إن لم تكن «صهيونياً» فأنت…؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

أنا واحد من الناس الذين صفّقوا للرئيس جو بايدن، بعد تصريحاته المتكررة وافتخاره بأنه مؤمن بالصهيونية ومنتسب إليها؟

 

تعلمون لماذا؟ لأنه كان أجرأ من غيره بالتعبير عن انتمائه السياسي وأنه أحد رجالات الحركة الصهيونية، فهناك أجواء مشحونة في الغرب عموماً باحتمال نشوب حملة شبيهة «بالمكارثية» التي عرفتها أميركا في الخمسينيات وسط مناداة عدد من رجالات السياسة والإعلام والمال بتبني الفكرة الصهيونية وربطها بمعاداة السامية!

 

يكفي أن يظهر أحدهم على الشاشة أو يكتب رأيا في صحيفة كي يصبح ملاحقاً بتهمة معاداة الصهيونية، تماماً كما فعل جوزيف مكارثي بتوجيه الاتهامات دون دليل لآلاف المواطنين الأميركيين بالعمل لمصلحة الشيوعية!

 

تخيلوا معي أن تسود حالة «معاداة الصهيونية» الآن، كما سادت المكارثية في المجتمع الأميركي قبل 70 سنة تقريباً، يومها أدخلت هذه الحركة 200 شخص إلى السجون وطردت نحو 10 آلاف من وظائفهم والتنكيل بهم بتهم ملفقة، وانتهى بمكارثي المطاف إلى الموت بسبب إدمانه المخدرات.

 

قبل أسبوع حملت الأخبار المتواترة أن دار نشر «fayard» الفرنسية سحبت من الأسواق كتاب المؤرخ الإسرائيلي «إيلان بايبيه» وهو بعنوان «التطهير العرقي في فلسطين» الذي يكشف فيه أن إسرائيل قامت بتطهير عرقي ممنهج تعرض له الشعب الفلسطيني.

 

فماذا يعني ذلك؟ يعني قد لا يكون بعيداً اليوم الذي سيأتي على يد الرئيس «الديموقراطي» جو بايدن إذا ما تيسر له ونجح في انتخابات الرئاسة القادمة في نوفمبر 2024، أن تنتشر ظاهرة إسكات أي صوت معارض للحركة الصهيونية، بحجة أنها مساوية لمعاداة السامية؟

 

مواقف الرئيس «الديموقراطي» بشأن التفاخر بكونه صهيونياً تحمل وجهاً آخر والمعنى فيه الناخب اليهودي في أميركا بالدرجة الأولى، هناك مليون ناخب أميركي من اليهود من أصل أكثر من 6 ملايين يعيشون في أميركا يشكلون 2% من إجمالي السكان، لديهم أكبر قوة مالية واقتصادية تعادل أهمية الأصوات، وتاريخياً كان اليهود يصوتون لأي مرشح في الحزب الديموقراطي.

 

وسواء نجح مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري بالبدء في إجراءات عزل الرئيس بايدن «بتهمة الكذب» فالثابت أن الرهان يبقي على من يفوز بأصوات اليهود وهي الكفة الراجحة وليس بعدد أصوات العرب والمسلمين وهي أرقام متواضعة جداً قياساً باليهود.

 

بايدن تحول إلى «بطل» صهيوني حقيقي لدى الإسرائيليين، تفوق على ديفيد بن غوريون أحد المؤسسين الكبار لدولة إسرائيل ومن أشد المؤمنين «بالمشروع الصهيوني»، وحتى على تيودور هرتزل صاحب أول مؤتمر للحركة الصهيونية.

 

ليس مهماً أن تفقد أميركا مركزها الأخلاقي كما حذر الرئيس الديموقرطي بايدن ودعم إدارته اللامحدود لإسرائيل، المهم ألا تتلطخ سمعته كأحد رجالات الحركة الصهيونية والمؤمنين بها! صحيح أن إدارة «الرئيس الديموقراطي» توفر الأسلحة والقنابل التي تستخدمها إسرائيل لقتل الأطفال والمدنيين في غزة وصحيح أنها تستخدم «الفيتو» في مجلس الأمن الذي يسمح لجيش الاحتلال بمواصلة الهجمة البربرية على السكان المدنيين، لكن الأصح أن يعلو صوت الدفاع عن الصهيونية بعدما صادق المشرعون في مجلس النواب على قرار ينص أن معاداة الصهيونية يعادل معاداة السامية، فليس ضرورياً أن تكون يهودياً حتى تصبح صهيونياً كما قالها «الرئيس الديموقراطي» في خطاب له خلال جمع تبرعات لحملته الانتخابية.

 

ألم تتبنَّ الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 قراراً أممياً يعد الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، وهي التي سارعت، أي واشنطن، إلى إلغائه عام 1991؟

 

إذا كانت الصهيونية قامت على مبدأ لا إنساني وتم توصيفها بأنها حركة سياسية عنصرية، فأي توصيف يمكن أن نطلقه على «الرئيس الديموقراطي»؟

زر الذهاب إلى الأعلى