هل يشتري بايدن الوقت؟
بقلم: رومان حداد
النشرة الدولية –
الرأي الأردنية –
«هناك عدد من أنماط حل الدولتين، فبعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليس لديها جيوش»، هذا التصريح الذي أدلى به الرئيس الأميركي جو بايدن تصريح مقلق ويجب الوقوف عنده، فالرئيس بايدن يرغب منذ اللحظة الأولى تطمين رئيس وزراء إسرائيل والنافذين في صناعة القرار الإسرائيلي بأن أي دولة فلسطينية سيتم الموافقة عليها أميركياً ستكون منزوعة السلاح، وهي دولة بلا أنياب.
وبطبيعة الحال فإن هذه الدولة الفلسطينية ستكون أيضاً بلا عملة محلية، وستختار التعامل بالشيكل أو الدولار، وبالتالي لا يمكن لها أن ترسم سياستها النقدية، ولا تستطيع ضبط اقتصادها عبر أدوات وآليات مالية.
ما يفكر فيه الأميركيون، أو الإدارة الأميركية الحالية على أقل تقدير، هي ترفيع مسمى السلطة الوطنية الفلسطينية من سلطة حكم ذاتي إلى دولة، ولكن دون إجراء أي تغيير حقيقي وملموس على أرض الواقع.
كان من المفترض أن تقوم الإدارة الأميركية بالإجابة على مجموعة كبيرة من التساؤلات المتعلقة بالدولة الفلسطينية، والتي ستحدد فيما إذا كانت الولايات المتحدة ستدعم وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة أم أنها ستعمل على ذر الرماد بالعيون.
ومن أبرز الأمور التي تحتاج إلى إجابات حاسمة هو الشكل الجغرافي للدولة الفلسطينية، وكيفية ربط جغرافيا الضفة الغربية ببعضها البعض، في ظل وجود مستوطنات وحواجز، وهل ستضغط الولايات المتحدة على حليفتها إسرائيل لتفكيك المستوطنات، أم أنه ستبقي مدن الضفة الغربية كجزر معزولة عن بعضها.
والأمر الآخر هو كيفية ربط الضفة الغربية بقطاع غزة، عبر طريق بري يكون تحت السيادة الفلسطينية، ولا يتم التحكم أمنياً به من قبل إسرائيل.
بالإضافة إلى ضرورة معرفة موقف الولايات المتحدة من منطقة الأغوار غربي النهر، هل ستكون منطقة حدودية فلسطينية وتخضع للدولة الفلسطينية، أم أن الولايات المتحدة تدعم الموقف الإسرائيلي بإبقاء هذه المناطق ضمن السيطرة والسيادة الإسرائيلية، تحت عنوان الحفاظ على أمن إسرائيل؟
والأكثر أهمية من كل ما سبق، ما موقف الولايات المتحدة من مدينة القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، وموقفها من إقرار العمل بحق العودة للفلسطينيين الذي شُردوا من وطنهم على أيدي العصابات الصهيوينة الإرهابية.
جميع اللاعبين في المنطقة يدركون أن كلام الرئيس الأميركي جو بايدن عن حل الدولتين هو محاولة مكررة لشراء الوقت، فالرئيس خلال سنة الانتخابات الرئاسية يصبح كالبطة العرجاء، وفق المصطلح الأميركي، وهو غير قادر على إحداث أي اختراق يُذكر في الملف الفلسطيني، كونه لا يرغب بخوض مغامرة طويلة وغير محسوبة النتائج، لأن ذلك قد يُضعف فرصه بالفوز بالسباق الرئاسي، خصوصاً وأنه يواجه منافسة محتملة صعبة مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
على الأطراف العربية الفاعلة في الملف الفلسطيني، والمقتنعة أن حل الدولتين هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، أن تجتمع وتضع تصوراً عملياً ومقبولاً سياسياً لشكل حل الدولتين القابل للتطبيق، فكل تأجيل لحل الدولتين مسمار في نعش هذا الحل، لأن مرور الزمن قد يُظهر أهمية الحل، ولكنه في ذات الوقت يعدم أية فرصة للتوصل إليه بسبب تراكم الحقائق على الأرض التي تجعل تطبيقه مستحيلاً.
لا يمكن لنا في المنطقة أن نطالب بحل الدولتين وننتظر من الآخرين أن يقدموا تصورهم عن شكل وديناميكيات الحل، بحيث يصبح تصورهم هو محل النقاش، علينا أن نعمل بسرعة ونقدم أشكالاً وسيناريوهات مختلفة لحل الدولتين المقبول فلسطينياً، كي نكون نحن من يفرض تصوره وشروطه، وكي نقول إن أي رفض إسرائيلي لأشكال وسيناريوهات الحل يؤكد أن إسرائيل هي الطرف غير الراغب بالحل.
ما يُعرض اليوم هو دولة فلسطينية بلا سيادة، دولة معاقة عسكرياً واقتصادياً، وبالتالي سياسياً، والهدف من ذلك أن تتحول الدولة الفلسطينية إلى مشكلة فلسطينية فلسطينية، وفلسطينية عربية، وإخراج إسرائيل من أزمتها، عبر وضع قنبلة موقوتة في حضن العرب والفلسطينيين اسمها دولة فلسطينية منزوعة الدسم.