«صداع غزة».. والسيناريو القادم!
رجا طلب

النشرة الدولية –

الرأي –

من المتوقع أن العدوان الإسرائيلي على غزة سيستمر ولربما لبداية العام القادم أو أكثر قليلا وذلك وفقا لعدد من المعطيات أهمها على الإطلاق هو فشل «إسرائيل» إلى اللحظة في تحقيق أبرز أهداف العدوان ألا وهما: القضاء على حماس أو على قدراتها العسكرية وانهاء خطرها على منطقة غلاف غزة الذي ما زال سكانه من المستوطنين يرفضون العودة إليه (يضم قرابة خمسين مستوطنة يقطنها قرابة 70 الف مستوطن، ويعد سلة غذاء دولة الاحتلال)، أما الهدف الثاني وهو مزدوج ويتمثل بانهاء ملف الأسرى لدى حماس وبخاصة العسكريين منهم والحصول على لقطة أو صو?ة النصر الرمزية التي تمكن الاحتلال من خلالها القول لجمهوره المحبط والمأزوم (ها نحن قد حققنا النصر) وحسب صحيفة فاينشال تايمز فأن هذه اللقطة أو الصورة ستكون إما باعتقال أو اغتيال يحي السنوار أو محمد الضيف أو مروان عيسى والذين يحملهم الاحتلال مسؤولية هجوم 7 اكتوبر وإدارة الحرب.

ولذلك ستستمر «إسرائيل» بعدوانها ليس من أجل تحقيق الأهداف المشار إليها فحسب بل من أجل إنجاز الهدف الاستراتيجي الذي تتحاشى الإعلان عنه رسميا ألا وهو «اعداد المسرح الجيوسياسي» لعملية التهجير سواء لسيناء او غير سيناء وذلك من خلال حشر اكثر من مليون ونصف المليون غزي في رفح بالقرب من العريش في الظروف الخانقة والطاردة التي نراها كل يوم عبر الفضائيات من حصار ودمار وقتل.

ما يدفعني للاعتقاد بأن الاحتلال ماض في عدوانه هو التواطؤ الأميركي الكامل مع المخطط الاستراتيجي وأقصد التهجير الذي قد يأخذ شكلا قسريا مباشرا وفي أحيان اخرى قد يكون قسريا مغلفا بقرار طوعي شكلي عبر معابر محددة تحت عنوان معابر إنسانية، وهناك سنياريوهات عديدة بشأن هذا التهجير أعدها جيش الاحتلال واطلعت عليها الإدارة الأميركية وباركتها حسب «الفاينيشال تايمز».

خلال الأيام القادمة سيقوم الاحتلال بتنفيذ هذا السيناريو أي بعمل مجازر بشعة «وعمليا بدأها» لتترك الرعب في قلوب العوائل التي نزحت إلى الجنوب وذلك لإجبارها في مرحلة من المراحل النزوح أو اللجوء إلى سيناء علما أن عدد السكان الغزيين في جنوب القطاع بعد النزوح من الوسط وشمالي القطاع يقارب المليونين نسمه وهو رقم ضخم جدا في مساحة محدودة لا توجد فيها مقومات الحد الأدنى للحياة الطبيعية.

في زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نهاية الأسبوع الماضي لتل أبيب أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ السيناريو المشار إليه وخرج على الإعلام «يكذب» ويقول أنه طالب الاحتلال بمراعاة تواجد المدنيين أي عدم قصفهم، وإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية والوقود عبر معبر رفح، رغم علمه بقرار «الكبينت» المتعلق بانهاء الهدنة والبدء بالقصف المكثف في عموم قطاع غزة وبخاصة في الجنوب والذي أوقع منذ يوم الجمعة الماضية أي منذ عودة الاحتلال للعدوان حتى كتابة هذا المقال صباح الاحد أكثر من الفين شهيد من المدنيين.

فخطة الاحتلال لقطاع غزة وحسب كافة المعطيات ترتكز على عنصرين أساسيين وهما:

الأول: إقامة منطقة عازلة في شمالي القطاع بعمق كيلو مترين وبعمق كيلو متر على طول الساحل (هذه تقديرات لم يبت إلى الآن بشكل ومساحة وعمق هذه المنطقة إلى الآن).

الثاني: التواجد والبقاء في القطاع لمدة لا تقل عن ستة شهور إلى سنة وذلك لاستكمال الأعمال اللوجستية – الأمنية واستكمال الأعمال البوليسية لتعقب خلايا المقاومة من أجل أحكام السيطرة الكاملة على القطاع.

بكل تأكيد أن هذا السيناريو للاحتلال ليس قدرا بل من السهل جدا أن يتحطم على صخرة صمود المقاومة وإيقاع المزيد من الخسائر في صفوف جنوده واستثمار ورقة الاسرى المتبقين لدى المقاومة وبخاصة العسكريين منهم للضغط النوعي على الاحتلال، وهو أمر وارد جدا بعد اعترف الاحتلال نفسه بأنه لم يحقق إلى الآن الاهداف التي بدأ عدوانه من أجل تحقيقها وبخاصة القضاء على قدرات حماس واستعادة الأسرى وهي مهمة باتت صعبة في ظل نفاذ صبر أهالي الاسرى الاسرائيليين المتبقين لدى حماس والذين يتظاهرون بصورة شبه يومية وباتوا يطالبون بعودة ذويهم بال?ضافة إلى رحيل نتنياهو وتحميله مجمل الأزمة منذ 7 اكتوبر.

الاحتلال يريد الخلاص من «صداع» غزة مرة واحدة وإلى الأبد ولكن ما يقوم به من قتل ومجازر سيجعله يعيش مع أكثر من جيلين من ابناء غزة حروبا أعنف وأكثر ايلاما من معركة طوفان الأقصى في 7 اكتوبر، فعندما يتجاهل ذاكرة الأطفال عندما يكبرون بعد عقد أو عقدين وما عاشوه من عذابات ومعاناة يكون فاقدا تماما للذكاء ولرؤية المستقبل الذي ينتظره.

 

Rajatalab5@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى