لا حاجة لرئيس ماروني والحكومة جاهزة للتعيينات، ميقاتي: الأمر لي!
فادي غانم

النشرة الدولية –

نجح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في الحصول على موافقة أغلبية الأطراف السياسية، لسد الفراغ الرئاسي، وممارسة الحكومة لكامل صلاحياتها، ويبدو أنه نال بركة غبطة البطريرك الماروني، لإجراء التعيينات العسكرية، كمكافأة له على ما حصل في موضوع التمديد لقائد الجيش.

أصدر ميقاتي قانون التمديد الذي أقره المجلس النيابي لقادة الأجهزة الأمنية، وكان يرغب بتوقيعه منفرداً مكان رئيس الجمهورية، كما فعل في مراسيم سابقة، لكن ولاعتبارات دستورية، ولتحصين القانون أمام الطعن المحتمل تقديمه من قبل التيار الوطني الحر، قبِل بتوقيع 18 عشر وزيراً معه على القانون.

ما أجمل أن تكون رئيساً للحكومة ورئيساً للجمهورية في نفس الوقت!!!

بعد فراغ لأكثر من سنة في سدة الرئاسة، ومنصب رئيس الأركان، والمجلس العسكري، وبعد تمرير قانون التمديد، تحمّست بعض الأطراف السياسية، لاستكمال التعيينات العسكرية، فهي فجأة أصبحت مسألة ملحّة وضرورية، رغم تجاوز قطوع الفراغ في قيادة الجيش.

لماذا هذه الاستفاقة على التعيينات العسكرية الآن، رغم رفض معظم الأطراف لهذا الأمر منذ سنة، بحجة أنه لا يحق لحكومة تصريف الأعمال إجراء تعيينات، خاصة في المراكز الحساسة.

رفض الجميع في ظل الفراغ الرئاسي تعيين حاكم للمصرف المركزي، ورفضوا تعيين مدير عام للأمن العام، ورفضوا تعين قائد جديد للجيش، ورفضوا تعيين رئيس للأركان، وقائد للدرك.
فجأة أصبح التعيين ممكناً، ولم يعد مخالفاً للدستور، كما بات التشريع ممكناً وليس مخالفاً للدستور في رأي القوات اللبنانية كما اعلنت مراراً وتكراراً قبل أن تقرر تسجيل انتصار على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وفرح الرئيس ميقاتي بخبر التعيينات، وبات يعتبره عنواناً لانتصار حكومته، وإخراجاً لها من دائرة تصريف الأعمال، والعودة إلى ممارسة صلاحياتها كاملة كحكومة فعلية.
رغم أنها تحولت إلى حكومة تصريف أعمال منذ الانتخابات النيابية في ايار 2022، ولم تحظ بثقة المجلس النيابي الجديد، وهي لم تطلبها أصلاً.

هل من حاجة لانتخاب رئيس للجمهورية ؟؟؟

يبدو أن انتخاب الرئيس بات أمراً ثانوياً لدى غالبية الأطراف السياسية في لبنان، وربما البعض اصبح مرتاحاً في غياب الرئيس الماروني، خاصة إذا كان سيطالب بصلاحياته ودوره في حكم البلاد، أو سيقوم برد قرارات الحكومة والحد من تفرّد رئيسها بالحكم، أو سيعترض على بعض القوانين ويردها للمجلس النيابي.
فما الحاجة إلى رئيس، إذا كانت هذه الأطراف قادرة على ممارسة السلطة كاملة، وإجراء التعيينات، وتقاسم الحصص دون مشاركته؟؟؟.

ينص الدستور صراحة على أن يلتئم المجلس النيابي فوراً وبحكم القانون، لانتخاب رئيس للجمهورية، فور حصول فراغ في سدة الرئاسة.
وبالرغم من صراحة النص ما زال المجلس النيابي يتقاعس عن تنفيذ واجبه الدستوري، بحجة عدم التوافق، متجاهلاً أن الانتخاب هو عملية ديمقراطية، لا تشترط التوافق بين جميع الاطراف.

وبغض النظر عن نية حكومة تصريف الأعمال، والرئيس ميقاتي، إجراء التعيينات العسكرية من دون اقتراح وزير الدفاع، الذي ينص عليه قانون الدفاع الوطني، وبغض النظر عن المبررات التي يطرحها البعض لإجراء هذا التعيين، فلقد بات واضحاً أنه يتم إرساء واقع جديد وقواعد جديدة لممارسة الحكم في لبنان.

ميقاتي الأمر لي!

ويبدو أن تغييب رئيس الجمهورية بفعل فاعل، والسطو على صلاحياته، أصبح أمراً مغرياً لدى البعض، وفتح شهية الرئيس ميقاتي على لعب دور رئيس لبنان، وتمثيله في المحافل الدولية، واتخاذ القرارات وإصدار المراسيم دون مشاركة أحد.

في أيار عام 1932 احتدمت المنافسة على كرسي خلافة شارل دباس، بين بشارة الخوري، وأميل إده، ورجحت كفة الخوري، فتوجه إميل إده ومعه النائبان يوسف الخازن وروكز أبو ناضر، الى منزل الشيخ محمد الجسر في طرابلس، وعرضوا عليه الترشح لرئاسة الجمهورية، وطمأنوه الى تأييد معظم النواب المسيحيين له، وكاد أن يصبح رئيساً لولا تدخل البطريرك عريضة، لدى المفوض السامي الفرنسي «هنري بونصو»، الذي اتخذ قراراً بتعليق الدستور، وحل المجلس النيابي.

من جديد تطيح الخلافات بين اللبنانيين بكرسي الرئاسة.

فهل تخلى الموارنة عن الرئاسة طواعيةً هذه المرة؟
وهل بات دورهم إلى أفول في لبنان؟

وماذا يعني أن تصبح بعض التعيينات أولوية تتقدم على انتخاب رئيس للجمهورية؟؟؟.

يبدو أن البعض يرى، أن وجود رئيس للجمهورية أصبح أمراً ثانوياً، والأهم الفوز بتعيين موظف هنا أو هناك، وستستعيد الحكومة كامل صلاحياتها كحكومة فعلية من بوابة التعيينات.

زر الذهاب إلى الأعلى