاسية فجدّ واجتهد واكمل دراسته في مصر ونال الدكتوراة برتبة ممتاز من الأزهر الشريف ثم اتم ابحاثه وفيوضات تطلعه وقصد فرنسا ونال من جامعة السوربون شهادة الدكتوراة مختارا اطروحته حول الطلاق في المذهب الحنفي وعاد الی بلده حيث عُين قاضيا للشرع في العاصمة اللبنانية بيروت وتقلب في مناصب فقهية وشرعية ثم اختارته الحكومة اللبنانية كملحق ثقافي برتبة سفير في السفارة اللبنانية في القاهرة وممثل لها في جامعة الدول العربية .

عاد الی لبنان بعد انتهاء مدة عمله ودرّس في الجامعة اللبنانية في طرابلس ثم رئيسا لها وعمل علی ادارة مكتبه الكبير في المحاماة .

عكف العلامة الدكتور مصطفی الرافعي علی تأليف الكتب وكان له اكثر من ثلاثين كتابا في الفتوی والتشريع والاجتاد والعلوم الاجتماعية والدبلوماسية وذاع صيت كتابه اسلامنا في التقريب بين المذاهب الاسلامية شهرة واسعة واعاد طبعه مرات عدة وتُرجم الی الكثير من اللغات .

نسج العلامة الرافعي، علاقات مودة ومتينة مع معظم حكام العرب وزار موفدا من حكومته الكثير من  البلاد الامريكية والاسلامية والاوروبية وكان ان اُهديَ اليه الكثير من مفاتيح المدن التي زارها وحاضر فيها.

اُنتدب في الخمسينيات من القرن الماضي كأمير لبعثة الحج الرسمية الی الديار المقدسة وفي شيخوخته الفاضلة عَرض عليه بعض الساسة ان يشارك بالانتخابات النيابية تثمينا لمسيرته العلمية والاجتماعية غير انه آثر البعد عن محطات الساسية مكتفيا بدوره الارشادي والتثقيفي لطلاب العلم الذين قصدوا دوحته من اصقاع العالم للتزود من منارته عاش كريما ووافی ربه بارا آمنا مطمئنا.

اسندت إلى الدكتور الشيخ مصطفى محمود الرافعي ، بدءاً من سنة 1953 ، مهام التدريس في ” معهد المعلمين العالي ” بالجامعة اللبنانية ؛ كما سمي خلال سنوات 1954-1961 ، مستشاراً ثقافياً من الدرجة الأولى للبنان في القاهرة ، وعضوا في ” المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى”.

وكان له أن يتولى بين سنوات 1962-1972 كثيراً من الشؤون الثقافية على اختلافها في كل من مصر والسودان والحبشة فضلا عن تدريسه مقرر”التنظيم القضائي في لبنان ” لطلبة قسم الماجستير في معهد الدراسات القانونية التابع لجامعة الدول العربية . إلتحق القاضي الدكتور الشيخ مصطفى محمود الرافعي 1972- 1984 ، بملاکه الأساسي في القضاء الشرعي وكان كذلك أستاذ في كليتي الحقوق والآداب وعضوا في المجلس الثقافي للبنان الشمالي” ورئيسه لثلاث دورات متتالية 1975-1979 ، ثم انتخب رئيسا فخرياً له لمدى الحياة ، ومديراً للفروع المنشأة حديثاً للجامعة اللبنانية في محافظة لبنان الشمالي لمدة سنتين ؛ وقد صدر في هذه المرحلة مرسوم بترقيته ، عند بلوغه السن القانونية للتقاعد ، واعتباره ” قاضي شرف ” كما كان في هذه المرحلة من رواد المركز الثقافي الإسلامي والمشاركين في نشاطاته . انتسب المحامي الدكتور الشيخ مصطفى محمود الرافعي بين سنتي 2000-1990 ، إلى نقابة المحامين وزاول مهنة المحاماة إلى حين وافته المنية سنة 2000 . نال العلامة الدكتور الشيخ مصطفى محمود الرافعي عديداً من الأوسمة ، من دول ومنظمات دولية ، تقديراً لجهوده ومواقفه ؛ وأقيم لذكراه احتفال تأبيني في قاعة المحاضرات بنقابة المحامين في طرابلس.کما سمی المجلس البلدي في سنة 2004 أحد شوارع مدينة طرابلس باسمه . من مؤلفات الدكتور الشيخ مصطفى محمود الرافعي ، الطلاق في الاسلام ، الاسلام نظام انساني ، نحن واميركا ، من فوق المنبر ، التنظيم القضائي في لبنان من الناحيتين الشرعية والقانونية ، فنون صناعة الكتابة ، الاسلام ومشكلات العصر ، الإسلام إنطلاق لا جمود ، الاحوال الشخصية في الشريعة الاسلامية والقوانين اللبنانية ، اسلامنا في التوفيق بين السنة والشيعة، الاسلام دين المدينة القادمة . انتسب في مشوار عمره المعطاء إلى عديد من الهيئات والمؤسسات والجمعيات ، التي من أبرزها ” هيئة جماعة علماء المسلمين في طرابلس ” وكان رئيسا لها ، و ” هيئة التقريب بين المذاهب الإسلامية ” وكان عضواً بارزاً ومؤسساً في المجمع الثقافي العربي في بيروت.

 

Back to top button