مصير صفقة الأسرى.. وحرب اليوم الأول بعد انتهاء التهدئة
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

يطرح قيادي  سياسي فلسطيني مقيم في نابلس، سؤال المرحلة، سؤال طرح مع بدء اليوم الثاني لما يسمى الهدنة أو التهدئة أو الصفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية، حماس والقوى الأخرى.

السياسي الفلسطيني كتب عبر فيس بوك السؤال، بشكل واضح:

ما الفائده من الهدنة دون وجود أهم بند وموضوع، من اتفاقية الهدنة والتبادل؛ وهو حرية الحركة والتنقل للمواطنين المدنيين النازحين..بين جميع مناطق غزة…وخصوصًا من الجنوب إلى الشمال؟

وهو هنا يقول بشكل مباشر: إن عودة النازحين إلى بيوتهم ومنازلهم تفشل مخطط الترحيل.

* أزمة التهجير الأول

خلال الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة، اتضح أن دولة الاحتلال وحكومة الحرب الصهيونية المتطرفة، وضعت خطط تقطيع قطاع غزة إلى مناطق اتجاهات، الغاية السياسية والأمنية منها تفريغ القطاع من السكان، وبالتالي خلق أزمة تهجير ولجوء القصد منه استغلال الدعم الأمريكي الأوروبي، تحديدًا من الاتحاد الأوروبي، السكوت على الممارسات المتطرفة اليهودية، فكانت عمليات الجيش الإسرائيلي التوراتية تتحرك بقسوة وحشية تقترف المجزرة تلو الأخرى، وكانت النتيجة، أن تكونت نواة ما يعرف الآن خطة  “التهجير الأول” التي بدأت من “شمال غزة” إلى “جنوبها”، واعتبر أن ذلك من خطط الغزو البري، ومسار من مسارات ملاحقة المقاومة والحد من قوتها، فنتج عن هذا الجزء من عمليات حكومة الحرب الإسرائيلية، في المعركة مع المقاومة وحركة حماس، محطة خطيرة، الهدف منها ما  قد يكون  فيما بعد، الطريق السياسي- الأمني إلى إنشاء منطقة عازلة واسعة تحمي حدود  دولة الاحتلال، وتم ذلك بدعم عسكري وسياسي أمريكي وتأييد نستهجنه من الدول الأوروبية بالذات فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا، وصمت دولي من المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، برغم الانتباه المبكر لتبعات خطط التهجير، فكانت الجهود السياسية والدبلوماسية الأردنية والمصرية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لاحقًا مجلس التعاون الخليجي، ما جعل خطة  دولة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، تنكشف دوليًا وعربيًا وإسلاميًا، ما دعم الموقف المصري القوى، بالتزامن مع الموقف الأردني، أن لا تهجير لأي إنسان فلسطيني خارج قطاع غزة، وأن على المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الخروج بشتى الطرق لمنع التوجهات المتطرفة لحكومة السفاح نتنياهو.

* الصفقة وإفشال مخطط التهجير

واقع غزة الكارثي، نتيجة الحرب العدوانية، أفرز حالة من التنقل القسري الإجباري بين مختلف سكان القطاع، تحديدًا نحو الجنوب، في وقت الدخول البري، إلى شمال غزة، وبعد أكثر من  6 أسابيع من الحرب التي أثبتث أن المقاومة الفلسطينية تناور وقوية وتشغل الجيش الإسرائيلي الذي استخدم كل قواه العسكرية، مدعومة بالسلاح الاستراتيجي الغربي الذي أحدث المجازر وانتهك ودمر المستشفيات، والتهجير القسري، كل ذلك اتضح جليًا مع بدء الهدنة الصفقة التي جعلت العالم يرى ما الذي حدث لسكان غزة، والآن، ومع تبيان نيات دولة الاحتلال الصهيوني، برز مخطط التهجير، وهناك من يقول، في وسط اليوم الثاني من الصفقة:

– ماذا لو أتيح التنقل  بين جهات ومدن القطاع، جنوبًا وشمالًا، وإنه لو قدر لنحو نصف مليون من النازحين، الحراك نحو بيوتهم في الشمال، وبالتالي، دعم والحد من  مخطط التهجير، وكشف عن مخططات حكومة الحرب الإسرائيلية المتطرفة.

في ذلك تابع السياسي في نابلس القول، متسائلًا مرة أخرى:

لا أدري كيف تمت الموافقة من قِبل قيادة حماس على عدم شمول الاتفاق على أهم موضوع مصيري، يتعلق بالحركة من الجنوب إلى شمال غزة، ويعلل الوضع، بأن المرحلة الثانية، من الحرب على غزة، بعد انتهاء التهدئة ستكون تفريغ جنوب القطاع، نحو المجهول، وربما في انتظار تجهيز الخيام، وهو أمر سياسي أمني يشغل مصر والأردن، والمجتمع الدولي الذي يناصر الشعب الفلسطيني في هذه الأزمة، رغم أن جميع المؤشرات تؤكد ذلك، مع التصريحات الإسرائيلية والأمريكية والاوروبية، إذا ما تابعنا، بكل أسف تصريحات السياسي الهولندي المتطرف “غيرت فيلدرز” التي دعا فيها بكل وقاحة وجهل وقصدية، وصراحة سياسية خبيثة إلى طرد الفلسطينيين من أرضهم نحو الأردن، في أول موقف غربي معلن يدعم التوجهات الصهيونية الإسرائيلية في ظل الحرب على غزة.

* صورة هولندا وحقارة المتطرف فيلدرز

أردنيًا، بات واضحا الرد الأردني للحكومة الأردنية التي أعلنها نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية  أيمن الصفدي، هاتفيا لنظيرته الهولندية “هانكي برونز سلوت”،  إدانة الأردن ورفضه المواقف العنصرية التي أعلنها النائب المتطرف  فيلدرز، والتي أنكر فيها حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في حريته ودولته على ترابه الوطني، وتبنى فيها وهم إمكانية حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن.

 

الصفدي، واجه التطرف الهولندي بقوة عندما قال: إنه لا قيمة ولا أثر لهذه المواقف العبثية العنصرية المتطرفة للنائب الهولندي، وإن أثرها الوحيد هو تعرية عنصرية هذا النائب المتولدة من ثقافة كراهية مقيتة.

في ذات الوقت عززت ونقلت وزيرة الخارجية “سلوت” احترام بلادها لعلاقات الصداقة التاريخية بين البلدين والقائمة على الاحترام المتبادل، ودعمها لحل الدولتين سبيلًا لحل الصراع وتحقيق السلام الشامل.

ويدعو هذا السياسي الهولندي  المتطرف، الذي يعرف بشدة معاداته للإسلام ومناصرته الصهيونية والحركات التوراتية الإسرائيلية “أن الأردن هو الدولة الفلسطينية”، الأمر الذي أثار ردود أفعال رافضة في المجتمع الدولي، خاصة أن التصريحات تزامنت مع وقت حرج في مسار الحرب العدوانية على غزة وإشاعة خطط إسرائيل العنصرية، استمرار الحرب بعد إتمام صفقة الأسرى، ما قد يقود إلى أشهر صعبة من الحرب على غزة وربما التوسع الإقليمي للحرب في دول المنطقة.

* هل من أسرار الصفقة، مسار سياسي “مختلف”  أمريكيًا ودوليًا؟

في الأمسية الأولى بعد مرور اليوم الأول من صفقة أو هدنة الحرب، انشغل المجتمع الدولي، وعربيًا بما نقل عن الرئيس الأمريكي بايدن، الذي يرى – ربما سياسيًا وليس عسكريًا- فرصًا لتمديد الهدنة، وهو قال: حان الوقت لتجديد حل الدولتين، معتبرًا أن إفراج حركة “حماس” عن مجموعة أولى من الرهائن الذين احتجزتهم خلال هجومها على إسرائيل “ليس سوى بداية”، مؤكدًا وجود “فرص حقيقية” لتمديد هدنة الأيام الأربعة في غزة، وهذا الأمر لم يتضح بشكل عملي، إذ قال: إن الوقت حان للعمل على “تجديد” حلّ الدولتين لإرساء السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

وهناك بعض المراوغة، المعهودة في الدبلوماسية الأمريكية، فقد دعا بايدن رئيس حكومة الاحتلال  نتنياهو إلى “تقليل عدد الضحايا” في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة،  وأنه لا يعلم متى ستنتهي الحرب.

وفي تحليل أولى يلمح بايدن إلى أن الحرب لن تتوقف، على الأقل أمريكيًا، لأنه يشير إلى أن القرار الأمريكي مرتهن لحكومة الحرب الصهيونية، التي برغم هزيمتها أمام صفقة الأسرى، ما زالت تنحاز نحو العنف، والمخطط الأمريكي الأوروبي، لتغيير شكل المنطقة والإقليم.

مرور أيام الهدنة أو الصفقة، مسألة حتمية، لكن اليوم الأول، بعد التهدئة، ما زال يجسد الحرب، إذا ما افترضنا أن لعبة الحرب الصهيونية تريد إفشال مسار الهدنة بأي حجة، والأمر  عند المقاومة الفلسطينية، يخضع لنفس الظروف، ما يعني أن حكومة الحرب الإسرائيلية،  تتبادل الأدوار مع المجتمع الدولي، للبحث عن تحريك والتأييد العالمي لدولة الاحتلال من جديد، وهذا أمر خطير في ظل ابتعاد مجلس الأمن والأمم المتحدة التي ترى الواقع، في اليوم الثاني من الهدنة، أن الأمر، ربما يمر بسلام.

ومرحليًا، نترقب التهديد الصهيوني الراهن، الذي يتجه نحو إيجاد تعاطف من المجتمع الدولي، وحتى من الدول والمنظمات التي تراقب مرور أزمات الصفقة.. وغالبًا العودة إلى الحرب من جديد.

زر الذهاب إلى الأعلى