التحذير من الخداع العقاري في لبنان مع غياب القروض السكنية للعام الخامس على التوالي

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

على رغم غياب القروض السكنيّة للسنة الخامسة على التوالي، تتجه أنظار اللبنانيين إلى القطاع العقاري، فتراهم يسألون دومًا عن العقارات وأسعارها، خصوصًا أنّ الحاجة إلى تملّك شقق، تزداد لدى الفئات الشابة، كما أنّ حملة “الفريش دولار” يتحيّنون فرصًا قد لا تتكرر في أسعار محروقة. لوحظ، في الآونة الأخيرة، كثرة الإعلانات التسويقيّة المروّجة لبيع شقق ومنازل، عبر منصّات التواصل الاجتماعي، بعضها اشترط الدفع نقدًا، واللافت أنّ البعض الآخر عرض بيع شقق بالتقسيط مع دفعة أولى، ليتجاوز هؤلاء المطوّرون العقاريون مسألة عدم إعطاء قروض مصرفيّة سكنيّة، فيقبلون بالبيع لقاء دفعة أولى وأقساط شهرية. هل تُحرّكُ هذه المشاريع السوق العقاري؟ وهل عمليات البيع آمنة من خلالها؟ وهل عاود القطاع العقاري نشاطه؟

البيع رائج على الخريطة

رئيس نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان وليد موسى، لفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى لجوء المطوّر العقاري والشركات العقارية إلى إيجاد حلول آنيّة تمكّنهم من البيع، بظل الجمود الحاصل، كعرض بيع العقارات بالتقسيط، ما يجذب الشاري. ولكن تبقى مسألة مدّة التقسيط، وما إذا كانت تناسب القدرة الشرائيّة للشاري، لاسيّما وأنّ تقصير المّدة يرفع من حجم المبالغ الشهريّة. “العملية الأكثر رواجًا هي في الشقق قيد الإنشاء، إي بيع الشقق على الخريطة، بحيث يعرض المطوّر تقسيطها على مدى خمس سنوات، فتبدأ عملية التقسيط الشهري بالتوازي مع عملية البناء، وبعد انقضاء ثلاث سنوات يسلّم المطوّر الشقة إلى الشاري من دون تسجيلها، فيكون قد تقاضى ما يوازي كلفة البناء تقريبًا، وفي السنتين المتبقّيتين يتقاضى أرباحه. هذه المشاريع تحصل فعلًا، وتجذب فقط المقتدرين أصحاب الفريش دولار، الراغبين في الشراء، ولكنّها لا تناسب الغالبية العظمى من اللبنانيين المقيمين، لأنّ الأقساط الشهريّة تبقى مرتفعة جدًا، مقارنة مع الرواتب والقدرة الشرائيّة. من هنا لا يمكن لهذه المشاريع أن تحرّك السوق العقاري”.

موسى: لضمانات تحمي الشاري

الشراء عبر هذه المشاريع ليس آمنًا، يوضح موسى، والشاري الذي يتجرّأ على الإقبال للتملك وفق هذه العملية، يكون على معرفة شخصيّة بالمطوّر ولديه ثقة به، ولديه قبول بالمخاطرة “خصوصًا أنّ هناك العديد من الحالات المشابهة، حيث اشترى لبنانيون عقارات على الخريطة قبل الأزمة، ثم توقّفت ورش البناء خلال الأزمة، ولا زالت إلى يومنا هذا، وضاعت أموال الناس واستثماراتهم وحقوقهم، ولم يتمّ إيجاد حلّ لهذه المعضلة. من هنا نشدّد على أهمية تنظيم قانون تطوير العقار بفرض ضمانات، عبر إلزام المطوّر بتأمين يحمي الشاري في حال التعثّر، أو عبر حسابات  escrow account يدفع من خلالها الشاري إلى المصرف، ولا يتمّ تحويل المبلغ إلى المطوّر قبل التسليم، وهذه الضمانات بحاجة إلى قطاع مصرفي سليم”.

الأمين العام لجمعية منشئي تجار الأبنية في لبنان المهندس أحمد ممتاز نبّه في اتصال مع “لبنان 24” الراغبين بالشراء عبر هذه المشاريع، إلى آلية التنفيذ، ونصحهم بربط الدفعات بإنجاز مراحل البناء.

ممتاز: السوق العقاري يتحرّك والاستثمار ينتظر التسوية

يتعذّر معرفة حجم البيوعات العقارية، بفعل إقفال الدوائر العقارية، وقد أظهرت دراسة للدولية للمعلومات ارتفاعًا في تملّك غير اللبنانيين بمساحة 39 مليون متر مربع، حيث ارتفعت النسبة في نهاية العام 2023 إلى 39,358,879 مترًا مربعًا أي بمقدار 681,023 مترًا مربعًا ونسبة 1.76.

السوق العقاري شهد حركة في الآونة الأخيرة، مقارنةً مع السنوات الأولى للأزمة، بظل الحاجة إلى السكن، ولكن ليس بالأسعار التي كانت عليه قبل الأزمة يلفت ممتاز “وهنا لا نتحدث عن الطبقة الوسطى وما دون، التي تنتظر معاودة القروض السكنيّة والمصرفيّة. أمّا القروض الممنوحة من مصرف الإسكان فلن تشكّل حلًّا لهم، بظل تراجع القدرة الشرائيّة للمواطنين”. مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنّ نسبة مشاريع البناء في سنوات الأزمة لم تتجاوز الـ 10%. أمّا مرحلة الاستثمار في القطاع العقاري فلا زالت بحاجة إلى وقت.

يعوّل ممتاز على انعكاس أيّ انفراج على السوق العقاري “الذي أثبت أنّه قاعدة استثمارية مهمة” متحدّثًا عن مرحلة انتظار ما ستؤول إليه الأوضع في المنطقة خلال الشهرين المقبلين، وما إذا كانت ستتبلور التسوية الموعودة، إن لجهة نهاية الحرب أو انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة، وصولًا إلى حلول للأزمة المصرفيّة وإعادة ترميم الثقة مع المودعين.

الأسعار بحسب المناطق

تتفاوت الأسعار وفق توصيف المناطق وقاطنيها بين مقتدرين وذوي الدخل المحدود، يلفت موسى، وقد ارتفعت الأسعار بنسبة 25% في مناطق معينة،وبقيت على انخفاضها بنسبة 50% في مناطق أخرى.

من جهته يوصّف ممتاز السوق العقاري بغير التناسق في جغرافية لبنان، بحيث تختلف الأسعار بين المناطق وفق عوامل عدّة، أمنيّة وغيرها، كما وتختلف في المنطقة نفسها من بناية إلى أخرى. وقع عاودت الأسعار ارتفاعها عما كانت عليه، ووصلت في بعض المناطق إلى 25% لاسيّما في مشاريع في الواجهة البحرية لبيروت ومدن أخرى.

الإيجارات ترتفع 50%

الجمود في القطاع العقاري، وتراجع عمليات البناء والبيع، انعكس ارتفاعًا في بدلات الإيجار، يلفت ممتاز، حيث ارتفعت بنسة 50%، لاسيّما في بيروت ومدن وبلدات شمالية، كجبيل وجونيه وغيرهما، وساهم الضغط السكاني، نتيجة نزوح الأهالي من الجنوب، فضلًا عن مشابه من قبل نازحين سوريين، في زيادة الإقبال على استئجار الشقق.

Back to top button