جمعيات داخلية وخارجية .. وفي الوسط
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

أصدر وزير الشؤون قراراً بشأن ضوابط عمل فرق التفتيش على الجمعيات التعاونية لتحسين أدائها، وإحكام الرقابة عليها، لغرض المحافظة على حقوق المساهمين. وأعطى القرار فريق التفتيش حق الانتقال إلى الجمعية المعنية، وبحث ومراجعة أعمالها وحساباتها والتدقيق على وضعها المالي والإداري.

 

كما أجاز لها المطالبة بالبيانات اللازمة للقيام بمهمة التفتيش، وحتى أخذ إفادة أعضاء مجلس الإدارة وموظفي الجمعية، ورفع تقرير للوزير.

 

تأخّر صدور هذا القرار لأكثر من نصف قرن، ولكن أن يأتي أخيراً خير من ألا يأتي أبداً، وهو دليل على صحة كل سابق اتهاماتنا بحق العديد من الجمعيات، وأنها أصبحت موضع شك دائم، بعد أن أدرك الجميع أن نظام الجمعيات التعاونية خرب وفاسد، ولا رجاء في إصلاحه، بالرغم من جهود الكثير من المخلصين. كما كانت عضويتها جسراً لوصول البعض إلى مجلس الأمة كمشرّعين، بالرغم من كل ما عليهم من شبهات. ولو عاد إلى الحياة بعض من كانوا وراء فكرة تأسيس «الجمعيات التعاونية» لبكوا من سوء أوضاعها الحالية، بعد أن كانت يوماً فكرة رائدة ونبيلة، ولكن كما خربت أمور كثيرة في الدولة، فإن الجمعيات تبعتها في الخراب والحرمنة، مع غياب القوانين، وضعف الرغبة «الحكومية» في معاقبة من أساء الأمانة فيها!

 

يرى البعض أن مشكلة الجمعيات تكمن في أمرين:

 

1 ــ أن أعضاء مجالسها لا يعرف أغلبيتهم، أو كلهم، شيئاً عن كيفية إدارة سوق مركزي، دع عنك إدارة الجمعية ككل، ورفضهم فكرة تلزيم السوق لجهة محترفة، وسبب الرفض معروف، وعجز الوزارة عن فرضه معلوم.

 

2 ــ كما إن أعضاء مجالس إدارات الجمعيات، بعكس أعضاء مجالس إدارات المصارف والشركات المساهمة، لا يشترط تملكهم لعدد مؤثر من أسهم الجمعية، لذا بإمكان من يمتلك أسهماً فيها بمئة دينار أن يصبح رئيساً لها.

 

* * *

 

يشتكي الكثيرون من غلاء أسعار الجمعيات مقارنة بأسعار الأسواق المركزية، بالرغم من حقيقة أن الجمعية لا تهدف أصلاً لتحقيق ربح، بل تقديم خدمة جيدة لأهالي المنطقة. كما إن كامل أراضي الجمعية ومبانيها مقدمة مجاناً من الدولة، فكيف تكون أسعارها أعلى من غيرها، التي تتحمل مصاريف عالية كثيرة لا تتحملها الجمعية.

 

يعود سبب غلاء أسعار كثيرة في الجمعية عن غيرها للتالي:

 

1 ــ إصرار كل الجمعيات التعاونية، تقريباً، على قيام المورد، الذي يسميه البعض بالتاجر الجشع، وهو حتماً ليس كذلك، بأن يقدم بضاعة مجانية قدرها 500 دينار، مثلاً، إذا أراد إدخال بضاعة أو صنف جديد للسوق، وهذا إجحاف بحق المستهلك، صاحب الجمعية الحقيقي، وليس التاجر، الذي سيحاول تعويض «شرط الإذعان» بزيادة أسعاره عما يبيعه لمحال التجزئة الأخرى، التي لا تطالب بمثل هذا الخصم المجحف.

 

2 ــ تأخير سداد مستحقات التاجر لأشهر عدة، فيضطر التاجر، الذي يقوم بتوريد البضاعة للجمعية، وهو على علم بأن ثمنها سيتأخر دفعه كثيرا، إلى تحميل سعر السلعة بتكاليف تأخير الدفع.

 

3 ــ كما تقوم بعض الجمعيات بتأخير سداد مطالبات التاجر، وتطلب منه مراجعة المصارف التي تتعامل معها تلك الجمعيات، لتقوم بسداد فواتيره مقابل نسبة خصم عالية، وهذه أيضاً يتحملها في نهاية الأمر المستهلك، وليس التاجر. وهناك أسباب كثيرة أخرى.

 

الخلاصة أن نظام الجمعيات التعاونية الحالي نظام ليس فاسداً فقط، بل خالق للفساد، والدليل أن حتى مجلس إدارة جمعية تعاونية واحدة، ومنذ سبعين عاماً، لم ينجُ من تهمة الإقالة بسبب الانحراف، وكانت آخرها إحالة كامل مجلس إدارة جمعية تعاونية في الجهراء للنيابة بسبب سرقات، وهذا يعني أن الحاجة أصبحت ماسة لإيجاد نظام بديل.

زر الذهاب إلى الأعلى