المرشح الأوفر حظاً للرئاسة في لبنان
بقلم: اكرم كمال سريوي

 

ينتظر اللبنانيون اسم الرئيس المقبل بفارغ الصبر، فالبلد في حالة شلل تام.

وبين حكومة تصريف الأعمال، المكبلة باعتراضات بعض الفرقاء على اجتماعاتها، والانتقادات الدستورية والطائفية لمواقف رئيسها، واتهامه بالسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية، هناك الشلل في المجلس النيابي، والقطاع العام برمته.

ومن الجدير ذكره أن الحكومة، الحالية لم تمثل أما المجلس النيابي، ولم تنل ثقته، مما يعني أنها حكومة فوق المحاسبة البرلمانية.

وغياب هذه الثقة، يطرح سؤالاً، حول شرعية كافة الأعمال التي تقوم بها هذه الحكومة، ولو كانت من باب تصريف الأعمال.

لا أحد يُعلن أن الابواب مقفلة، ودائماً يتم إرسال اشارات أمل بفرج قريب.

فمرة يتحدثون عن لقاءات ومبادرات حوارية، ومرة يهددون بأن الخماسية نفذ صبرها، وستضرب بسيف العقوبات على المعطلين.

في حقيقة الأمر من الواضح أن هناك استحالة بحل الأمور داخلياً، خاصةً في ظل رفض قاطع لكل الأطراف بالتراجع عن مواقفها. وحتى أن الحوار مرفوض من قبل البعض، معتبرين أنه لا يجدي نفعاً.

طرح البعض على الثنائي الشيعي فكرة التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية، وتسهيل الذهاب إلى مرشح توافقي للخروج من النفق.

ويقول مصدر موثوق، أنه عندما سأل  الرئيس نبيه بري عن امكانية وجود مرشح آخر غير فرنجية أجابه : نعم يوجد مرشح آخر، هو سليمان.

أما على جبهة الخماسية، والاجتماع المرتقب في مطلع شباط القادم، وضجيج بعض اللبنانيين بسيف العقوبات، فالقديم على قِدمه.

تلك العقوبات التي يتمناها البعض هي مجرد قنابل دخانية. فالعقوبات على حزب الله موجودة منذ زمن، أما على بعض شخصيات الممانعة، فقد تمت تجربتها ولم توصل إلى نتيجة.

أما إذا كان البعض يريد الإيحاء بعقوبات على رئيس المجلس النيابي، فهذا سيقضي على أي أمل بحل أزمة لبنان، وسيقطع الطريق نهائياً على مبعوثي الخماسية، وينسف أي إمكانية للحل.

لا خماسية، ولا ثلاثية، فوحده الاتفاق الأمريكي الإيراني يُنتج رئيساً للبنان.

مَن يتحدث عن الدور السوري، هو يعيش في الماضي، فسوريا غارقة في مشاكلها، ويبدو أنها استقالت من دور حامل راية العروبة.

وعودتها إلى الجامعة العربية ما زالت خجولة، حتى أنها لم تُصدر أي موقف، طيلة الحرب على غزة وشعب فلسطين.

أما السعودية، فمن الواضح أن قيادتها  لم تعد مهتمة بلبنان، سوى بشكل هامشي، ومن باب ضرورات الحفاظ على ما تبقى من دور للطائفة السنية، وقد أوكلت المهمة إلى موظّفي الصف الثاني، وهذا ما يحاول أن يقوم به السفير البخاري اليوم.

وعن الدور القطري، فلا يختلف إثنان على أنه يشبه دور “شيخ الصلح”، الذي يزور الخصمين ويده في جيبه، يرن  ببعض النقود المعدنية، لكنها وفق التعبير اللبناني، “فراطة” لا تُسمن ولا تُغني.

أما المبعوث الفرنسي السيد لو دريان، فربما ينطبق اسمه الفرنسي على معناه العربي “باللبناني”، ويصح به المثل: “مثل يلي مضيع جحشة خالتو، إن لاقاها بيغنّي وإن ما لاقاها بيغنّي”.

والدور المصري، بات أشبه بدور الجامعة العربية. ومصر منشغلة الآن بهمومها الاقتصادية، والحرب التي تُشنّ عليها،للقبول بترحيل الفلسطينيين إلى سيناء.

وفي المقلب الأمريكي، يُخطئ من يعتقد أن أمريكا تُعامل لبنان على قاعدة النّدية. فهي لا ترى بدول عظمى نداً لها ،فكيف ببلد أصغر من حجم مدينة، يتسول مسؤولوه دائماً، بعض فتات المساعدات، على قارعة المؤتمرات الدولية. فلا هم يشبعون، ولا الأغنياء بقي لديهم صبرٌ، على محاولات الإزعاج المستمر.

لا تنشغل الإدارة الأميركية بلبنان، سوى من باب حدوده مع إسرائيل، وهي أوكلت المهمة إلى موظف من الدرجة الثالثة في إدارة بايدن.

ونجح هوكشتاين بترسيم الحدود البحرية، وسينجح في ترتيبات أمنية على الحدود البرية، عندما يحين الوقت لذلك.

أما مواضيع لبنان الداخلية، فيكفي للولايات المتحدة الاميركية، الاهتمام بها على مستوى سفيرة، ولا يغرّنكم ما يصيح به بعض المتطفلين اللبنانيين الذين يعيشون في أمريكا، ويستجدون صورة أو لقاء مع مسؤول أمريكي.

وبالنسبة لأمريكا، فإذا تطلب الأمر في لبنان تدخل المستوى الأرفع من السفير،  فترى أنه من الأجدى الحديث مباشرة مع إيران، القادرة على الحل والربط، في لبنان، وتحديداً مع حزب الله.

إيران بدورها تعلم، أن لا مصلحة لها بتقديم هدايا مجانية لأمريكا واتباعها، في دول المنطقة، وهي لا تريد معركة مع أمريكا، كما أعلنت مراراً وتكراراً، لكنها تريد  مقابلاً لأي تنازل، يضمن لها دورها الطليعي في المنطقة.

رغم كل المحاولات الجادة، فشل الاتفاق النووي في اللحظة الأخيرة.

لأن إيران طلبت ضمانات بعدم نقضه، فيما لو عاد ترامب رئيساً لأمريكا، وهذا ما عجزت ادارة بايدن عن تلبيته. فلا يمكن تكبيل الرئيس الأمريكي المقبل، بأي اتفاقات غير قابلة للنقض خصوصاً مع إيران.

ثم جاءت أزمة أوكرانيا، وطغت على كل شيء، فتأجلت المسائل الثانوية، لينصب اهتمام ادارة بايدن، على الصراع مع روسيا والصين.

نجحت الولايات المتحدة الأميركية، بإغراق روسيا ومعها أوروبا في الوحل الأوكراني، وها هي قاب قوسين أو أدنى، من إغراق الصين في مستنقع تايوان.

أما لبنان المنسي، سوى من بوابة أمن الحدود الشمالية لإسرائيل، فالإدارة الامريكية غير مستعجلة لحلحلة أزماته الداخلية، ولا تهتم بالعقد النفسية لبعض زعمائه، المصابين بمرض الطائفية وجنون العظمى.

وهكذا يبقى أمام لبنان واللبنانيين ثلاثة خيارات، في الملف الرئاسي؛ سليمان فرنجيه، أو سليمان فرنجية، أو الفراغ.

فالحديث عن دفع خارجي لانتخاب قائد الجيش، هو فضلاً عن المعوقات الداخلية، من دستورية ومعارضات سياسية، لن يحدث سوى بتسوية كبرى، ما زالت بعيدة المنال.

ويبقى المرشح الأوفر حظاً للرئاسة الآن، هو السيد الفراغ.

وعلينا كلبنانيين، أن نصلّي، بأن لا تُعجبه الإقامة مطولاً في قصر بعبدا، فيجثم، على صدورنا لست سنوات قادمة.

فيما يُشبعنا البعض بالخطب والعنتريات الشعبوية، ويبيعون الناس أوهاماً، وهم عاجزون عن تعيين موظف صغير، فما بالك باختيار رئيس للجمهورية العظمى.

أيها اللبنانيون انتظروا، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا

زر الذهاب إلى الأعلى