المستقبل هدد القضاة ويتوعد الحلبي
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

فجر ملف رئيسة دائرة الامتحانات وأمين سر لجنة المعادلات أمل شعبان، كل المشاعر المكبوتة لدى بعض قادة تيار المستقبل، فالقى بها على وزير التربية عباس الحلبي ومرجعيته السياسية.

بعد حادثة استدعاء سعد الحريري والتحقيق معه في الرياض، وإجباره على إعلان استقالته في 4 تشرين الثاني 2017، ثم الافراج عنه في 17 الشهر، حيث توجه إلى باريس، ثم القاهرة وقبرص، ليصل بيروت ليل 21-22، أصبحت زعامته ضعيفة مقطوعة الجناحين.

فمن جهة رُفع عنه الغطاء السعودي، الذي كان أساسًا في وصول آل الحريري إلى الحكم في لبنان. ثم داخلياً توترت علاقته مع بعض الحلفاء، إذ شعر بأن الوشاية عليه، جاءت من أصدقائه المقربين سمير جعجع وفارس سعيد.

ورغم فشل الخطة السعودية باستبداله بشقيقه بهاء، لكن غالبية الزعماء اللبنانيين راحوا يعاملونه بطريقة مختلفة، ويتنمرون عليه. خاصة رئيس التيار الوطني الحر، الذي جال في اوروبا والعالم، سعياً لتحرير الحريري من الأسر. بات يعتبر نفسه بعدها ذا فضل في اعادة الحريري إلى منصبه، وهذا يعطيه الحق في إصدار الأوامر إليه.

ما قام به جبران باسيل مع الحريري، يشبه ما قام به بوريس يلتسن سابقاً في روسيا.

ففي 19 آب 1991 حصل انقلاب في الاتحاد السوفياتي، قاده قائد المخابرات فلاديمير كريوتشكوف،  ووزير الدفاع ديميتري يازوف،  ووزير الداخلية بوريس بوغو، ونائب الرئيس غينادي يانايف.

أعلنت لجنة الانقلابيين عزل الرئيس غورباتشوف، لعجزه عن قيادة البلاد بسبب المرض.

تصدى باريس يلتسين رئيس جمهورية روسيا للانقلاب، رغم أنه كان معارضاً لغوربتشوف، ومدعوماً من المخابرات الغربية والأمريكية، التي ساعدته في الوصول إلى الحكم. ونجح يلتسن في إفشال الانقلاب، بعد ثلاثة أيام قضاها مع انصاره في مجلس الدوما، ورفض مجموعة “الفا” اقتحام مجلس الدوما.

خرج يومها يلتسن منتصراً، وأعاد غورباتشوف إلى الكرملين، بعد أن كان محاصراً في مركز إقامته في القرم.

عاد غورباتشوف مهزوماً ضعيفاً، وتمرد عليه يلتسين، وراح يذكره كل يوم بأنه هو من أعاده إلى الحكم. ثم في 26 ديسمبر 1991 ، أعلن يلتسين بالاتفاق مع رئيسي بيلاروسيا وأوكرانيا، نهاية الاتحاد السوفياتي.

أعلن الحريري استقالة حكومته في 29 اوكتوبر 2019 ، ثم اعتذر في 15 تموز 2021 عن تشكيل الحكومة، بعد أشهر من الخلاف مع رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل.

ثم أعلن اعتزاله السياسة في يناير 2022.

كان وقع الصدمة قاسياً على قيادات تيار المستقبل، الذين اعتادوا لسنوات طويلة، أنهم الآمر الناهي في كل قضايا البلد.

ولقد تغطّى عدد كبير من؛ الموظفين، والمسؤولين، ومتعهدي الدولة، وسماسرتها، بعباءة المستقبل.

ويبدو أن ذهنية الدوس على القانون، وعدم المحاسبة، ما زالت راسخة في عقول هؤلاء.

تم توقيف أمل شعبان المحسوبة على تيار المستقبل، بتهمة قبض رشاوى في وزارة التربية، كبدل عن تسهيل معادلات شهادات عراقيين.  ثم أُخلي سبيلها بكفالة مالية، قدرها مئة مليون ليرة.

كلّف وزير التربية الدكتور عباس الحلبي، الدكتورة سهى طربية، المعروفة بكفاءتها ونظافة كفها، القيام بمهام أمين سر لجنة المعادلات، مكان أمل شعبان المحالة أمام القضاء.

وجاء إجراء الحلبي وفقاً للقوانين اللبنانية، التي تفرض وقف أي موظف محال أمام التحقيق، عن القيام بوظيفته، حتى صدور الحكم بحقه. بحيث يعاد اعتباره في حال حُكم ببراءته، أو تتم تنحيته واتخاذ الاجراءات اللازمة بحقه في حال إدانته.

حكم تيار المستقبل ببراءة أمل شعبان، قبل أن يصدر الحكم من القضاء، وهدد بعض القضاة، وشن هجوماً كبيراً على الوزير الحلبي، محاولاً الضغط عليه، عبر تحويل القضية من موضوع قانوني قضائي، إلى موضوع سياسي مذهبي. محاولاً افتعال مشكلة مع الحزب التقدمي الاشتراكي، باعتباره مرجعية سياسية للوزير الحلبي.

لم تكن مشكلة لبنان يوماً بالدستور او القانون، بل بمن تجاهل القوانين، وتدخّل في عمل القضاء، وحمى المرتكبين والفاسدين، وغطاهم بعباءة الطائفية والسياسة.

يبدو أن بعض من يدعو إلى بناء دولة في لبنان، ما زال يريدها على قياسه، ويسعى لتطبيق القانون على أخصامه، وباقي المواطنين فقط.

فيما يسارع إلى حماية بعض الموظفين المحسوبين عليه، قافزاً فوق القضاء وحكم العدالة والقانون.

لا بل أنه يهاجم القضاة إذا رفضوا الانصياع لإملاءاته، ورفضوا تدخله الشنيع، وتغطيته الفاسدين، الذين عاثوا خراباً بلبنان، وهدموا كل صروح البلد، وجنوا أموالاً طائلة من السمسرات والتعهدات والتنفيعات ، التي اغرقت لبنان بالديون، ودمرت اقتصاده، حتى وصل بهم الأمر  إلى المتاجرة والغش والرشاوى، في التربية والتعليم والثقافة والعدالة والقضاء، وكل شيء.

#إن لم تستحِ  إفعل ما شئت.

 

 

 

Back to top button